كتب غاصب المختار في “اللواء”:
مع تسريب الإعلام العبري وبعض الإعلام الأميركي بعض التفاصيل عن التوجه الأميركي القائم لوقف الحرب في لبنان سواء من قِبل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن أو الرئيس المنتخب دونالد ترامب، ظهر ان كل ما يُطرح من مشاريع حلول تتبنّى كل المطالب والشروط ووجهة النظر الإسرائيلية لضمان أمن الكيان ومستوطنيه، مقابل مطالبة لبنان بإلتزامات لتطبيق القرار 1701 من جهة واحدة، ومحاولة فرض شروط عليه حول تراجع قوات المقاومة عن الحدود ومراقبة الحدود البرية جنوباً ومع سوريا بواسطة قوات اليونيفيل مدعومة بقوات أميركية وفرنسية ولو بصفة مراقبين لوقف إطلاق النار. عدا بنود أخرى مجهولة يجري التكتم عليها لأن الإعلان عنها أو تسريبها قد يطيح بكل المحاولة.
وأفادت معلومات «اللواء» أن التواصل غير المباشر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وموفد الرئيس بايدن اموس هوكشتاين استمر بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية عبر السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون، وأكد فيها هوكشتاين انه يواصل مهمته للتوصل الى صفقة تنهي الحرب، لكن من دون توضيح أو نفي التسريبات الإسرائيلية عما تتضمنه الاتفاقية الآحادية التي تجري بين الأميركي والإسرائيلي من وراء ظهر لبنان، ويحاولون فرضها على لبنان عبر الضغط العسكري التدميري.
لكن مصادر بري قالت إن النوايا الأميركية الإيجابية بحاجة لترجمة عملية. ولبنان متمسّك بما اتفق عليه بري مع الموفد الأميركي برغم ما يتردد عن تعديلات تجري مداولات حولها بين إسرائيل وأميركا. ونحن متمسّكون بالآلية التي نص عليها القرار ١٧٠١. وقف فوري وشامل لإطلاق وانسحاب إسرائيل من الأماكن التي دخلتها في قرى الحد الأمامي للحدود، والمباشرة بتطبيق دقيق وحرفي للقرار 1710، مؤكدة مجدداً ان حزب لله ملتزم بالقرار وفق مندرجاته وخصوصا آلياته، لكن المطروح من العدو لتغيير الآلية هو طرح مرفوض، وهدفه التشويش للاستمرار بالحرب والغارات على المدنيين، لا سيما لجهة تسريبات الإعلام العبري لشروط عن حرية التدخّل العسكري ومراقبة الحدود مع سوريا بحجة عدم تسلّح الحزب، وهذه شروط لا يقبل بها أي لبناني وليس الرئيس بري فقط. وأي خرق هو مسّ بمندرجات القرار لا يقبل به لبنان.
وأشارت المصادر المتابعة لما يجري الى ان ترتيبات الحدود يجب أن تتم وفق قرارات الأمم المتحدة عام 1949. ويمكن مناقشة ضم مراقبين أميركيين وفرنسيين لوقف إطلاق النار مؤقتاً حسب الضرورة كما حصل في تفاهم نيسان 1996.
وأشارت المصادر الى ما أعلنه وزير حرب العدو يسرائيل كاتس بأن الكيان لا يقبل إلّا بإنسحاب مقاتلي حزب لله خارج المنطقة الحدودية لوقف الحرب، وقالت: ان الضغط بالحرب لا يفيد فقد خسر جيش الاحتلال الحرب البرية ولن يستطيع تحقيق أي من شروطه بتدمير المدن والبلدات والقرى. وكل هذا الكلام الإسرائيلي هو للإستهلاك الداخلي. ولا يمكن أن يحصل تغيير بالموقف السياسي اللبناني الملتزم بحفظ السيادة.
وبالتوازي مع الاتصالات بدا من خلال غارات طيران العدو الإسرائيلي الكثيفة والعنيفة مؤخراً على مناطق الضاحية، لا سيما منطقة الشياح – الغبيري المحسوبة شعبياً على حركة «أمل»، ان الهدف هو محاولة «إقناع» الرئيس بري بالصفقة الاحادية بالضغط العسكري على جمهوره، خاصة ان غارات اليومين الأخيرين استهدفت مبنى «إذاعة الرسالة» والمقر الرئيسي لكشافة الرسالة قرب روضة الشهيدين في الغبيري، عدا الغارات التي جرت وتستمر على مدينة صور، وهي مدينة مؤسس حركة «أمل» الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، والغارات على بلدة بري ومسقط رأسه تبنين واستهداف منازل أفراد من عائلته.
وتقع الغارات التي استهدفت مناطق الجبل مؤخرا في قرى عاليه والشوف، في إطار الضغط أيضاً على مواقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط المؤيد لوجهة نظر بري حول وقف الحرب وتطبيق القرار 1701 من دون تعديلات. وثمة رسائل نارية مشبعة بالدم أرسلها العدو لجنبلاط عبر طيرانه بالغارات على بلدات الشويفات وبرجا وجون وضهور العبادية قرب بحمدون والجية وغيرها، عدا استهداف السيارات على طريق عاليه – الكحالة – عاريا – الجمهور، نظرا لرمزيتها وحساسيتها المسيحية.
لكن مصادر بري والحزب التقدمي الاشتراكي تعاطت مع هذه الرسائل النارية، على انها من ضمن المواجهة المفتوحة مع الاحتلال والتي بات كل لبنان خلالها مكشوفاً للعدو، ما يفترض تعزيز الصمود والتماسك الداخلي ومواجهة محاولات الفتنة بين الطوائف، وبين النازحين من الجنوب والضاحية والبقاع واهالي المناطق المضيفة التي تحصل فيها بعض التوترات البسيطة غير المبررة أحياناُ من قبل بعض النازحين.