كتبت جويل بو يونس في “الديار”:
في غمرة الاحداث الاقليمية وحرب غزة المفتوحة منذ 7 اوكتوبر، وجبهة الاسناد الجنوبية الداعمة منذ 8 اوكتوبر، وبعدما كان الجميع قد أيقن ان لا انتخابات رئاسية لبنانية في المدى المنظور، رغم كل المبادرات والحراكات السابقة، وبعد فترة جمود ديبلوماسي فرضه تطور مسار الحرب وجبهة الاسناد، فجأة برز الى الواجهة تحرك ديبلوماسي بارز قاده بداية سفير مصر علاء موسى بزيارة لافتة بتوقيتها ومضمونها الى المفتي عبد اللطيف دريان، حيث اعلن بعد اللقاء عن بوادر ايجابية باتجاه اعادة تحريك الملف الرئاسي. أضاف موسى “اتفقنا على أن الفترة المقبلة سيتم إعادة الزخم في ما يخص الملف الرئاسي، وإن كنا نحن “كخماسية” أو حتى أعضاء “الخماسية” يولون أهمية كبيرة لهذا الملف، وإن شاء الله الفترة المقبلة تشهد المزيد من التحرك الإيجابي في هذا الملف”.
توازيا، برز ايضا تحرك لافت للسفير السعودي ولي البخاري باتجاه عين التينة، حيث كان ملف الاستحقاق الرئاسي طبقا اساسا على طاولة المحادثات، وقد اعقب لقاء عين التينة اجتماع خارج الاراضي اللبنانية وتحديدا على ارض الرياض، التي شهدت على اجتماع ضم المستشار في الامانة العامة لمجلس الوزراء لشؤون الخارجية المكلف ملف لبنان الوزير المفوض نزار العلولا والموفد الفرنسي جان ايف لودريان، بحضور السفير السعودي وليد البخاري. فهل من مستجدّ طرأ على خط الاستحقاق الرئاسي، فأوجب هذه الاجتماعات اللافتة على ارض المملكة العربية السعودية ؟ وما الذي دفع بـ “الخماسية” للتحرك من جديد؟
المعلومات من مصادر موثوقة تؤكد ان لا جديد استجد، وحراك “الخماسية” المستجد يرتبط بتهدئة الوضع على جبهة الجنوب، فبعدما كان الجميع مترقب لرد حزب الله على اغتيال القائد فؤاد شكر اتى الرد مدروسا، ما هدّأ من تصعيد الجبهات، فرأت “الخماسية” ان هذا الجو مناسب للتحرك واعادة احياء الملف الرئاسي.
وبحسب مصادر مطلعة على جو “الخماسية”، فلا مبادرة جديدة ستطرحها، واجتماع الرياض لم يخرج باية نتيجة ملموسة باستثناء محاولة العمل لاعادة الزخم لملف الاستحقاق الرئاسي. وفي هذا السياق، اوضح سفير مصر علاء موسى في اتصال مع “الديار” انهم لا يزالون ينتظرون عودة السفراء من الخارج، بعدما تواصلوا مع عواصمهم لعقد لقاء في الاسبوع الثاني من الشهر الحالي، من دون تحديد مكان انعقاد اللقاء. واشار الى ان تحركهم راهنا يأتي في اطار قرارهم باعادة التركيز على الملف الرئاسي ووضعه اولوية، بعدما لمسوا رغبة لدى الاطراف اللبنانية ولو بدرجات متفاوتة، بالانتهاء من هذا الملف اذا كانت الفرصة سانحة.
وتابع سفير مصر بان هذه الاجواء الداخلية تترافق مع اجواء خارجية، تشدد على وجوب الانتهاء من الملف الرئاسي سريعا، لكن الجميع مدرك ان هذا الامر يتطلب عملا وارادة والغوص في تفاصيل عدة. وقال: المهم ان نتفق على المبادئ العامة، والتي يقوم أساسها على ضرورة النقاش والتشاور اما بشكل مباشر او غير مباشر، على ان تفضي اية عملية تشاور الى انتخاب رئيس، وان يبقى هذا الامر تحت الاطار الدستوري.
وكشف سفير مصر بانه سيلتقي قبيل اجتماع “الخماسية”، وتحديدا يوم الثلاثاء رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، لنستمع منه تقييمه للوضع بعد خطابه الاخير ونتحرك بعدها. وجدد التأكيد ان هناك رغبة من “الخماسية” ومختلف الاطراف بالتحرك الى الامام، لكنه حرص بالمقابل على التشديد على ان “هذا هو خطوة اولى، لعل الزخم الموجود يساعدنا للتغلب على بعض الصعوبات”.
وحول اية مبادرة ستنطلق منها “الخماسية” باجتماعها المقبل، واذا كانت ستركن لمبادرة الرئيس بري، قال موسى : لا نحتاج لمبادرات، بل لنقاش الافكار المطروحة، فكل مبادرة من اي طرف جيدة، لكن المشكلة تكمن بكيفية التوفيق بما يضمن مصلحة كل الاطراف مع تطبيق العناصر الاساسية، وبالتالي فنحن سنعمل على الافكار المطروحة بهدف خلق ارضية تلبي الحد الادنى لطلبات كل طرف. وختم متمنيا ان يلاقي حراكهم المرتقب تفاعلا بدرجة اكبر من الداخل والخارج.
وفيما رفض سفير مصر الكشف عن تاريخ اجتماعهم المقبل، افادت المعلومات ان الاجتماع المقبل “للخماسية” سيكون يوم السبت في 14 ايلول، ويحكى ان من سيستضيف هذا الاجتماع هو السفير الفرنسي لا السعودي.
على اي حال وبانتظار ما قد ينتج عن الحراك الجديد “للخماسية”، يعلق مصدر موثوق مطلع على جو الثنائي الشيعي على كل الحركة التي تحصل بالقول: ” لا اساس صالحا للقول بان هناك تقدما ما او خرقا استوجب تحركا خارجيا فلا شيء يبنى عليه، ولاسيما ان موازين القوى المحلية بالداخل لم تتغير، باستثناء حالة فصل او استقالة النواب الاربعة من “التيار الوطني الحر”، وهذا الامر لا يكفي ليعدل موازين القوى لصالح مرشحنا رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية.
ويكشف المصدر بان التحرك الفرنسي – السعودي المستجد يجري بمنأى عن الجانب الاميركي، الذي يبدو انه غير مبال بهذا الحراك راهنا، وبالتالي فالحراك المستجد لا يحظى بتنسيق او مبارة اميركية، لان همّ الاميركي الاول هو وقف الحرب على جبهة الجنوب. وعليه، نرى ان هذا الحراك مفتعل وغير جدي، ولا نتوقع اي خرق رئاسي بالمدى المنظور لا بل يمكن ان نوصّف حال الملف الرئاسي بكلمة “صفر”.