65 صوتاً في الدورة المقبلة “زياد شبيب”
المصدر :النهار
يدور مؤخراً حديث عن انتخاب رئيس بأكثرية 65 صوتاً من #مجلس النواب أي بالغالبية المطلقة وليس بغالبية الثلثين، ومرة جديدة يثير هذا المسعى أسئلة دستورية تتعلق بالغالبية والنصاب المطلوبين في عملية الانتخاب.
بصرف النظر عما إذا كان اعتماد نصاب الثلثين في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية متوافقاً مع الدستور أم لا، سبق القول بأن اعتماد ذلك النصاب لا يمكن أن يكون جزئياً بل أن ينبغي أن يكون النصاب متحركاً كما أن الغالبية المفروضة للانتخاب متحركة. فعلى رغم عدم نص المادة 49 من الدستور على وجود نصاب للجلسة جرت العادة في التطبيق على وجوب تأمين نصاب لانعقادها وذلك على قاعدة مفادها أن الجلسة يكون نصاب انعقادها مطابقاً الغالبية المطلوبة فيها. ولما كانت الغالبية المطلوبة لانتخاب الرئيس غالبية متحركة، “ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي”. فإن اعتماد النصاب لجلسة الانتخاب ينبغي أن يكون متحركاً كما هي الغالبية، وإلّا كان مبدأ فرض وجود نصاب للجلسة غير صحيح لأنه إما أن تُعتمد قاعدة التطابق بين الغالبية ونصاب الجلسة أو لا تُعتمد، ولا يصحّ اعتمادها جزئياً. هذا المنطق ليس معتمداً على رغم صوابه، وما يزال نصاب الثلثين مطلوباً في دورات الاقتراع كافة.
خلال الأشهر الماضية جرت الدعوة بدايةً إلى جلسة أولى وجرى اختتامها، وقد أسفرت عملية فرز الأوراق عن وجود 63 ورقة بيضاء، هذه الأوراق تبين مؤخراً أنها تعكس عدد الأصوات التي تدلّ على أحد المرشحين وهو الوزير السابق سليمان فرنجية كما كشف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حديث صحافي، هذا الكشف يوضع في خانة القول بأن المرشح المعني قريب من تأمين 65 صوتاً. ومن ثم صارت الدعوة إلى جلسة أخرى سمّيت جلسةً ثانية وبعدها جلسات ثالثة ورابعة… وجرى اختتامها أيضاً بانتظار الدعوة إلى جلسة جديدة.
السؤال الذي يُطرح، هل إن دورات الإقتراع التي حصلت في تلك “الجلسات” هي دورات تعتبر جميعها وكل منها دورة أولى، أم أنها دورات اقتراع ثانية وثالثة وعاشرة… والجواب على ذلك يتطلب العودة إلى منطق الدستور والتمسك به وليس إلى الممارسة التي تجافيه.
المجلس منعقد دستورياً لانتخاب الرئيس وعلى النواب البقاء في المجلس حتى انتهاء العملية الانتخابية، لأن الدعوة إلى انتخاب رئيس الجمهورية دعوةٌ واحدة، وجلسة الانتخاب جلسةٌ واحدة، وليس في الدستور جلسات انتخاب إنما دورات اقتراع متعددة تستمر في جلسة واحدة مهما طال أمدها حتى انتهاء العملية بفوز أحد المرشحين. ويترتب على ذلك وجوب إعطاء التوصيف الدستوري الصحيح للجلسات والدورات التي حصلت، وهذا التوصيف لا يأخذ بالممارسة التي اعتُمدت بل ينطلق من الدستور لأن العمل البرلماني يجب أن يُطابق الدستور ولا يمكن الأخذ بما يخالفه وإلّا اعتُبر ذلك تعديلاً للدستور.
إن دورات الاقتراع التي حصلت لا يمكن وصفها بأنها جميعها “دورة أولى”، بل إن تلك التي حصلت في ما سُمّي بالجلسة الأولى هي فقط الدورة الأولى، أما الدورة التي حصلت في ما سُمّي جلسةً ثانية فما هي إلّا الدورة الثانية، وبالتالي كان قد أصبح ممكناً ومنذ تلك “الدورة الثانية” الفوز بالرئاسة بالغالبية المطلقة أي بخمس وستين صوتاً. وبالتالي إذا التأم المجلس غداً بنصاب الثلثين، وإن لم يكن متحرّكاً، وأجريت دورة اقتراع فهي لا تكون دورة أولى، وإذا حصل فيها أي مرشح على 65 صوتاً يكون رئيساً منتخباً.