كتبت فاطمة شكر في “الديار”:
لا يختلف اثنان ان تضحيات الشعب الفلسطيني منذ احتلال العدو لهذه الأرض جسيمة، ولن يختلف احد على ان ما جرى منذ السابع من اكتوبر وحشية وجرائم جماعية ارتكبت ضد الشعب الفلسطيني، لكن ومهما جرف “تسونامي الموت” ملامح غزّة وأهلها”، إلا أن ما كان يُخطط لمنطقتنا أكبر وأكثر خطورة ودموية، وصولاً إلى القضاء على أقدس القضايا في عالمنا العربي…
مصدر مسؤول وواسع الاطلاع في “المقاومة الإسلامية” أكد أن “الكيان الصهيوني لم يستوعب حتى اللحظة أن قوة المقاومة تتصاعد، والتهديد الذي تشكله على كل الجبهات بات تهديداً وجودياً، في مواجهة خارطة الطريق “الصهيو- أميركية” لتصفية القضية الفلسطينية، ثم القضاء على المقاومات”. وكشف أنّ ما قبل طوفان الأقصى وقفت الإدارة الأميركية شبه عاجزة أمام ثلاثة تحديات اقتصادية أمنية وإيديولوجية، أولها “الصعود الصيني السريع”، وثانيها “الأمن والعسكر والإرهاب”، أما ثالثها وأخطرها “المقاومة والإسلام السياسي”.
وتابع المصدر أن واشنطن وضعت لهذه التحديات ثلاثة مسارات للمواجهة، بداية من إشغال الصين بأزمات مستجدة في محيطها الجيوسياسي، والثاني يتمثل بـ”شيطنة روسيا”، أما الثالث وهو أيضاً الأخطر، ويقوم على قاعدة “ضم الدول العربية إلى محور التطبيع”. لكن أمام تنفيذ مسارات المواجهة الأميركية، وقف عائق وحيد قائم على العقيدة والمعتقد، لذا كان لا بد من القضاء عليه، وهو تصفية القضية الفلسطينية، للإنصراف نحو التنفيذ الفعلي لبنود المخطط واحداً تلو الآخر.
واكد المصدر نفسه ان فجر 7 من أكتوبر 2023 كان فجر التحولات مع عملية طوفان الأقصى، التي قلبت الطاولة على المشروع “الصهيو- أميركي” كاملاً، لذا استفرست واشنطن وأدارت بدقة يوميات العدوان الصهوني المستمر على غزة ورفح والوجود الفلسطيني ككل منذ 10 أشهر. وشدّد المصدرعلى أنه بعدما ثبت الفشل العسكري “الإسرائيلي” في تحقيق الأهداف، وفي مقدمتها القضاء على المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان، وأمام دخول مقاومتي اليمن والعراق على الخط، تحولت أميركا نحو المسار السياسي علّها تحفظ ماء الوجه، وتصل إلى بعض ما كانت تسعى لتحقيقه عسكرياً.
وأشار المصدر إلى الإخفاق الأميركي تبعه إخفاق “إسرائيلي”، حيث بدأت إدارة الرئيس جو بايدن برفع راية الاستسلام والسعي إلى إنهاء الإجرام الصهيوني من خلال”صفقة”، علّها تضمن إعادة انتخابه لفترة رئاسة جديدة، أو أقله وصول أحد مرشحي حزبه الديموقراطي إلى الرئاسة، وهو ما يشكل إخفاقاً كبيراً بمطلق الأحوال، من هنا تعمل “إدارة بايدن” على قاعدة “الكحل أفصل من العمى”، بتسهيل خروج الرئيس من البيت الأبيض بـ”صفقة” ولو “دموية”، خير من الخروج “صفر الإنجازات”.
وأكد المصدر انه على ” الصعيد الصهيوني، فإن رئيس حكومة اليمين “الإسرائيلي” المتطرّف بنيامين نتنياهو يرغب في الاستمرار بالسلطة، والظهور على هيئة بطل قومي، لذلك يراهن على كسب المعركة ولا يريد ختامها باتفاق، أو أيضاً لا يريد وقف الحرب خوفاً من القضايا العامرة التي تنتظره، وقادرة على إنهاء مسيرته السياسية ورميه خلف القضبان، من هنا يظهر أن الانتقال إلى الشمال وارد لخلط الأوراق، وتحقيق اهداف استراتيجية”.
واعتبر المصدر أنّ “الصهيوني” يبدو حالياً كَمَنْ يمارس خداعاً استراتيجياً، حتى انه سرق أسلوب المقاومة بالترتيب لعملية طوفان الاقصى، وهو أسلوب خداع نجحت فيه المقاومة حين أشغلت الضفّة، وأوهمت العدو أنّ قدراتها لا تتعدّى تلك الحدود، لتنفذ يوم السابع من أكتوبر هجوماً قلب كل المعادلات، وكان خارج التوقعات والاستراتيجيات.
وسأل المصدر: هل تنجح “إسرائيل” وحلفائها في محاولة خداعها الاستراتيجي، الذي يمكن أن ينطوي على سيناريوهات عديدة منها: تنفيذ ضربة استباقية وسط الحديث عن عدم التوجه نحو التوسع، أو اجتياح لبنان والذي تستبعده التحليلات حتى اللحظة؟ يجيب المصدر: ما لم تستوعبه “إسرائيل” حتى اللحظة هو أنّ قوّة المقاومة تتصاعد، وبالتالي لا وقت للمناورة، ولا مجال للفوز بمحاولة خداع استراتيجي بائسة، حضّر محور المقاومة الرد المناسب لها ولغيرها من السيناريوهات.