الاخبار الرئيسيةمنوعات

85 في المئة… الرّقم “السحريّ” للإنتاجيّة؟


هل تساءلتم يوماً عن حجم المجهود الذي يجب بذله لتحقيق أهدافكم؟ في السابق، قامت النصيحة على أساس أنّ بذل 100 في المئة من المجهود سيحقّق بطبيعة الحال كامل الهدف. اليوم، بات يعدّ ذلك نوعاً من الخيال، إن لم يكن نوعاً من الإضرار بأهدافكم، وحتى بنوعيّة حياتكم.

يقارن أحد الفيزيولوجيين هذا الأمر برفع الأوزان الثقيلة حتى إنهاك العضلة تماماً. ويقول لراشيل فينتزيغ من صحيفة “وول ستريت جورنال” إنّ إنهاك العضلة بالكامل لن يؤدّي إلى تضخّمها بالمقارنة مع التوقف قبل ذلك بفترة صغيرة.

الحيلة – سواء كان ذلك في التمارين الرياضية أو أيّ شيء آخر – هي محاولة الوصول إلى 85 في المئة من المجهود. غالباً ما يجعلنا السعي إلى الكمال نشعر بالسوء والاحتراق ومواجهة نتائج عكسية.

حذارِ الثنائيّات المطلقة

لا نحتاج إلى رؤية أعمالنا أو صحتنا أو هواياتنا ثنائياً، إمّا مثالية أو فاشلة تماماً، تتابع فينتزيغ.

كانت مديرة العمليات في إحدى شركات التصوير الفوتوغرافي في مانهاتن شيري فيليبس تشكو بعدما تعثرت في تحقيق أحد أهدافها الشخصيّة اليوميّة: “لقد أفسدت الأمر بالفعل”.

في 2022، بدأت فيليبس بتتبّع مقاييس محدّدة كجودة نومها ووقت ممارسة تمارين القلب في جدول بيانات مفصل. فقط بعدما تحولت إلى تحقيق نجاح بنسبة 85 في المئة على مدار أسبوع، تمكّنت من الالتزام بجهودها، بدلاً من الاستسلام عندما كانت تخطئ في إحدى العلامات.

تغيّر العصر

في فترة مضت، ربّما تمكّن الرؤساء التنفيذيون الذين يبشرون بالمثاليّة الشاملة من تحقيق ذلك بالفعل، كما يقول غريغ ماكيون، مؤلّف أعمال ومدون صوتيّ كتب عن سبب اعتبار نسبة 85 في المئة هدفاً متناغماً. لكن في الآونة الأخيرة، انفجرت نقاط المقارنة والخيارات المتاحة في حياتنا.

نقرأ عن وظيفة أحلام شخص آخر على “لينكد إن” ونشاهد أماً تحضر وجبة غداء مثالية لطفلها على “تيك توك” ثم نتصفّح آلاف المنتجات على “أمازون”. غالباً ما تعني المقارنة المستمرة عدم وجود نتيجة نهائية جيدة بما فيه الكفاية. حتى البحث، على سبيل المثال، عن أفضل مظلّة لنشتريها، يمكن أن يصبح مهمة تستهلك وقتاً طويلاً.

يقول ماكيون: “سوف نستنزف أنفسنا… إنّها استراتيجية سيّئة”.

إذا اتخذتم قراراً باستخدام 85 في المئة فقط من المعلومات، فالنتيجة هي مزيد من الوقت لأشياء أخرى.

أزمة وجوديّة

يقول ستيف ماغنيس، عالم فيزيولوجيا التمارين الرياضية الذي يقوم بتدريب المديرين التنفيذيّين والرياضيّين على الأداء: “ثمة الكثير من الأشياء غير المهمة التي تدخل في تحقيق أداء بنسبة 100 في المئة”. ويضيف أنّه عندما نهتمّ كثيراً، حتى التفاصيل الصغيرة تبدو كأنها “أزمة وجودية”.

عندما ألقى الخبير الاقتصاديّ كريشنامورثي سوبرامانيان واحداً من أول خطاباته الرئيسيّة لوسائل الإعلام بصفته كبير المستشارين الاقتصاديين للحكومة الهندية، استعدّ للأمر ولكنه حاول ألا يبالغ بالتفكير فيه بحسب فينتزيغ.

يقول سوبرامانيان الذي يشغل الآن منصب مدير تنفيذيّ في صندوق النقد الدولي ومقره واشنطن العاصمة: “إنّه التوازن المعتدل. 85 في المئة ليس تراخياً”.

عندما لم يظهر اثنين من عروضه البيانيّة على الشاشة في اللحظة الأخيرة، ذكّر نفسه بأنّ الخطاب سيكون مقبولاً حتى ولو لم يكن مثالياً.

أنت دقيق بالكامل؟… إليك النبأ السيّئ

في ورقة بحثيّة سنة 2019، استخدم باحثون التعلّم الآلي لمحاولة العثور على مستوى الصعوبة المثاليّ من أجل تعلّم أشياء جديدة. الشبكة العصبية التي أنشأوها والتي هدفت إلى محاكاة الدماغ البشريّ تعلّمت بشكل أفضل عندما واجهت طلبات بحث تصل درجة صعوبتها إلى 85 في المئة، ما يعني أنها أجابت عن الأسئلة إجابة صحيحة بنسبة 85 في المئة من الوقت.

يقول مؤلّف الدراسة والأستاذ المشارك في علم النفس والعلوم المعرفيّة في جامعة أريزونا بوب ويلسون إنّه إذا كانت المهمّة صعبة للغاية فسيصاب البشر بالإحباط. ويضيف: “إذا لم ترتكب أي أخطاء مطلقاً فأنت دقيق بنسبة 100 في المئة، حسناً، لا يمكنك التعلم من الأخطاء”.

يشكّك المؤسّس والرئيس التنفيذي السابق لسلسلة مطاعم بانيرا رون شايش في الأشخاص الذين يحقّقون 100 في المئة من أهداف المكافآت أو توقّعات المبيعات. هو يتساءل عمّا إذا كانت الأهداف منخفضة للغاية. يقول إنه ينبغي عليهم أن يكونوا طموحين بدرجة كافية حتى لا يصلوا دائماً إلى أهدافهم.

الآن أصبح شايش مستثمراً وعضواً في مجلس إدارة ومؤلفاً لكتاب أعمال مقبل يؤكد أنّ نسبة 80 في المئة تساوي نجاحاً وهو مقتنع بأنّ معظم الشركات لا تصل حتى إلى هذا الرقم. حقّقوا 80 في المئة وسوف “تبلون بلاءً رائعاً”.

لماذا فعلَتْ ما فعلتْه قبل عرضها الموسيقيّ؟

قبل سنوات، تعلمت غريس أوينغ، بصفتها مستشارة في شركة “باين” قاعدة “80-20”.

أصبحت أوينغ الآن مدرّبة قيادة ومستشارة للاستراتيجيّة، وقد بدأت مؤخراً في تعلم العزف على البيانو.

قبل أداء معزوفة مؤخراً، قرأت كتاباً وذهبت إلى الكنيسة بدلاً من قضاء ساعات إضافيّة في العزف.

عندما حان وقت الأداء، لعبت المعزوفة جيّداً، وفي الواقع، استمتعت بها.

تقول أوينغ: “عليك أن تتحلّى بالحكمة، لتعرف متى تتوقف”.

زر الذهاب إلى الأعلى