رضوان عقيل -“النهار”
على رغم خطورة المواجهات العسكرية في الجنوب بين اسرائيل و”حزب الله” لا يبدو حتى الآن انها ستتجه الى تصعيد اكبر مع توقع ان تحافظ على هذا الستاتيكو ولو استمر اكثر من وزير في حكومة تل ابيب في القول ان وقف إطلاق النار في غزة والتوصل الى هدنة ليس من الضرورة ان ينسحب على جنوب لبنان. وهذا ما يشدد عليه وزير الدفاع ال#إسرائيلي يوآف غالانت الذي ينشط لتثبيت هذه المعادلة التي ما زالت حتى الان في اطار التهويل والتهديدات. ويتهيأ “حزب الله” لهذا المعطى في حال اقدمت تل ابيب على تطبيقه ميدانيا لان المقاومة في هذه الحالة ستكشف عن ترسانة صواريخها في العمق الاسرائيلي.
وفي قراءة متوازنة لمسار الميدان على ارض الجنوب مع ترقب احتمال ارتفاع وتيرة الحرب، يتبين ان الطرفين هما في مرحلة “توازن الرعب” ولو كانت اسرائيل تملك كل هذه القدرات والامكانات العسكرية.
ومن الواضح حتى الآن وبقراءة هادئة ان لا مصلحة لاي جهة منهما في الإقدام على فتح مواجهة اكبر، ولو ان الحزب في أدبياته العسكرية والاستراتيجية يؤكد ان موعد “المعركة النهائية” مع اسرائيل لم يحن بعد، علما ان ماكينته الحربية جاهزة على الدوام لاي تطور عسكري اسرائيلي كبير والرد عليه. وكان الحزب قد تعرّض لاكثر من سؤال بعد عملية “حماس”: لماذا لم يقدِم على فتح مواجهة كبرى مع اسرائيل واستغلال ما خلّفه هجوم “7 اكتوبر” على اسرائيل؟
ويأتي رد الحزب بانه هو من يختار توقيت ما يفعله على الارض بناء على دراساته وامكاناته واستعداداته العسكرية في الميدان، وانه مرتاح لحصيلة كل ما قدمه منذ اليوم الاول للعدوان الاسرائيلي على غزة، مع التوقف عند تحليل نتائج كل الضربات التي نفّذها الجانبان واختبار قدرات الآخر ومعرفة نقاط ضعفه وقوته.
ويتوقف الحزب هنا عند الجهد العسكري الذي يبذله على ارض المعركة واختبار نوعية الاسلحة التي يستعملها ومعاينة الآثار التي خلّفتها ونتائجها من صواريخ مضادة ومسيّرات استطلاع وانقضاضية تقلق اسرائيل على المستويين العسكري والشعبي، مع الإشارة الى مسألة تمكن الحزب من اجبار عشرات الآلاف من المستوطنين في الشمال على مغادرة منازلهم ولو ان الضريبة نفسها يدفعها الجنوبيون في البلدات الحدودية. وتترقب الادارة الاميركية تطورات المواجهات ومفاعيلها من جهتي الجنوب وشمال اسرائيل حيث تقدّم هذا الملف بحسب مصادر ديبلوماسية على كل المواضيع اللبنانية المطروحة بما فيها انتخابات رئاسة الجمهورية، وان الادارة الاميركية جادة في العمل على ترتيب الاوضاع على الحدود وتثبيت مندرجات القرار 1701 والسعي الى انجاح المهمة التي يتابعها كبير المستشارين في البيت الابيض آموس هوكشتاين الذي سيعاود الدور الذي يلعبه عند التوصل الى وقف لاطلاق النار.
وتخلص قراءة الحزب الى انه ليس من مصلحة نتنياهو توسيع الحرب الآن لان حصول هذا الامر يعني بداية العد العكسي لمسيرته السياسية. وفي تقدير الموقف عند الحزب انه يدرس كل الخيارات التي سيخلص اليها نتنياهو في رفح التي قد يعمل جيشه على اجتياحها أم لا رغم خلافاته مع ادارة البيت الابيض والمسؤولين الاميركيين إذ لم يتجاوب معهم لجهة السماح للنازحين الى رفح بالعودة الى شمال غزة. ومن غير المؤكد بعد ما اذا كان نتنياهو سينفّذ تهديداته على أرض رفح مع تسليط كل الاضواء عليها وترقب المجتمع الدولي لما يدور على بقعتها الصغيرة والمحاصرة. ويرى قيادي في “حزب الله” ان الاميركيين لا يعارضون نتنياهو في القضاء على كتائب “حماس” في رفح وغيرها، لكن ما يهم واشنطن في مكان ما عدم إقدام الجيش الاسرائيلي على تنفيذ مجازر ضد المدنيين المشردين في رفح للحد من الضغوط التي تتلقاها الادارة الاميركية من الامم المتحدة والمجتمع الدولي، وانه في حال قرر نتنياهو وحكومته تنفيذ الهجوم على رفح وعدم التزامه بقرار مجلس الامن وقف اطلاق النار، فان هذا الامر سينعكس على اسرائيل ومواعيد زيارات لاكثر من مسؤول اسرائيلي على مستويات عالية الى واشنطن التي لم تمنحه الضوء الاخضر لاجتياح رفح بل وضعت له دفتر شروط خاصا لم يلتزمه نتنياهو حتى الان.
وفي خلاصة لما يدور في ميدانَي غزة والجنوب، لم يلاحظ رصد انفراجات او ولادة تسوية في وقت قريب مع توقع اكثر من جهة استمرار هذا النوع من المواجهات على خطورتها والتي لا يمكن فصلها عن انتخابات الرئاسة الاميركية والى حين موعد جولتها النهائية في تشرين الثاني المقبل. وحتى هذا الموعد سيتم تحديد مصير نتنياهو ويحيى السنوار والرئيس جو بايدن اذا كان سيبقى في البيت الابيض ام سيخلفه دونالد ترامب في هذا المنصب الذي يتسلمه الثاني في حال فوزه في 20 كانون الثاني المقبل. ولذلك من غير المستبعد ان تبقى احوال غزة وجنوب لبنان على ما هي الى حين إعلان نتائج الانتخابات الاميركية وما سترتبه من نتائج على اسرائيل وغزة ولبنان والمنطقة.