في مقهى على الرصيف (٩٧):

الكاتب: شذا نصار

⁃ ما هذا الذي يحصل يا كمال ؟ هل تتدحرج المنطقة نحو حرب أكبر ؟
⁃ صباح الخير أولاً … لماذا أراك خائفاً ؟
⁃ من الأحداث التي تكبر أمام أعيننا منذ السابع من تشرين حتى اليوم …
⁃ أشاركك الرأي في أن التطورات التي يفتعلها العدو هي مدعاة للقلق ، ولكن !…
⁃ إذن لست وحدي الذي يقلق من الاغتيالات التي تتوالى على المنطقة …
⁃ و الحق يقال إن الاغتيالات لم تولد اليوم ، ولا بعد ٧ تشرين ، إنها النهج الذي استخدمه العدو منذ دخل فلسطين حتى اليوم .. ألم تقرأ يا غسان في تاريخ فلسطين الكم الهائل من الجرائم و الاغتيالات التي قام بها الصهاينة ..؟
⁃ إنني أتحدث عن اليوم و الغد ، لا تذهب بي إلى ما مضى .
⁃ اسمعني جيداً ، إنها لعبة التاريخ يا غسان ، ومن لا يقرأ التاريخ يقع في غياهب المستقبل المجهول ، و يكون واحداً من ضحاياه..
⁃ لست جاهلاً يا كمال ، و لقد قرأت أن مصير الوسيط الدولي للأمم المتحدة الكونت فولك برنادوت كان القتل على يد عصابات الهاغاناه وأرغون بسبب اقتراحه وضع حد للهجرة اليهودية ووضع القدس بأكملها تحت السيطرة الفلسطينية …
⁃ (عليك نور) …هذا ما أردت قوله.. هذا ما حصل في العام ١٩٤٨ ، قبل تأسيس الكيان الغريب في فلسطين .. و استمرت الاغتيالات كأسلوب جبان للتخلص من زعماء القوى التي تحاربهم ، و تسعى إلى تحقيق العدالة ، و الدفاع عن الأوطان .
⁃ أفهم من تحليلك أن اغتيال العاروري هو استمرار لذلك النهج الذي أسميته بالجبان ؟
⁃ رغم ادعاءات العدو أنه يريد النيل من قادة حماس فقط ، إلا أنه اعتداء سافر على حرمة دولة لها كيانها ، كما أن الاغتيالات التي سبقت العاروري و جماعته لم تكن من حماس .. هل كان الموسوي من حماس ؟ أم السليماني ؟ و ماذا لو عدنا إلى أبو حسن سلامة ! أو أبو جهاد ؟ أو ياسر عرفات بذاته ..؟ إنه الأسلوب الغادر الجبان دوماً …
⁃ لي في ذلك وجهة نظر يا صديقي .. هل تعتبر الاغتيال السياسي غدراً و جبناً ، أم نجاحاً و تفوقاً ؟
⁃ من يفشل في الحرب العسكرية ، يدير معركته بأدوات مختلفة ..
⁃ لماذا لم ننجح في اغتيال قادتهم ؟
⁃ سؤالك يقودنا إلى حوار طويل ، ولكن يمكنني أن أشطره إلى موضوعين
⁃ الأول ؟
⁃ الموضوع الأول يطرح تساؤلاً عن الإمكانات المتاحة للعدو لتحقيق أهدافه.. هل يمكنك حصرها؟
⁃ يمكنني القول إن الاستخبارات القوية هي إحداها ..
⁃ وهذه الاستخبارات تعتمد على عناصر كثيرة دولية (كدول الغرب و على رأسهم أمريكا ، و تكنولوجية (الأقمار الاصطناعية ، و السوشال ميديا )، و بشرية ( وبمنتهى الأسف ينخرط هنا العملاء من أهل البلد )..
⁃ فعلاً يمكن استهداف الشخص ، و معرفة أماكن تواجده برشوة  أحد العملاء بمبالغ تكفي لإسكات ضميره ..
⁃ أضف إلى ما ذكرت أن العملية تحتاج بعد تعيين مكان الهدف ، إلى أدوات و ممرات آمنة للوصول إلى الهدف .
⁃ الصواريخ صارت في يد الجميع …
⁃ ولكن للأسف تعبر الطائرات و المسيرات من أجواء عربية لا تمنعها ..
⁃ هذا عن الموضوع الأول .. و ماذا عن الثاني ؟
⁃ الموضوع الثاني يتعلق بموقع الزعيم أو القائد بالنسبة لنا .. و القائد بالنسبة للعدو .
⁃ لم أفهم .. فسر يا عبقري التحليل هههه.
⁃ إن النظام الذي يدير الدفة في كيان العدو لا يعتمد على قائد معين أو زعيم فرد .. بل على منهج قديم و مدروس ، يعتمده الخلف عن السلف . و من يخرج عنه يعاقب ، و ينفذ فيه الحكم من الا سر ا ئيليين أنفسهم .
⁃ هل هذا يفسر قتل رابين ؟ وهل خرج عن مخططاتهم ؟
⁃ نعم لأنه وقع الصلح مع عرفات .
⁃ بالنسبة لي ألوم من لا يجيد التخفي من قادة المقاومة ..
⁃ أوافقك في هذا الرأي .. إذ أن الظروف  تستوجب أخذ الحيطة.. كما حصل منذ ……..
⁃ دعنا من التاريخ ، و لنعد إلى جريمة الاغتيال في الضاحية ، هل ستؤدي إلى اندلاع الحرب الأكبر ؟
⁃ إنها برأيي الاستفزاز الأكبر ، و الاختبار الأقوى لأعصاب المقاومة اللبنانية و لقوة احتمالها .
⁃ وهل ستؤدي إلى التدحرج إلى حرب عالمية ؟
⁃ اسمع يا غسان … لست من المحللين الاستراتيجيين لأدلي بدلوي في بئر السياسة العميق ..و لا فلكياً كميشيل حايك و ليلى عبد اللطيف ، لأرمي الكلام جزافاً .. و لكنني بفكري المتواضع ، و إصغائي للصادقين ، أرى أن الحرب و السلم في المنطقة ليستا في أيدينا كدول نامية و منهكة .. و لكنها كما نعرف جيداً بأيد أمينة مشدودة على الزناد ، لا تحب الحرب ، و لكنها لا تخشاها ..
⁃ وكما قال الوعد الصادق الميدان هو الذي يفرض الواقع ، و يدير الحدث .
⁃ و ما أخذ بالقوة .. لا يسترد بغير القوة .
                                                        

Exit mobile version