“يو-يو” كوني يحير العلماء!
وجد علماء في اليابان دليلا على أن قشرة الكوكب تنقلب على جانبها ثم تعود مرة أخرى، في ظاهرة غريبة أطلق عليها الباحثون اسم “يو-يو كوني”.
ويقع هذا الحدث، المعروف رسميا والمثير للجدل إلى حد ما باسم التجوال القطبي الحقيقي (TPW)، عندما تتحرك الطبقات الخارجية للكوكب حول اللب. وفي هذه الحالة بالذات، يبدو أن قشرة الأرض مائلة بنحو 12 درجة بالنسبة لمحور الكوكب. وحتى وقت قريب، كانت هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الكوكب شهد ارتفاعا في TPW منذ ما بين 145 مليون و66 مليون سنة – العصر الطباشيري.
ولكن هذه النظرية كانت محل نقاش ساخن بين المجتمع العلمي، ووفقا للباحثين في معهد طوكيو للتكنولوجيا، فإن الأدلة “كانت مثيرة للجدل” في أحسن الأحوال.
ولكن دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Communications، ربما تكون حلت أخيرا اللغز بعد الكشف عن “الدليل الأكثر إقناعا حتى الآن” حول TPW منذ حوالي 84 مليون سنة.
وقاد الدراسة الرائدة معهد علوم الأرض والحياة (ELSI) في Tokyo Tech، مع باحثين من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) ومعهد الجيولوجيا والجيوفيزياء في بكين.
ووفقا للبحث الجديد، حدث TPW منذ حوالي 84 مليون سنة خلال أواخر العصر الطباشيري مع وجود أدلة على هذه الظاهرة في رواسب الحجر الجيري في إيطاليا.
ودرس الباحثون حركات قشرة الأرض في عصور ما قبل التاريخ من خلال تحليل المعادن المغناطيسية المحاصرة في البكتيريا المتحجرة.
وقالت سارة سلوتزنيك، المعدة المشاركة في الدراسة وعالمة الجيولوجيا في كلية دارتموث، “تبين أن هذه الصخور الرسوبية الإيطالية خاصة جدا وموثوقة للغاية لأن المعادن المغناطيسية هي في الواقع أحافير للبكتيريا التي شكلت سلاسل من معدن المغنتيت”.
وتصطف بلورات صغيرة من المعدن مع المجال المغناطيسي للكوكب مثل البوصلة، محاصرة داخل الحفريات.
وسمح ذلك للباحثين برسم خريطة المجال المغناطيسي القديم للكوكب لتحديد مكان تجول محور دوران الكوكب بالنسبة لقشرته.
وأوضح الباحث الرئيسي جو كيرشفينك: “تخيل أنك تنظر إلى الأرض من الفضاء. التجوال القطبي الحقيقي سيبدو وكأن الأرض تنقلب على جانبها، وما يحدث بالفعل هو أن القشرة الصخرية الكاملة للكوكب – الوشاح الصلب والقشرة – تدور حول اللب الخارجي السائل”.
وفي جوهرها، تتكون الأرض من طبقات صخرية متعددة تحيط بنواة داخلية صلبة، ولب خارجي معدني سائل وغطاء صلب.
ونظرا لأن اللب الخارجي سائل، فإن الوشاح الصلب والقشرة يتمتعان بحرية الانزلاق فوقها. والأجزاء الفردية من القشرة، مثل الصفائح التكتونية، تنزلق باستمرار وتتحرك فوق أو تحت بعضها البعض.
ومع ذلك، أثناء TPW، تحركت كل هذه الطبقات معا في انسجام تام، ما أعطى الأرض مظهرا مائلا مميزا.
ونظرا لأن جميع الأجزاء المتأخرة تحركت في الوقت نفسه، لم يتوقع العلماء رؤية أي نشاط زلزالي كبير خلال هذه الفترة.
وكان يمكن أن يكون المجال المغناطيسي للكوكب ثابتا أيضا أثناء TPW، لأنه يتولد من اللب الداخلي، الذي بقي في مكانه.
لذا، فبدلا من تغير القطبين المغناطيسيين للأرض – وهي ظاهرة تحدث الآن – كانت الأقطاب الجغرافية مائلة إلى الوراء مرة أخرى.
ووفقا للدراسة الجديدة، تحركت قشرة الكوكب بما يقرب من 25 درجة على مدى خمسة ملايين سنة.
وقالت Tokyo Tech، في بيان: “وجد الفريق أيضا أن الأرض تبدو وكأنها صححت نفسها – بعد أن انقلبت على جانبها، عكست الأرض مسارها واستدارت للخلف، في رحلة إجمالية تقارب 25 درجة من القوس في حوالي خمسة ملايين سنة. بالتأكيد، كان هذا “يويو الكوني””.