الترويج للتطبيع «بضاعة» إسرائيلية – أميركية لا مكان لها لبنانياً.. انتظار تشكيل اللجان الثلاث وتبلور مهامها: أمنية أم سياسية؟
كتب غاصب المختار في “اللواء”:
أي مشروع جهنمي للبنان يروّج له الاحتلال الإسرائيلي، بتلميح علني أميركي ودعم ومسعى من تحت الطاولة، عن وجود خطوات وتفاهمات أو اتفاقات حول تطبيق القرار 1701 وتنفيذ الانسحاب من النقاط المحتلة ومعالجة وضع الحدود وإطلاق سراح المعتقلين اللبنانيين، على أمل أن تؤدّي مستقبلاً الى التطبيع بين لبنان والكيان الإسرائيلي، وهو أمر لم يتبلغه لبنان رسمياً بعد، حسبما قال وزير الخارجية يوسف رجّي، معتبراً انه كلام صحافي وهذا الموضوع ليس مطروحاً نهائياً. لكنه مشروع يستبطن ما تفكر به إسرائيل فعلياً، مستفيدة من حالة الانقسام السياسي اللبناني بين راغب بعقد السلام وبين رافض له، ما يعني مزيداً من الانقسام والخلاف والتوتر السياسي.
وأكدت مصادر وزارة الخارجية لـ «اللواء» ان الوزير رجّي لا يجامل ولا يناور في تأكيده ان لبنان لم يتبلغ أي أمر له علاقة باحتمالات التطبيع، وكل ما يطرحه هو تطبيق آلية وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 وانسحاب الاحتلال من النقاط التي يحتلها واستعادة المعتقلين.
واللافت ما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر مطلع على المفاوضات الحدودية، تأكيده أنّه «لا توجد أي محادثات بشأن التطبيع بين لبنان وإسرائيل، وإن الحديث عن التطبيع يُعَدّ أمراً بعيد المنال»، مشيراً إلى أنّ «هذه الادّعاءات يمكن أن تضر بالمحادثات الحالية، التي تركز على ترسيم الحدود».
وجاء هذا الكلام بعد أخبار تم تداولها في القناة «الـ 12» الإسرائيلية، التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين قولهم: «نسعى للتطبيع مع لبنان، والمحادثات الأخيرة حول الحدود ووقف إطلاق النار هي جزء من هذه الخطوات».
وأفادت معلومات بأنّ الاعلان عن تشكيل اللّجان الثلاث المكلَّفة حل النقاط العالقة مع إسرائيل يأتي «استكمالاً لتطبيق القرار 1701، وأنّ كل ما يُحكى عن أن تشكيل هذه اللجان مقدمة للتطبيع» معلومات عارية من الصحة»، وهذه اللجان ستهتم بالمسائل العالقة، وهي قضايا الحدود والنقاط المتنازع عليها منذ عام 2006. وأيضاً النقاط الخمس التي احتلتها إسرائيل بعد الحرب وقضية المعتقلين.
لكن ما اثار التساؤل والمخاوف حول المسعى الأميركي والإسرائيلي هو ما أعلنته الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس ان اللجان الثلاث تضم دبلوماسيين ما يعني ان المناقشات حول الانسحاب الإسرائيلي ووضع الحدود ستتناول حسب التلميح الأميركي مناقشات سياسية حول مصير الوضع المتعلق بالصراع برمتّه، ومن ضمنه عقد اتفاق سلام أو تسوية أو تطبيع تدريجي. وعلى هذا بات على الدولة اللبنانية انتظار تشكيل هذه اللجان وتبلور مهامها، هل هي تقنية – أمنية أم سياسية وماذا سيكون دور الدبلوماسيين فيها كما قالت هورتاغوس وإسرائيل؟ وكذلك انتظار تحديد موعد انطلاق عملها ليبني لبنان على الشيء مقتضاه ويحدد الموقف الذي يناسب مصلحته الوطنية العليا، بعيداً عن التأثيرات الإعلامية والترويج الإسرائيلي.
وبات واضحاً ان لا في لبنان ولا في الكيان الإسرائيلي، من يعتقد انه يمكن بهذه السهولة، ولو تحت الضغط السياسي والاقتصادي والمالي والإعماري الأميركي والضغط العسكري الإسرائيلي، أن يذهب لبنان الى التطبيع أو الى أي تسوية سياسية مع الاحتلال من دون حل القضية الفلسطينية – العربية، ولو ذهب بعض العرب الى التطبيع المبكر. فلا زالت الأغلبية العربية ترفض التطبيع قبل حل الصراع عبر إقامة الدولة الفلسطينية، كما ان لبنان الرسمي والشعبي والسياسي لم يصل بعد الى مرحلة التفكير بإقامة أي سلام أو تسوية سياسية مع كيان الاحتلال.
ومع ذلك، ما زال التعاطي المحلي لدى البعض مع موضوع التطبيع مدار تعليقات وتحليلات وتأكيدات كأنه حاصل لا محالة، بينما لبنان الرسمي يتعاطى مع الموضوع كأنه لم يكن ولا يضعه في حساباته، بل يركّز على آلية تنفيذ القرار 1701 وانسحاب الاحتلال وإطلاق سرح المعتقلين، بحيث يتم لاحقاً البحث في موضوع تثبيت الحدود البرية الجنوبية وفق مراسلات لبنان الى الامم المتحدة وموقفه الرسمي القائم على تطبيق اتفاق الهدنة لا غير.