يبدأ الطفل تبعاً لنمو قدراته العقلية واللغوية بطرح الاسئلة على أمه، اقرب الناس اليه، وحب الاستطلاع أمر طبيعي عند الطفل، فهو يريد ان يتعرف الى الاشياء ويكتشفها بنفسه، وهذا يفرحه كثيراً. ونحن الكبار نعرف مقدار ما يجب ان يتعلمه في المستقبل، ونريد أن ننمي نزعته الى الاكتشاف لنحافظ على رغبته في التعلم مدى الحياة.
فطفل الثالثة يبدأ بالاسئلة كيفما اتفق وكأنه مسرور بقدرته على السؤال. فاذا طلبت منه أن يغسل يديه قال لماذا؟ واذا قلت له “صار وقت نوم” يسأل: لماذا؟ وعليه يجب ان تحاولي افهامه معنى السؤال وحدوده، أي ألا يستمر في قول “لماذا” كلما اجبته عن السؤال السابق…
أما طفل الرابعة فأسئلته اكثر جدية. انه يسأل عن مواضيع مهمة تدل على محاولة أمينة لفهم واقع الحياة. يسأل كيف تلد الأم. وما الفرق بين البنت والصبي؟ ومن أين يأتي المطر؟ وكيف يأتي الليل؟ ومن هو الله الخ… وهو كثير الاسئلة لأن هذه الأمور تشغل باله فيطول تفكيره فيها، وعليه فهل نعطيه الجواب الصحيح؟ وما هو الجواب الصحيح على هذه الأمور الكبيرة التي ما زال الانسان يحاول الاجابة عنها؟ أم نسكت؟ وهل ينفع السكوت؟ أم نلفق الجواب لاعتقادنا انه صغير لا يفهم؟ أم نُرجع الامر لأننا لا نعرف الاجابة. “الديار” ستساعدك على الاجابة:
كيف تجيبين عن اسئلة طفلك؟
ان عدم اجابة الاطفال عن اسئلتهم يجعلهم قلقين خائفين، عدا انه يحد من رغبتهم في الاستطلاع الضروري للتعلم كما ذكرنا آنفاً، فعليك اذن ان تجيبي عن الاسئلة عندما تطرح والا تقولي “ليس الآن”! أو… لماذا كثرة الاسئلة؟ أو… أسكت أو “عيب هالحكي” أجيبي الطفل بالحقيقة عما يسأل، وفي حدود سؤاله، لا اكثر مما سأل، ومن المهم جداً ان تقولي له الحقيقة، فحتى في حال عدم معرفتك قولي “لا اعرف، ولكنه سؤال جيد فلنسأل عنه” والدك او نحاول القراءة عنه، واغلب اسئلة الاطفال بين الرابعة والخامسة تكون:
يسأل الطفل عن العالم والله؟ وهنا تجيبين الطفل حسب اعتقادك الديني الخاص عما هو الله، فاذا سأل الطفل عن الليل والنهار فحاولي اعطاءه الجواب العلمي الصحيح بأن الارض تدور وهكذا تغيب الشمس عن بلدنا فتظلم الدنيا. ولا تكتفي بالقول ان الله خلق الليل والنهار، واذا سأل كيف ينزل المطر؟ فحدثيه عن تبخر الماء من البحر بسبب حرارة الشمس، واريه بخار ابريق الشاي وكيف تتجمع قطرات المياه على غطائه، فبهذا تتكون عند الطفل فكرة عن الطبيعة التي تساعده على ربط الاسباب بالنتائج. وهذا أساس التفكير العلمي الذي سيمارسه في المدرسة فيما بعد.
ويسأل عن الجنس: في هذه المرحلة من العمر قد يسألك الطفل كيف تلدين؟ وكيف يولد الأطفال؟ فبامكانك ان تخبريه أن الطفل يعيش في مكان خاص به في بطنك حتى لا يعتقد انه يكون في المكان المخصص للأكل. وانه يخرج من مكان خاص وجد خصيصاً لذلك. ولا لزوم لتفسير اكثر من هذا، لأنه في هذا العمر يكتفي بهذه المعلومات. اما أن تقولي له ان الطبيب اعطاك اياه في المستشفى، او انك اشتريته من السوق، فهذا يخيفه ويقلقه اكثر من الجواب الصحيح. ويسأل عن الموت. فمن الافضل اعطاؤه التفسير الصحيح بأن الانسان يغيب نهائياً عن الوجود بعد موته. ويمكنك شرح معتقداتك الخاصة بمصير الشخص المتوفي، لكن املنا ألا تقولي للطفل ان فلانا سافر وسيعود بعد بضعة ايام، لأنه سيظل ينتظر عودته، وحين يطول انتظاره دون جدوى، يدرك انك كذبت عليه ويتألم لذلك.
ماري الأشقر- الديار