نتنياهو بين رهاناته اليائسة وإخفاق جيشه ومقاومة ضارية أعدّت لحرب طويلة

‭}‬ حسن حردان
بات واضحاً من خلال ما انتهت اليه الجولة الأولى من العدوان على قطاع غزة، أنّ حكومة الحرب الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو فشلت فشلاً مدوياً في تحقيق أيّ هدف من أهداف عدوانها في شمال غزة، وأنها رضخت لشروط المقاومة في الهدن المؤقتة وتبادل الأسرى المدنيين، ولهذا فإنّ نتنياهو وقادة حربه يسعون من استئناف العدوان الى تعويض هذا الفشل والهزيمة، التي اعترف بهما المتحدث العسكري الإسرائيلي، من خلال التركيز في الجولة الثانية من العدوان على تحقيق إنجاز عسكري، وعلى قتل أكبر عدد من المدنيين والعودة الى تقسيم قطاع غزة الى ثلاث مناطق، وتشديد الحصار، وإقفال نهائي لمعبر رفح، وذلك بغية تحقيق ما يلي:
أولاً، زيادة معاناة أبناء غزة وتحويلها الى جحيم لا يستطيعون احتماله.
ثانياً، محاولة إجبار أكبر عدد من سكان غزة في الجنوب على اللجوء إلى سيناء هرباً من جحيم المجازر النازية الصهيونية والجوع وفقدان الماء.. في سياق الهدف الإسرائيلي لتهجير فلسطينيي القطاع وتكرار النكبة الفلسطينية، ومن ثم الانتقال لتكرار هذه العملية عبر تهجير أبناء الضفة الغربية الى الأردن.. وذلك لتصفية قضية فلسطين وحسم الصراع وتهويد واستيطان كامل أرض فلسطين…
ثالثاً، كسر إرادة الصمود الشعبي، التي أظهرها أبناء القطاع، ودفع سكان غزة إلى التوقف عن تأييد ودعم المقاومة وبالتالي حرمان المقاومة من بيئتها الشعبية الحاضنة بما يسهل على جيش الاحتلال إجبار قيادة المقاومة على الرضوخ للشروط الإسرائيلية لوقف العدوان، وهي:
1 ـ إطلاق سراح الأسرى من الضباط والجنود الصهاينة بدون قيد ولا شرط.
2 ـ نزع سلاح المقاومة،
3 ـ فرض خروج مقاتلي المقاومة من قطاع غزة على غرار ما حصل في بيروت خلال الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982..
لكن هل سيتمكن قادة العدو من تحقيق هذه الاهداف؟
الواضح كما تؤكد سير المعارك في جولتي العدوان الأولى انّ العدو وعلى الرغم من القصف الجوي والبري والبحري، وثلاث أسابيع من الهجوم البري، فشل في تحقيق أهداف هجومه في شمال غزة، باعتراف المتحدث العسكري الاسرائيلي بصعوبة الحسم في مواجهة مقاومة ضارية، فيما قالت القناة 13 الإسرائيلية: «فشلنا في شمال غزة والآن بدأنا نحاول في الجنوب، الفشل في الجنوب يعني انتصار حماس للأبد».
أما الآن فإنّ ساحة المعارك توسّعت وبات حجم خسائر العدو أكبر بكثير من خسائره التي تكبّدها في المرحلة الأولى، مع الإشارة إلى أنّ استئناف الهجوم البري لم يمض عليه سوى ثلاثة أيام، حيث قتل العشرات من ضباط وجنود العدو عدا عن أعداد الجرحى، فيما تمّ تدمير عشرات الدبابات والمدرّعات والآليات حسب بيانات الناطق باسم كتائب القسام، والتي أكدت مصداقيتها بالصورة التي أثبتت صحتها بشكل لا يرقى إليها الشك.. مما صدم قادة العدو وفضح أكاذيبهم، عن إنجازات وهمية، وعدم الإفصاح عن خسائرهم الحقيقية حتى لا تنعكس سلباً على معنويات جيشهم، وتحدث انقلاباً في موقف الرأي العام الإسرائيلي ضدّ استمرار الحرب…
على انّ المعارك التي تدور بين قوات الاحتلال وقوات المقاومة في جباليا والشجاعية، وخان يونس والمناطق الشرقية منها، تشهد باعتراف جيش الاحتلال ضراوة وشدة، نتيجة المقاومة الشرسة التي يبديها رجال المقاومة، مما يؤشر إلى أنّ حجم الخسائر التي يمنى بها العدو كبير، وما اعترافه بمقتل سبعة من الضباط والجنود أمس في جباليا والشجاعية فقط، إلا دليل على انّ العدد أكبر بكثير، فيما كتائب القسام تحدثت عن تدمير وإعطاب 24 آلية عسكرية يوم أمس فقط، وقنص العديد من الجنود، وتفجير حقل الغام بـ 18 جندياً، وتفجير منزل تحصّن فيه جنود العدو.. بينما واصلت المقاومة إطلاق الصواريخ على تل أبيب ومستوطنات غلاف غزة وأوقعت إصابات فيها.. هذه النتائج تشير بوضوح الى الآتي:
1 ـ انّ قوة المقاومة وقدراتها لم تتأثر رغم شدة القصف الوحشي الصهيوني.. فيما سجل استمرار الشعب الفلسطيني في صموده الأسطوري.
2 ـ انّ جيش الاحتلال لم ينجح، بعد مضيّ شهرين على شنّ حربه الإجرامية، في تحقيق أيّ من أهدافه التي أعلن عنها…
3 ـ بداية تآكل دعم الرأي العام الإسرائيلي لاستمرار الحرب واشتداد ضغط عائلات الاسرى الصهاينة اللذين يزداد تأييد الجمهور الإسرائيلي لمطالبهم بوقف الحرب، والعمل على إطلاق الأسرى حتى ولو أدّى ذلك إلى القبول بكلّ شروط المقاومة التي أعلنت أن لا تفاوض على تبادل الأسرى قبل وقف العدوان بالكامل وانسحاب جيش الاحتلال من غزة، وفك الحصار عن القطاع.. وهو لا يزال يرفضه نتنياهو، وقد أبلغ وفد العائلات بذلك.. الأمر الذي سيزيد من المعارضة الشعبية ضدّه ويرفع من منسوب الضغط على حكومته، مع توارد الأنباء عن استمرار فشل جيش الاحتلال في الميدان وسقوط المزيد من القتلى في صفوفه، واشتداد الخطر على حياة الأسرى من الجنود الصهاينة نتيجة القصف الصهيوني.. مما يزيد من قلق العسكريين الإسرائيليين والأميركيين المتقاعدين والذين يملكون الخبرة، من أداء الجيش الإسرائيلي وإخفاقه في مواجهة مقاومة أعدّت جيداً لخوض حرب العصابات وحرب الشوارع وبنت الأنفاق الدفاعية والهجومية وجهزت لحرب طويلة النفس لا قدرة للجيش الإسرائيلي على تحمّل كلفتها ولا طول مدّتها…
المصدر البناء

Exit mobile version