فرنجية بعد تبدد فرصه: انا أو الجنرال عون
كتبت ندى اندراوس في “المدن”:
على إيقاع التطورات الإقليمية المتسارعة والمتغيرات التي لا بد وأن تفرض نفسها على التحضيرات الجارية لانتخابات الرئاسة في لبنان، استقطب مرشح بعينه الاهتمام والمتابعة خصوصاً بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وفي هذا الإطار يروي أحد كبار المعنيين بالاتصالات الرئاسية والحراك الذي يشهده الملف في الفترة الأخيرة لـ”المدن”، أنّ وفداً من حركة أمل يرأسه المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل زار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في بنشعي.
أنا أو قائد الجيش
الزيارة أتت في الشكل لشكر فرنجية على وقوفه إلى جانب الثنائي في الحرب الأخيرة. لكن في المضمون فقد حملت الرسالة التي نقلها حسن خليل لفرنجية، ما مفاده: أنّ فرنجية لم يعد مرشّح الثنائي، أو أنّه لم يعد له من مكان في السباق الرئاسي، في ظلّ التطورات الحاصلة والمتغيرات بعد الحرب.
المصادر أصرّت على ما روته وتابعت بالقول “أن حسن خليل دعا فرنجية إلى التعاون مع الرئيس بري وحزب الله والقوى الأخرى، وأن يكون شريكاً في مقاربة الرئاسة والتوافق على رئيس”. كما كشفت أنّ “فرنجية تلقّى أيضاً اتصالاً من حزب الله حمل المضمون نفسه.”
بعد البيان الأول الذي تلاه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من عين التينة الذي طالب فيه بوقف إطلاق النار وتطبيق الـ1701 وانتخاب رئيس توافقي، توجه فرنجية على عجل إلى عين التينة ليسأل الرئيس بري عن مصير تبنّي ترشيحه.
وقتها خرج مطمئِناً، وأعلن أنّ بري أبلغه أنّه لا يزال مرشّح الثنائي وحلفاءه. وتوضح المصادر “أنّ ما لم يقل في الخارج قيل في اللقاء. فعندما أدرك فرنجية أنّه أصبح خارج السباق، قال لبري أنّه سينتخب قائد الجيش العماد جوزف عون إذا أُخرج هو فعلاً من السباق الرئاسي.”
طي صفحة فرنجية أزعور
اليوم المؤشّرات كثيرة على أنّ ترشيح فرنجية كما ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور أصبحا من الماضي. إحد هذه المؤشّرات هو الحراك الذي أضيف إلى التحركات السياسية الأخرى، والذي يقوم به النائب فريد هيكل الخازن.
اللافت أنّ الخازن يجول وحيداً من دون أعضاء التكتل الوطني المستقل الذي يضم نجل فرنجية النائب طوني فرنجية.
مصادر مطّلعة على محادثات الخازن قالت لـ”المدن” “إنّه يشدّد “على أن يكون الرئيس المقبل نابعاً من الحضن المسيحي وليس طرفاً بين المسيحيين. رئيس يطمئن المكوّن الشيعي في الوقت ذاته، يكون مقبولاً من الغرب، وعلاقاته جيدة مع العرب”.
المدن علمت أيضاً أنّ الخازن الذي يدرك كما غيره أنّ “حظوظ رئيس تيار المردة ضعفت إلى حدّ كبير، تواصل مع صديقه سليمان فرنجية ووضعه في جو حراكه”.
وبعد لقائه كتلة الاعتدال والنائب باسيل، سيستكمل جولته على الكتل والقيادات الأخرى، لاسيّما الكتل الأساسية، كما سيزور معراب للقاء قائدها الدكتور سمير جعجع، في مسعى منه لتقريب وجهات النظر حول الرئاسة والعمل على توافق على مرشّح يجمع عليه أكبر عدد ممكن من الكتل النيابية.
العين على معراب
في غضون ذلك، العين على ما يطبخ في معراب والحراك الذي بدأته القوات اللبنانية. مصادر مطّلعة تلفت إلى أنّ “القوات بدأت حراكاً جديا للترويج لرئيسها سمير جعجع كمرشّح رئاسي جدي”. وفي المعلومات الخاصة للمدن، أنّ جعجع أرسل أكثر من رسول وأكثر من رسالة باتجاه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لمفاوضته على السير به رئاسياً”.
تقول أوساط كانت قد سألت عن مدى جدية ترشح جعجع لـ”المدن”: “أنّ قائد القوات اللبنانية يراهن على الوقت للضغط باتجاه فرض نفسه مرشّح أمر واقع. ويحاول جعجع تطيير جلسة التاسع من كانون الثاني من خلال العمل على ألّا يكون موعد الجلسة موعداً نهائياً وحاسماً لانتخاب رئيس. وهذا ما عكسه في موقفه عندما قال أنّ تكتّله يشارك في الجلسة ولكن ليس من الضروري أن يُنتخب رئيس في تلك الجلسة.”
أكثر من ذلك، كشفت الاوساط أنّ جعجع أبلغ أحد زواره أنّه يراهن على أنّه ما بعد التاسع من كانون الثاني وعند فشل الجلسة في انتخاب رئيس، تصبح حظوظه فعلية وتصبح الساحة السياسية محكومة بوجوده كمرشّح لا يمكن أن يتجاوزه الآخرون.
تمسّك بري بأحد الجنرالين
لكن العقدة لا تقتصر على حسابات جعجع الرئاسية. فالرئيس بري أيضاً لا يزال يتمسّك بطرح أحد الجنرالين، أكان الياس البيسري أو جورج خوري، للتوافق حول أحدهما، وهو يميل إلى خوري على وجه الخصوص.
في زيارته عين التينة الأربعاء، سأل النائب جبران باسيل رئيس المجلس كيف يعتقد أنه سيؤمّن أكثرية الثلثين للنصاب وأكثرية الـ65 لانتخاب العميد السابق جورج خوري، وهو يعلم أنّ “المملكة العربية السعودية لا توافق عليه ومعها المكوّن السني في لبنان. كما ترفضه القوات اللبنانية وكذلك الاشتراكي.”
في المحصلة وحتّى اشعار آخر، الثابت الوحيد أنّ موعد التاسع من كانون الثاني قائم، وأن لا أحد يتجرّأ على تطييره.
فهل دعوة الرئيس بري سفراء اللجنة الخماسية لحضور جلسة الانتخاب ليكونوا شهوداً على مجرياتها، هي دعوة مفخخة، يريد من خلالها رئيس المجلس الذي كانت تتهمه المعارضة والتيار الوطني الحر بمصادرة مفتاح المجلس ومحاولة فرض انتخاب رئيس بشروطه، أن يوصل رسالة مفادها أنّه هذه المرة أذعن وأصبح أكثر مرونة، وأنّه، باسمه وباسم حزب الله، يسهّل عملية الانتخاب ويريد رئيساً وأسقط كلّ الحسابات الأخرى، لكنّ الآخرين لا يريدون ولا يسهّلون ولكل منهم حساباته؟
وبالتالي، يكون بري قد ضرب عصفورين بحجر. يحفظ ماء الوجه مع اللجنة ومع من تمثل من دول من جهة، ويرفع عنه تهمة تعطيل انتخاب الرئيس ويرمي هذه الكرة في ملعب الكتل الأخرى، ولاسيما الكتل المسيحية من جهة أخرى.