ليس من “تهريبة” في جلسة 9 كانون الثاني المقبل… وقد لا تشهد انتخاب الرئيس الـ 14 للجمهوريّة

ليس من "تهريبة" في جلسة 9 كانون الثاني المقبل... وقد لا تشهد انتخاب الرئيس الـ 14 للجمهوريّة

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:

يترقّب اللبنانيون ما الذي سيحصل في الجلسة الـ 13 لانتخاب رئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني المقبل، في ظلّ الانقسام الذي لا يزال قائماً بين القوى السياسية، لا سيما مع إعلان مرشّح “الثنائي الشيعي” رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، أنّه مستمرّ في السباق الرئاسي، في حين كان يُحكى عن سحب ترشّحه.

وإذ يعيش لبنان فراغاً رئاسياً مستمرّاً منذ انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022، لا يبدو أنّ الأميركي مستعجل للضغط على المسؤولين لانتخاب الرئيس، وهو يريد أن ينتظر ما ستؤول اليه الأوضاع السياسية بعد سقوط النظام في سوريا، ليبني على الشيء مقتضاه. فهل سيكون 9 كانون الثاني اليوم الذي ينقلب فيه المشهد الرئاسي، أم أنّ الفراغ سيستمرّ لفترة أطول؟!

تقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ الحديث عن حصول “تهريبة” في جلسة الانتخاب المرتقبة بين “الثنائي الشيعي” ورئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل، تؤدّي الى انتخاب الرئيس، يجعل بعض القوى مثل “القوّات اللبنانية”، وربما “الكتائب اللبنانية”، تُعيد النظر في المشاركة في جلسة الانتخاب أو مقاطعتها، لكيلا يُفرض عليها أمر واقع لا تزال ترفضه. فالنصاب القانوني المعتمد في جلسة انتخاب الرئيس هو ثلثا عدد النوّاب أي 86 نائباً من أصل 128 نائباً في البرلمان. على أن يفوز برئاسة الجمهورية المرشّح الذي يحصل على ثلثي عدد النوّاب في الدورة الأولى من الانتخاب، أو على الأغلبية المطلقة أي 65 صوتاً في الدورة الثانية والدورات اللاحقة.

ومن المعروف أنّ مجموع عدد نوّاب الثنائي والتيّار لا يصل الى 65 صوتاً، على ما تلفت المصادر ، بل يحتاج هذا الفريق الى أصوات بعض النوّاب المستقلّين وسواهم، لكي يتمكّن من الوصول الى هذا الرقم. لهذا فالحديث عن “تهريبة” ليس منطقياً، إلّا إذا كان الاسم الذي سيتمّ التصويت له سيتبدّل من الدورة الأولى الى الثانية، الأمر الذي يجعل بعض القوى السياسية ونوّاب “التغيير” يبحثون جديّاً مسألة تعطيل النصاب القانوني في الدورة الثانية وما يليها، في حال لم يتمكّن أي فريق من إيصال مرشّحه في الدورة الأولى، والتي تتطلّب 86 صوتاً. وهو أمر لا يزال شبه مستحيل، لأنّ أي اسم من الأسماء المطروحة التي يتمّ التداول بها يحظى بهذا العدد من الأصوات، في ظلّ فرض “الفيتوات”من قبل بعض القوى على اسم هذا المرشّح أو ذاك.

ولعلّ ما يعاني منه لبنان من الأزمة الاقتصادية، التي تشمل تدهوراً غير مسبوق في الوضع المالي والمعيشي، الى ضرورة البدء بإعادة إعمار المناطق المدمّرة جرّاء الحرب “الإسرائيلية” الأخيرة، يتطلّب رئيساً بمواصفات مختلفة. فالمطلوب أن يكون قادراً على تنفيذ الإصلاحات العاجلة، غير أنّه لا يبدو أنّ القوى السياسية توصّلت الى الاتفاق على اسم هذه الشخصية القادرة على قيادة المرحلة المقبلة، والتي هي مرحلة صعبة بطبيعة الحال، في ظلّ العجز المالي الذي يعاني منه البلد.

ويشير الوضع الحالي، الى أنّ جلسة 9 كانون الثاني لن تشهد اتفاقاً حول اسم الرئيس، على ما تؤكّد المصادر، رغم الجهود المستمرة من بعض الوسطاء المحليين والدوليين للوصول إلى توافق. ولهذا من الممكن أن يتم تمديد الفراغ الرئاسي لفترة أطول، إذا لم يتمكن النواب من التوصل إلى اتفاق حول مرشح توافقي، أي الى الربيع المقبل، على ما “بشّر” مستشار الرئيس الأميركي المنتخب للشؤون العربية والشرق أوسطية مسعد بولس، بقوله إنّه “يمكن للبنانيين أن ينتظروا بعد شهرين أو ثلاثة لانتخاب الرئيس”.

وترى المصادر السياسية أنّ القضايا المتعلقة بكيفية اختيار الرئيس والمواصفات المطلوبة للمرحلة المقبلة، والتوازنات الطائفية، تظل من العقبات الكبيرة التي تعيق التوصّل إلى حل في الوقت الراهن. ولهذا، فإنّ عدم وجود توافق على اسم مرشح واحد، سيجعل الخيارات مفتوحة أمام مجلس النواب، وهي إما الانتقال إلى جلسات جديدة من التصويت، حيث تتكرر المواقف نفسها، أو عدم الدعوة الى جلسة انتخابية بعد 9 كانون الثاني، الى حين تأمين التوافق على اسم مرشّح أو اسمين يتنافسان على المنصب الرئاسي.

وإذ كانت “المجموعة الخماسية” تُشدّد اليوم على أهمية انتخاب رئيس جديد للجمهورية لتجاوز الأزمات الراهنة، من الأزمة الإقتصادية، الى أزمة النزوح، الى إعادة إعمار البلاد وتطبيق القرار 1701 وتثبيت الحدود البريّة وسواها، على ما تضيف المصادر، غير أنّ الضغوط الخارجية من قبل الدول الخمس المعنية بالملف اللبناني، لا تبدو كافية حتى الآن لتحقيق التوافق السياسي في لبنان. وليس المطلوب أن تستمرّ هذه الضغوطات لكي يقوم المسؤولون بواجباتهم الدستورية التي يمليها عليهم الدستور اللبناني.

كما أنّ الحديث عن إجراء انتخابات نيابية مُبكرة، لا تجده المصادر عينها، حلّاً مناسباً لأنّ أحداً لا يضمن حصول أي تغيير، إنّما عودة المجلس النيابي نفسه، أي بتقسيماته الحالية. فالشريحة الشيعية التي خسرت الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وعدد كبير من قادة الصفّ الأول والثاني والثالث، ستكون أكثر تشدّداً في أي انتخابات مقبلة، وهي لن تتنازل عن التصويت لنوّابها، وإعادتهم الى البرلمان. من هنا، فإنّ التغيير الذي تنتظره دول الخارج قد لا يحصل في أي انتخابات نيابية جديدة، ما يجعل الأمر مضيعة للوقت.

وبناء عليه، تُرجّح المصادر أن لا تشهد جلسة 9 كانون الثاني انتخاب الرئيس الـ 14 للجمهورية اللبنانية، نظراً لاستمرار الانقسام الحاد بين الكتل النيابية حول اسم الرئيس، وإن كانت الاتصالات واللقاءات تتواصل بين بعض القوى. وترى المصادر أنّ لبنان لا يزال في مفترق طريق صعب، ويبدو أن التوافق السياسي بين القوى المختلفة بعيد المنال في الوقت الراهن. أمّا المشهد السياسي اللبناني، فسيكون مرهوناً في الأيام المقبلة التي تفصلنا عن جلسة انتخاب الرئيس، بقدرة القوى السياسية على تجاوز خلافاتها، والوصول إلى اتفاق يعكس المصلحة الوطنية في ظل الظروف الراهنة.

Exit mobile version