كتب يوسف الصايغ في “دايلي ليبانون”:
على الرغم من كل الحشود العسكرية التي شهدتها المنطقة بحراً وبراً وجواً من قبل المحور الاميركي – الاطلسي للدفاع عن كيان الإحتلال بعد قيامه بإغتيال القائد العسكري في المقاومة الاسلامية في لبنان السيد فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية، وما تلاه من عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد اسماعيل هنية في طهران، الا أن رد المقاومة جاء في التوقيت الذي إختارته قيادة المقاومة في يوم أربعينية الإمام الحسين (ع) مع ما تحمله هذه المناسبة من رمزية خاصة في مفهوم الفداء والإيثار، حيث تم إطلاق تسمية “عملية الأربعين” على الرد الأولي الذي قامت به المقاومة الإسلامية ثأراً للشهيد شكر، والتي جاءت لتؤكد أن المقاومة وقيادتها لديها كامل القدرة للقيام بالرد على اغتيال قائدها العسكري وفي التوقيت الذي تحدده، غير آبهة بالتهديد والوعيد الذي أطلقه كيان الإحتلال ومن خلفه راعيه الأميركي ومن لف لفيفهم، فكان رد المقاومة في الميدان ومن خلال ضرب الأهداف التي تم تحديدها إنطلاقا من إرتباطها بعملية اغتيال القائد فؤاد شكر.
وفي الوقت الذي ظهر فيه قادة العدو السياسيين وفي مقدمهم رئيس الحكومة نتنياهو وغالانت حيث كان الوجوم يسيطر عليهم ما يعكس حجم الصدمة التي تعتريهم بعد تنفيذ عملية الرد النوعية للمقاومة، أطل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله حيث دحض كل ما حاول العدو ترويجه عن قيام كيان الاحتلال بعملية إستباقية مزعومة، حيث قام بتحديد عدد ووظيفة الصواريخ التي أطلقت من أجل تأمين مرور المسيرات الى اهدافها، الى باقي تفاصيل عملية الرد والأهداف الردعية التي حققتها، والتي لا زال كيان الإحتلال يلتزم الصمت حيالها بل يفرض تعتيما إعلاميا ويمنع المسؤولين من التصريح وإعطاء أي تفاصيل حول القاعدة المستهدفة في “عملية الأربعين” الثأرية.
وبينما يحاول البعض التقليل من أهمية رد المقاومة ويحاول تسخيف الأمور، يكفي أن قيادة كيان العدو سارعت بعد العملية للإعلان أنها لن تقوم بأي عمل عسكري إن كان حزب الله سيكتفي بهذا الحجم من الرد، ما يعني عملياً أن عملية الأربعين نجحت في ردع العدو عن القيام بأي رد على المقاومة، التي أوصلت عبر المسيرات والصواريخ الرسالة التي أرادت إيصالها الى كيان العدو ومن خلفه، ومفادها أن عمق كيان الإحتلال لا سيما العاصمة العاصمة تل أبيب دخلت في مرمى بنك أهداف المقاومة، حيث أن قاعدة الإستخبارات غليلوت المستهدفة لا تبعد سوى 1500 متراً عن عاصمة كيان الإحتلال.
ولعل ما يُكسب “عملية الأربعين” أهمية إضافية أنها جاءت بعد أيام على المشاهد التي بثتها المقاومة الإسلامية لمنشأة “عماد 4” والتي شكلت جزءاً من رسائل الردع التي وجهتها المقاومة الى كيان العدو الذي بات يدرك أنه أمام معادلات جديدة، لا تنفع معها التهديدات الإعلامية والحديث عن “عصر حجري” والى ما هنالك من مصطلحات، كان العدو يظن أنه من خلالها قادر على الحفاظ على تفوقه النوعي والعسكري، الا ان حقيقة الميدان باتت تكشف عن حقائق تسير عكس ما يشتهي كيان الإحتلال الغارق في وحول غزة ورفح.
كذلك فإن ما يواجهه كيان الإحتلال في الضفة الغربية من مقاومة يدفعه الى إعادة حساباته من مغبة الدخول بعمل عسكري لان ذلك سيفرض عليه عبئاً جديداً في الميدان، ومن هنا فإن “عملية الأربعين” بما حملته من رسائل ردع تضاف اليها رسائل “عماد 4″ باتت كفيلة بأن تدفع كيان الإحتلال الى مراجعة حساباته بدقة، ودفعه لعدم المغامرة بأي عدوان ضد لبنان لأن المقاومة لا يزال لديها الكثير من المفاجآت في الميدان، و”عملية الأربعين” ومنشأة “عماد 4” هما أول غيث رسائل الردع التي وصلت الى كيان العدو وفهمها جيداً دون أدنى شك، ما يعني أن معادلات جديدة فرضتها المقاومة في الميدان منذ عملية السابع من أكتوبر الى اليوم، ما يؤكد أن المقاومة نجحت في معركة النقاط في مواجهة حرب الإبادة التي يشنها كيان الإحتلال في غزة منذ أكثر من 10 أشهر، لكنه يبقى عاجزاً عن تحقيق هدف واحد من أهداف المعلنة منذ السابع من تشرين الاول الفائت وفي مقدمها القضاء على المقاومة في غزة، والتي فرضت بدورها معادلات ردع جديدة، الى جانب معادلات الردع في البحر الأحمر وجنوب لبنان وباقي جبهات محور المقاومة.