الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

جلسة ضبابية غدا وعون يواجه عقبة الـ50 نائباً

كتبت ندى اندراوس في “المدن”:

تكاد تكون الانتخابات الرئاسية اللبنانية الوحيدة، ربما منذ الاستقلال، التي تبدو صورتها ضبابية. اذ لا يوجد مرشح تمّ التوافق عليه مسبقاً ليتم تتويج هذا التوافق من خلال انتخابه رئيسا للجمهورية في مجلس النواب، ولا مرشحين نهائيين، يذهب النواب إلى التنافس على الاقتراع لأحدهم، كما سبق وفعلوا في جلسة انتخاب فرنجية – أزعور. بهذا التوصيف اختصر مصدر سياسي رفيع مقرب من الثنائي أمل وحزب الله المشهد الذي يلف جلسة الخميس الرئاسية.

عون رئيساً؟
لا يبدو أن الساعات الاخيرة التي تسبق جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس تكفي لبلورة صيغة توافقية نهائية. لا غالبية نيابية مضمونة بامكانها إيصال رئيس للجمهورية، لاسيما في الدورة الانتخابية الأولى التي تتطلب انتخاب الرئيس بـ 86 صوتاً، العدد الذي يحتاجه قائد الجيش العماد جوزاف عون، والفرصة الوحيدة له ليصبح رئيساً للجمهورية بغالبية الـ 86 بدورة وحيدة هي الاولى، فقط لا غير.
فالعماد عون، كموظف فئة أولى في موقعه في قيادة الجيش، لم يتنحّ قبل الانتخابات بستة أشهر، وليس قائدًا أسبق للجيش. لذا لا يمكن أن ينتخب رئيساً إلّا بالدورة الاولى بتصويت الثلثين على الاقل، ليصبح انتخابه بهذا العدد بمثابة تعديل الدستور بغالبية الثلثين، لتشريع وصوله إلى الرئاسة الاولى.

العدد المطلوب غير مؤمن حتى الساعة. على الرغم من حركة الموفدين العرب والاجانب، ولاسيما الموفدين السعودي والاميركي، وعلى الرغم من اللقاءات المكثفة التي عقدت مع مختلف القوى السياسية والقيادات ، الا أن هناك عقبة تحول دون حصول قائد الجيش على الـ 86 صوتا في جلسة الانتخاب، حتى اللحظة.

اذ أوضحت مصادر سياسية لـ”المدن” أن “هذه العقبة تتمثل بتكتل من خمسين نائباً على الاقل.

خمسون نائباً يرفضون انتخاب قائد الجيش، وهم يتوزعون على كلّ من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، اللتين تشكلان بالاضافة إلى النائب جميل السيد 31 نائباًً، وتكتل لبنان القوي الذي يضم 13 نائباً بالاضافة إلى نائبين آخرين من حلفاء الممانعة محسوم عدم تصويتهما لعون، والنائب بلال الحشيمي، ونائبي الطاشناق، وحتى الوزير النائب جورج بوشيكيان.”

وبالتالي خمسون نائبا حتى الان، من أصل 128 يقطعون الطريق على حصول قائد الجيش على 86 صوتا. أي أقل من عشرة أصوات للحصول على أغلبية الثلثين تطيح بقائد الجيش، على الرغم مما يحظى به من دعم عربي ودولي غير مسبوقين لمرشح رئاسي لبناني.

أما كلام وفيق صفا عن عدم وجود فيتو على قائد الجيش فلا يعني بالضرورة أن نواب الحزب سينضمون الى الكتل التي ستنتخبه، انما يتعلق بخصوصية العلاقة بين الجيش والحزب، لا أكثر ولا أقل. لذا، تؤكد مصادر الثنائي “أن مجلس النواب لن يعدل الدستور، لاسيما بغياب رئيس للجمهورية وفي ظل حكومة تصريف أعمال. كما أن موقف أمل وحزب الله موحد في ما خص تعديل الدستور والاقتراع للمرشح ذاته.”

تقاطع الممانعة التيار
تقول مصادر نيابية لـ”المدن” أن المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري لا يزال مرشح تقاطع الثنائي التيار. لكن هذا لا يعني أن البيسري سيكون رئيسا بأكثرية الثلثين في الدورة الانتخابية الاولى، أو رئيسا بأكثرية الـ65 صوتا في دورة الانتخاب الثانية.

“يبقى البيسري مرشح تقاطعنا، ولكن لا ننفي أن هناك مرشحين آخرين مطروحون ومقبولون من تقاطعنا، ونترك البحث في كل الاحتمالات التي بحثناها من ضمن أولوياتنا. لن نكشف كل الاوراق. تبقى الامور مرهونة بتطورات اتصالات الساعات الاخيرة التي تسبق الجلسة.”

لكن هل جهاد أزعور من بين هذه الاسماء؟
كما سبق وكشفت “المدن” فإن اسم جهاد أزعور برز الى الواجهة مجدداً وقد يكون من الاسماء التي قد يتقاطع عليها الثنائي مع التيار الوطني الحر وغيره من الكتل. وقد عاد أزعور في الساعات الاخيرة التي تسبق جلسة الخميس، ليتقدم على كثر من المرشحين المطروحين تحت عنوان “التوافق”، الى جانب آخرين كزياد بارود، الذي يفضل التيار الوطني الحر أن يكون الى جانب أزعور أحد المرشحين الذي يقبل به الثنائي ولا يشكل تحديا له وفي الوقت نفسه، قريب كما أزعور الى المجتمع الدولي. .

عون أو لا أحد
في اللقاء الصباحي حول مائدة الفطور بضيافة النائب فؤاد مخزومي، كما في لقاءاته الاخرى، لم يذكر الموفد الاميركي آموس هوكشتاين اسم قائد الجيش صراحة كمرشح رئاسي. لا هو ولا حتى النواب الحاضرين. “لكن الاشارات كانت واضحة في مقاربة الزائر الاميركي حول قائد الجيش من خلال حديثه عن المواصفات والشروط التي يريدها الخارج لملاقاة الدولة اللبنانية الى نصف الطريق” بحسب ما كشفت مصادر من التقوا هوكشتاين وشاركوا في فطور مخزومي.

بالنسبة الى الولايات المتحدة، كما بالنسبة الى غيرها من الدول المهتمة بالملف اللبناني ولاسيما المملكة العربية السعودية وفرنسا، فان المعالم الرئاسية واضحة: الرئيس المقبل للبنان الجديد في منطقة تنتقل الى مرحلة جديدة، هو رئيس سيادي، اصلاحي، نظيف الكف، يتعاون مع صندوق النقد الدولي، يسهر على تنفيذ القرار 1701 وفق الالية التي أوقفت الاعمال العدائية بين اسرائيل وحزب الله. يعيد السلاح، كل السلاح وعلى كافة الاراضي اللبنانية الى حضن الشرعية. يعود الى روحية اتفاق الطائف كما أٌقر في التسعينيات، والى تطبيقه بكافة مندرجاته، وليس كما طبق انتقائيا خلال فترة الوصاية السورية الى اليوم، وليس على طريقة تكريس أعراف، كالثلث المعطل، والتوقيع الثالث، والحقائب السيادية.

بمعنى أوضح، “رئيس يطيح بكل الممارسات التي سادت بقوة السوري، ومن ثم بقوة الاستقواء بالسلاح والتعطيل والتسويات التوافقية كتسوية الدوحة. ”

ردا على الكلام الذي قيل بالمباشر أو سرب اعلاميا، أكد الموفدون أن الخيار طبعا هو للبنانيين وللنواب لمن ينتخبون. ولكن في المقابل، يبقى التقدير للدول التي تساعد لبنان من ضمن الخماسية وبناء على طلب سياسييه، للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي، أن تقرر حجم المساعدة والدعم للبنان في المرحلة المقبلة.

تقول مصادر سياسية ” فهمنا بوضوح أن لا المجتمع العربي ولا الدولي يمكن أن تنطلي عليه أساليب التذاكي التي لا يزال البعض يراهن عليها، ولا أحد مستعد أن يقدم أي دعم مجاني.

هذه الطبقة التي تحكم منذ التسعينيات ولم تنفذ المطلوب منها للنهوض بالبلد منذ انهيار العام 2019 ، والتي تريد اليوم الدعم الخارجي لاعادة الاعمار، لن تحصل على شيكات على بياض. وللدول المعنية أن تقرر طبيعة وحجم الدعم انطلاقا من أي حكم تريد هذه الطبقة. بدءاً من انتخاب الرئيس، وأي رئيس، مرورا برئيس الحكومة المقبل، وأي رئيس حكومة، وصولا الى الحكومة وأعضائها وأي برنامج عمل لاي لبنان.”

هوكشتاين قال كلمته ومشى: صحيح أن هوية الرئيس خيار داخلي لبناني. لكن الاصلاحات تبقى أولوية والمساعدات مشروطة. والخارج يريد رئيسا يلتزم بشروط بناء دولة تواكب المرحلة الاقليمية الجديدة، ويضمن عدم تعطيل تنفيذها.

على أي حال، هي ساعات حاسمة الى حين أن يقرع جرس بدء جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. فاما أن ينجح المجلس النيابي في انتخاب رئيس للجمهورية قد يكون قائد الجيش أو من يشبهه بالمعايير التي يريدها الخارج، كشرط لمساعدة لبنان في المرحلة المقبلة. واما انتخاب رئيس يبقي لبنان معزولا عن كل المتغيرات التي تشهدها المنطقة، فيزداد تدهوره على كل المستويات. أو لا رئيس في الوقت الراهن لغاية في نفس بعض القوى، ورهاناتها على متغيرات قد تحملها توازنات اقليمية متجددة، وهذا أمر مستبعد. أو على حسابات ترتبط بدخول الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الابيض في العشرين من كانون الثاني الحالي، وهذا وارد.

لكن وسط هذه الحسابات، هل يمكن المجازفة بحجم الانعكاسات السلبية على البلد، اذا تم تطيير النصاب وطير النواب فرصة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية في زمن التحولات الشرق أوسطية الكبرى؟.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى