الموت برداً… أحدث طريقة للقتل في غزّة

الموت برداً... أحدث طريقة للقتل في غزّة

كتب يوسف فارس في “الاخبار”:

لا تحمل المنخفضات الجوية في زمن الإبادة في قطاع غزة سوى المزيد من الموت. ويقوم الأهل بتفقّد أطفالهم عقب كل ليلة باردة، ليحصوا مَن تجمّد الدم في أوردته من البرد الذي أودى بحياة سبعة نازحين، كان آخرهم الطفل جمعة البطران البالغ من العمر 20 يوماً. هكذا، يتحول الموت من البرد إلى شكل القتل الجديد الذي يتسبّب به التهجير، ويثير الصدمة التي ستغدو في قادم الأيام أمراً معتاداً. أما لماذا الموت برداً؟ فلأن أكثر من مليون إنسان يعيشون في خيم مهترئة من البلاستيك والقماش، لا يمكن أن تصمد أمام المطر الغزير، هذا إذا نجت من الرياح الشديدة. وتقول المواطنة آمنة المصري في حديث إلى «الأخبار»: «في داخل الخيام، نسينا الشعور بالدفء»، مضيفة أن «المطر بدأ يشتد بعد العشاء. ظللنا في الخيمة، لكن كل الأغطية التي بحوزتنا لم تفد في تدفئتنا ولو قليلاً. تجمّدنا من البرد وغرقنا بمياه المطر وأمضينا الليل واقفين ومبلّلين». وإلى جانب المصري القاطنة في مخيم اليرموك غربي مدينة غزة، كانت عائلة الرضيع البطران تُخرج الأغطية المبلّلة في انتظار طلوع الشمس. وقالت الحاجة أم محمد، لـ»الأخبار»، إنها أمضت الليل بكامله مع عائلتها تبحث عن مكان يحميها من المطر. وأضافت أن «الخيام كلها غرقت، وخرجتُ لأول مرة في حياتي تحت المطر أدعو الله أن يحبسه عنا. إننا نموت من البرد».

المقاومة تستغل المنخفض الجوي لتنفيذ عمليات الالتحام المباشر مع الاحتلال

أما على الصعيد الميداني، فقد كثّف جيش العدو غاراته في مناطق شمال القطاع كافة، حيث عوّضت وسائط المدفعية في هذه الظروف الجوية، غياب طائرات الـ»كوادكابتر» والاستطلاع عن سماء القطاع الذي شهدت المناطق المحاصرة فيه، العشرات من الرمايات المدفعية. وزعم جيش الاحتلال أنه لاحق خلايا مقاومة حاولت الانسحاب من مخيم جباليا شمالي غزة. وفي مقابل ذلك، بدا أن ظروف الشتاء والمنخفض الجوي، مثالية جداً لتنفيذ عمليات الالتحام المباشر من قبل الأذرع العسكرية، إذ أعلنت «كتائب القسام» تنفيذ عملية مركّبة في مخيم جباليا، حيث تمكّن مقاتلوها من اقتحام نقطة عسكرية مستحدثة أقامها جيش الاحتلال في المخيم، وأجهزوا من مسافة صفر على 5 من الجنود، وأحرقوا دبابة «ميركافا» بطاقمها، واستهدفوا سيارة عسكرية كان في داخلها عدد من الجنود بالقنابل اليدوية وأوقعوهم بين قتيل وجريح. كما تحدثت الكتائب عن تدمير ناقلة جند بقذيفة «الياسين 105» وإيقاع طاقمها بين قتيل وجريح في بيت حانون شمالي القطاع. وأتى هذا في وقت أقرّ فيه جيش الاحتلال بمقتل أحد جنوده وإصابة آخرين في «حدث صعب» في مدينة بيت حانون. وذكرت وسائل إعلام عبرية أنه «في خلال الليل، وبينما كانت قوة إسرائيلية تنصب كميناً لمسلحين في المنطقة، رصدتهم قوة تابعة لحماس وتمكّنت من إطلاق قذيفة مضادة للدروع في اتجاههم، ما أدى إلى مقتل جندي من القوة ووقوع أربع إصابات خطيرة، من بينها إصابة ميؤوس منها». ومن جهتها، أكّدت «كتائب القسام» و»ألوية الناصر صلاح الدين» و»سرايا القدس» دكّ مراكز القيادة والسيطرة التابعة لجيش الاحتلال في مخيم جباليا بقذائف الهاون.

وفي ظل هذا الزخم العسكري، زاد الحديث في وسائل الإعلام العبرية وعلى ألسنة قادة المعارضة والمحلّلين العسكريين عن قرب انتهاء عملية جباليا، وعن فاتورة الدماء الكبيرة التي دُفعت خلال 80 يوماً، من دون أن تفضي إلى السيطرة التامة على المناطق التي دُمرت تماماً.

Exit mobile version