كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
على رغم من كل المحاولات التي بُذلت لترميم العلاقة بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون، الّا أنّ هذه العلاقة لم تستقِم بل بقيت محكومة بأزمة ثقة مستفحلة، تتخذ أشكالاً مختلفة.
آخر أشكال الازمة بين «الوزير» و»القائد» تمثّلَ في تمديد «أحادي الجانب» أجراه سليم لسن تقاعد عضوَي المجلس العسكري اللواء الركن بيار صعب واللواء الركن محمد مصطفى، الأمر الذي اعتبره عون تجاوزاً للقانون وافتئاتاً على صلاحياته في آن واحد.
ولعل الاجتهادات المتباينة في ترسيم حدود الادوار والصلاحيات، تشكل احد الاسباب الاساسية للنزاع بين سليم وعون، إذ ان الأول يتصرف كما لو انه القائد الفعلي للمؤسسة العسكرية، بينما يعتبر عون ان صلاحيات وزير الدفاع محدودة جدا على المستوى التنفيذي وبالتالي لا يحق له أن يتعامل مع الجيش على قاعدة إصدار الاوامر او «نفّذ ثم اعترض».
من هنا، اختار عون ان يعترض ولا ينفذ كلما شعر بأن الوزير يخالف الأصول، فيما يصرّ سليم على عدم التنازل عما يعتبر انها حقوقه كوزير للدفاع.
وتؤكد مصادر معنية لـ»الجمهورية» ان عون منزعج من محاولات التشويش على المؤسسة العسكرية، فيما هي تواجه تحديات صعبة تستوجب التحلي بأعلى مقدار من المسؤولية الوطنية.
وتلفت المصادر إلى أن عون يعتبر ان الظرف الدقيق الذي يمر فيه لبنان، من الحرب في الجنوب الى ملف النازحين السوريين وما بينهما، يجب أن يدفع نحو تحييد الجيش عن المناكفات و«الحرتقات»، حتى يتفرّغ للمهمات الجسيمة المُلقاة على عاتقه لحماية الأمن والاستقرار.
وتؤكد المصادر أن عون، وانطلاقا من معرفته بثقل المسؤوليات في هذه المرحلة، يتفادى الانزلاق الى مهاترات جانبية مع وزير الدفاع ويحاول احتواء الخلاف بينهما، تفادياً لأي انعكاسات سلبية على المؤسسة العسكرية، «لكن هناك أمور تفرض عليه احياناً ان يتخذ الموقف المناسب».
وتشير المصادر الى انّ عون «حريص على حماية كرامة الجيش وتحييده عن التجاذبات السياسية، وهو مُمتعض من استسهال البعض تحويله مادة للأخذ والرد، في حين ينبغي أن يكون همّ الجميع تحصينه كونه من آخر صمامات الأمان التي يمكن الاتّكال عليها في هذه المرحلة المصيرية التي يمر فيها لبنان».
وتشدد المصادر المعنية على أن قرار عون بتخفيف عدد العسكريين المرافقين لعضو المجلس العسكري اللواء الركن بيار صعب إنما اندرج في إطار صلاحياته الطبيعية، ولم يكن رد فعل كيدياً على قرار وزير الدفاع بتمديد سن التقاعد لصعب وللواء الركن محمد مصطفى، «علماً ان ما فعله الوزير يشكل مخالفة واضحة اولاً لأنه يتعارض مع القانون الصادر عن مجلس النواب والذي يلحظ التمديد لقادة الاجهزة العسكرية والامنية حصراً، وثانياً لأن التمديد لم يأت بناء على اقتراح قائد الجيش كما تقتضي الأصول».
وتلفت المصادر إلى أن ليس هناك أي نص قانوني يُلزم بتخصيص مواكبة محددة لأعضاء المجلس العسكري، وبالتالي فإنّ الأمر يخضع لتقدير قائد الجيش.
وتحذّر المصادر من مخاطر تعطيل دينامية التطوع في الكلية الحربية التي لا ينبغي أن تكون ساحة لتصفية الحسابات، مشيرة الى ضرورة انتظام هذا العمل من أجل ضمان استمرار ضخ دم جديد في عروق المؤسسة العسكرية.
وتنبّه الى انّ اي خلل في دور الكلية الحربية ستظهر تداعياته مستقبلا على جسم المؤسسة العسكرية، ولذا من الضروري تدارك هذا الخلل تفادياً لآثاره السلبية.