البطريرك طرح “أزمة وجوديّة” حول خسارة الموارنة رئاسة الجمهوريّة

الكاتب: كمال ذبيان

عظة البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في عيد شفيع الطائفة المارونية الكريمة مار مارون، كانت انذاراً، بان الموارنة في لبنان يمرون “بأزمة وجودية”، لان لبنان الذي أُعطي مجده لبكركي، يدق سيدها الجرس، بان ثمة خطراً على “الحضور الماروني” في لبنان، اذا ما سقطت رئاسة الجمهورية من الموارنة، بعد ان انتزعت صلاحيات منها، في اتفاق الطائف لمصلحة “الشريك المسلم السني”، الذي كان يشعر بأن رئيس الحكومة “باش كاتب” في القصر الجمهوري.
فتوصيف “الدويكا” للسلطة من قبل الراعي يعني ثنائية رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، وهو ما كان لافتا في كلام البطريرك الراعي، الذي يخشى من استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، فيضطلع بها “الثنائي الشيعي والسني”، وهو كلام جديد ويخرج للمرة الاولى من البطريرك، دون ان يتحمل السياسيون الموارنة ومعهم مرجعيتهم بكركي، مسؤولية عدم انتخاب رئيس للجمهورية، ويقول مصدر مقرب من الرئيس ميقاتي، انه اعلن مؤخراً من مجلس النواب اثناء مناقشة الموازنة، أن انتخبوا رئيساً للجمهورية و “خلصوني وحلو عني” وهو ما يكرره دائماً، وابلغ ذلك الى البطريرك الراعي الذي زاره منذ فترة، بأن مجلس النواب هو مسؤول عن انتخاب رئيس للجمهورية وليس الحكومة، فلماذا رمي الكرة في ملعب ميقاتي، الذي كان يرفض وضع بند على جدول اعمال اي جلسة لمجلس الوزراء، يستشف منه النيل من صلاحيات رئيس الجمهورية، حتى التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون لم يعتمده واحاله الى مجلس النواب، وصدر بقانون تم الطعن فيه، ولم يحصل على اجماع اعضاء المجلس الدستوري، فأين التعدي على صلاحيات رئيس الجمهورية، اذ من تقدم باقتراح قانون للتمديد، كان “كتلة الجمهورية القوية”، الملتزمة بحزب “القوات اللبنانية”، ونال القانون تأييد حزب الكتائب و “تيار المردة”، والبطريرك الراعي، فاعترض عليه “التيار الوطني الحر”، لاسباب خاصة، وليس لعدم وجود رئيس للجمهورية، كما يقول المصدر، لانه جرى الحديث باسماء من الضباط، لتعيينهم في منصب قائد الجيش، وهذا كان مطلب النائب جبران باسيل، او اعتماده تعيين الضابط الاعلى رتبة.

فما قاله البطريرك الراعي، ازعج عين التينة ايضاً، لان رئيس مجلس النواب نبيه بري، دعا الى 12 جلسة انتخاب، وقبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، فهل يكون اقفل المجلس، وهو الذي دعا الى اسبوع من الحوار والانتخاب في ايلول الماضي، فلم يوافق على الاقتراح الراعي نفسه، بعد ان كان ارسل رسالة تأييد له، يقول مصدر نيابي في “كتلة التحرير والتنمية”، فلم يكن سيد بكركي موفقاً بالحديث عن “الدويكا”، وهذه غير موجودة ابداً، وعليه ان يجمع الزعماء الموارنة ويسألهم عن سبب عدم انتخاب رئيس للجمهورية، وفي الجلسة الاخيرة في 14 حزيران 2023، الم يحصل تقاطع بين ما يسمى “معارضة” و “التيار الوطني الحر” على اسم جهاد ازعور، وحصلت الجلسة فنال ازعور 59 صوتاً ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية 51 صوتاً، ولو استمرت الجلسات مفتوحة، فالنتيجة ستكون هي هي.

فتحميل الرئيسين بري وميقاتي مسؤولية الشغور الرئاسي، ليس في موضعه، وقد اخطأ البطريرك الراعي، في تشخيص ازمة انتخاب رئيس للجمهورية، وتعاطت بكركي في هذا الموضوع، منذ البطريرك الراحل نصرالله صفير، وتقديم لوائح وجمع البطريرك الحالي الزعماء الموارنة الاربعة وهم: ميشال عون وامين الجميل وسمير جعجع وسليمان فرنجية، بعد الشغور الرئاسي، اثر انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، وكان اتفاق بينهم، بان من تتوافر له ظروف انتخابه رئيساً للجمهورية، فهو مرحب به، وفق ما يستعيد مصدر سياسي متابع لحركة بكركي، والذي يكشف ان البطريرك الراعي لديه لائحة اسماء، كانت تتسرب، ومن ابرزها العميد جورج خوري السفير السابق في الفاتيكان، فلماذا لا يعلن عنها، كما فعل البطريرك صفير سابقاً باذاعة اسماء مرشحين وقد يؤخذ بها او لا يؤخذ، اذ صناعة رئيس الجمهورية ليست لبنانية خالصة، بل هي دائماً خارجية، وهذا هو تاريخ انتخابات رئاسة الجمهورية منذ العام 1943، ولو لم يكن ذلك، لماذا وجود “اللجنة الخماسية” المكونة من اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، اليس هذا تقصيرا لبنانيا بانتاج رئيس جمهورية بتوافق او بالتنافس، وهذا ما لم يعرفه الاستحقاق الرئاسي سابقاً، الا ما ندر.
“فالدويكا”، كما “الترويكا”، تصبح مصطلحاً، عندما يغيب الدستور، وتدخل المحاصصات، ويزيد منها النظام السياسي الطائفي، “فالترويكا” اخرجها من التداول والممارسة الرئيس الاسبق اميل لحود، وهي نشأت في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي مع الرئيسين بري ورفيق الحريري، ورعاها ثلاثي سوري هو عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وغازي كنعان، وانتهى هذا العمل اللادستوري مع ثاني رئيس جمهورية بعد الطائف، واستمر، ولا يمكن ان تقوم “الدويكا”، وفق المصدر الذي يشير الى ان الدستور اعطى الحكومة مع الشغور الرئاسي، ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، وحصلت سوابق في ذلك، ومنها حكومة الرئيس تمام سلام.
فالمسألة سياسية وليست دستورية فقط، وان الحكومة تؤمن النصاب ووزراء “التيار الوطني الحر” يحضرون احياناً ويغيبون احياناً عن جلسات الحكومة، وينسقون مع الرئيس ميقاتي، وتحويل الشغور الرئاسي، الى ازمة وجود طائفة داخل النظام السياسي، ودورها في الكيان، يفتح الباب، امام طروحات خطرة، وان المشكلة هي عند الموارنة ومنذ نشوء الكيان، وقد قيل ان كل ماروني مرشح لرئاسة الجمهورية، وظهر هذا في الاستحقاق الحالي، اذ برز عدد كبير من الاسماء الصالح منه، والمنتهية صلاحياته، وللتخلص من هذه الازمة، فليكن رئيس الجمهورية مسيحياً فقط.
المصدر: الديار

Exit mobile version