كتبت صحيفة “الأخبار”:
لا تزال تداعيات المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أول من أمس، طاغية على المشهد السياسي في الكيان والمنطقة، وحتى في الولايات المتحدة. وانشغل، أمس، معارضو نتنياهو، وخصوصاً الوزيرين السابقين في «كابينت الحرب»، بيني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذين عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً، بـ«تفنيد» مزاعم نتنياهو، وخصوصاً في ما يتعلّق بمسألة المفاوضات و«محور فيلادلفيا». وتولّى غانتس الحديث في السياسة أكثر من آيزنكوت، إذ قال إن «هناك انعداماً لاتخاذ القرارات الاستراتيجية في الوقت المناسب»، مشيراً إلى الفشل في «الوصول إلى الأماكن المطلوبة في غزة».
واعتبر أن «علينا مراقبة محور فيلادلفيا مع مصر وشركائنا، وإذا كانت هناك حاجة إلى العودة إلى المحور فيمكننا ذلك»، مضيفاً أن «نتنياهو لن يعيد المحتجزين في غزة أحياء، فهو منشغل بالبقاء السياسي». ولفت إلى أن «حماس لديها مصلحة في إبقاء الرهائن أحياء ويجب أن نتوصّل إلى اتفاق لإعادتهم»، معرباً عن اعتقاده بأن «وجود بن غفير في هذه الحكومة أو غيرها أمر غير مناسب».بدوره، تولّى آيزنكوت، رئيس هيئة الأركان السابق، الدفاع عن المؤسسة الأمنية في الكيان، وسرد وقائع النقاشات التي دارت في «الكابينت» حول مسألة «فيلادلفيا»، حين كان لا يزال هو وزميله غانتس في الحكومة. وقال آيزنكوت إن «نتنياهو رفض إدخال أي تعديلات على أهداف الحرب والتي لم يتحقّق أي منها»، مضيفاً أن «رئيس الحكومة قرّر لاعتبارات سياسية وحزبية عدم تنفيذ مقترح الصفقة». واعتبر أن «نتنياهو ينزع الشرعية عن وزير الدفاع والمؤسسة الأمنية، وأزعجني خطابه أمس». وحول محور «فيلادلفيا»، رأى آيزنكوت أن «وضع إسرائيل الاستراتيجي لا يُحسم عبر محور فيلادلفيا، وإبرام صفقة واجب أخلاقي وضرورة استراتيجية»، مشيراً إلى أن «هذا المحور لم يكن مطروحاً في بداية المفاوضات». ورداً على تصريحات الرجلين، نقلت «القناة 12» عن نتنياهو قوله إنه «منذ انسحاب غانتس وحزبه من الحكومة، اغتالت إسرائيل محمد الضيف وفؤاد شكر، واحتلّت محور فيلادلفيا، وهاجمت الحوثيين. ومن لا يشارك في الانتصار على أعدائنا، من المفضّل ألا يضايقنا».
واشنطن تطلب منح المفاوضات «مزيداً من الوقت» قبل إعلان فشلها
وعلى المقلب الأميركي، وفي إجابته على أسئلة الصحافيين، قال المتحدث باسم «البيت الأبيض» لشؤون الأمن القومي، جون كيربي، إن الإدارة «لن تدخل في نقاش حول ما قاله نتنياهو عن محور فيلادلفيا»، موضحاً أن «مقترح الوساطة يتحدّث عن مغادرة المناطق المأهولة بالسكان، وهذا يشمل فيلادلفيا، وإسرائيل وافقت على ذلك». وأضاف: «سمعنا على مدار اليومين الماضيين الكثير من إسرائيل ونواصل التشاور مع الوسطاء المصريين والقطريين». وأكّد كيربي أن «الرئيس جو بايدن منخرط بشكل شخصي في العمل مع فريقنا وقادة المنطقة من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة»، مستدركاً بأنه «لا إطار زمنياً لتحقيق ذلك». وبيّن المتحدث أن «الاتفاق الذي نعمل عليه يتضمّن الوضع في ممر فيلادلفيا، وسحب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة في مرحلة أولى، بما فيها حول الممرّ» المذكور، مضيفاً أن «المقترح ينصّ على إبعاد القوات الإسرائيلية عن فيلادلفيا إلى الشرق، وهذا عنصر أساسي لم يتغيّر».
أما مصر، فردّت، عبر وزارة خارجيتها، على تصريحات نتنياهو، عبر التأكيد أنها تهدف إلى «تشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي، وعرقلة التوصل إلى صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين». وحمّلت القاهرة، تل أبيب، «عواقب إطلاق التصريحات التي تزيد من تأزيم الموقف وتبرّر السياسات العدوانية والتحريضية». ودعم كل من الأردن وقطر والسعودية الموقف المصري، عبر بيانات صادرة عن وزارات خارجيّتها. ورغم تأكيدات الخارجية المصرية استمرار القاهرة في ما وصفته في «دورها التاريخي في قيادة عملية السلام في المنطقة»، إلا أن مصادر مصرية تحدّثت، إلى «الأخبار»، عن «سيناريوات تصعيدية» على المستوى الدبلوماسي، يجري الحديث بشأنها بشكل أكبر في الدوائر السياسية المصرية، ويمكن أن تتوزّع على عدّة مسارات منها «مجلس الأمن، أو سحب السفير المصري من تل أبيب، أو إعلان القاهرة فشل المفاوضات بسبب التعنّت الإسرائيلي»، بحسب المصادر التي تشير إلى أن «هذه المسارات يجري تنسيقها مع الأميركيين الذين استمهلوا وطلبوا منح الاتصالات الحالية وقتاً إضافياً».
وفي المقابل، قال القيادي في حركة «حماس»، أسامة حمدان، إنه «لا شيء جديداً بشأن الصفقة، ونتعامل فقط مع ما نتلقّاه من الوسطاء». واعتبر حمدان أن «الولايات المتحدة لم تضغط بشكل مناسب على نتنياهو وحكومته ولم تقم بما هو مطلوب منه». وحول مسألة «فيلادلفيا»، لفت حمدان إلى أن «موقفنا بشأن محور فيلادلفيا واضح، وهو أننا نرفض أي صيغة لوجود الاحتلال فيه»، مضيفاً أن «المحور جزء من عملية الانسحاب من القطاع الذي تمّ الاتفاق عليه سابقاً».