سيناريوهات هُدن غزة… وسِر دحلان؟

زاهر أبو حمدة

انتقل ملف العدوان على غزة من يد السياسيين إلى رجال الأمن. لذلك يجتمع في الدوحة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، مع رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس الاستخبارات العامة المصرية عباس كامل، يضاف إليهم سمير المشهراوي، ونائب رئيس تيار الاصلاح الديموقراطي في حركة “فتح” محمد دحلان. ويُجمع الجميع على تمديد إضافي للهدنة، لإدخال المساعدات الى غزة والافراج عن المزيد من الأسرى الاسرائيليين ومزدوجي الجنسية. وبالتالي هناك ثلاثة سيناريوهات لما بعد ذلك:
السيناريو الأول: العودة الى القتال. وهذا ما يروّج له الاحتلال لأنه حتى الآن لم يقدم أي انجاز ملموس يمكن تقديمه للجمهور الاسرائيلي. ووقف المعركة نهائياً سينعكس داخلياً لا سيما وأن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يلوحان بتفكيك الحكومة. ولذلك أعاد بنيامين نتنياهو، التذكير بأهداف الحرب الثلاثة، وهي “القضاء على حماس، وإعادة جميع المختطفين وضمان أن غزة لن تشكل مرة أخرى تهديداً لاسرائيل”. ويضيف: “حققنا في الأسبوع الماضي إنجازاً عظيماً جداً – عودة العشرات من مختطفينا. قبل أسبوع كان الأمر يبدو خيالياً، لكننا حققناه. لكن في الأيام الأخيرة كنت أسمع سؤالاً: بعد استنفاد هذه المرحلة من إعادة مختطفينا، هل ستعود إسرائيل إلى القتال؟ لذا فإن إجابتي هي نعم بشكل لا لبس فيه”.
ربما يكون كلام نتنياهو أداة للضغط على المفاوضات في الدوحة، ولطالما قال أموراً لم يلتزم بها. وإذا عاد القتال فسيكون وفق مسارين: إما أن يكون قصفاً جوياً محدوداً من أجل العودة الى المفاوضات بصورة مختلفة، أو أن يعود العمل البري وحينها سيتلقى جيش الاحتلال هزيمة أخرى لا سيما إذا حاول اقتحام جنوب القطاع وعند محور خان يونس تحديداً.
السيناريو الثاني: إعلان وقف إطلاق النار من طرف واحد. وهنا يعلن نتنياهو بعد الانتهاء من ملف الأسرى، وقفاً للقتال من جهته من دون تقديم ضمانات لعدم اعتقال الأسرى الفلسطينيين المُحررين أو اغتيالهم، وكذلك إبقاء قواته في شمال غزة واطباق الحصار على القطاع ومنع إعادة الاعمار أو دخول المساعدات، إضافة إلى بقاء الطائرات المسيرة في أجواء غزة ومن مهماتها اغتيال قادة المقاومة وعناصرها. هذا فيه صعوبة في التنفيذ لأن المقاومة يمكنها استئناف إطلاق الصواريخ، لكنه مطروح وفق آليات الاستنزاف لجميع الأطراف.
السيناريو الثالث: وقف شامل لاطلاق النار. يحصل بعد انهاء ملف الأسرى، والاتفاق على مستقبل غزة السياسي والأمني. هذا ما يطرحه دحلان، ويبدو أن الجميع يتوافق عليه وتبقى بعض التفاصيل. وتستند الخطة إلى أكثر من خطوة، تبدأ بـ”تبييض السجون” ومن ثم تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تعيد اعمار غزة وتنظيم انتخابات فلسطينية عامة، وهذا مقابل هدنة تمتد من 5 أعوام إلى 15 عاماً مع تقديم ضمانات أمنية للاحتلال ويكون الراعي مصر وقطر وتنضم إليهما لاحقاً تركيا والأردن والامارات، ويمكن أن تنتشر قوات محدودة في نقاط محددة عند حدود غزة. هذا المسار طويل، وتفاصيله يمكن أن تفجره في أي لحظة، لكنه يبقى الأقرب الى التنفيذ لا سيما وأن الولايات المتحدة ودولاً أوروبية وإقليمية تدفع نحو وقف تام لاطلاق النار وبعد ذلك يمكن التفاهم على ما سيحصل؟
مما لا شك فيه أن هذه الحرب، أعادت خلط الأوراق خصوصاً في المسرح الفلسطيني الداخلي. فعودة دحلان بقوة إلى الحضور بدعم عربي واضح، يجعل المشهد الفلسطيني منفتحاً على دوامات جديدة لا سيما داخل حركة “فتح” أو على عملية سياسية جديدة يحتكم فيها الشعب الى صندوق الانتخابات من دون مزايدات.

Exit mobile version