الاخبار الرئيسيةمقالات

يوم صارت حبة الزيتون قلماً

نبيه عواضة "نيرودا": صحفي لبناني وأسير محرر

في ظهيرة يوم مشمس، حمل الهواء الخفيف صوت فتى غنّى “طلع الضو ع الواوي، ع الواوي طلع الضو”، حمله إلى “عليّة” بيت مهجور في أطراف قرية دير سريان المحتلة في الجنوب اللبناني، ذات أيلول من سنة 1988. غناء تلاشى بعد وقت، ففجأة، وعند الساعة 12.35 دقيقة، قضت على الهدوء طلقات كثيفة وغزيرة من الرصاص انصبّت على جدران المنزل. طائرتان مروحيتان تناوبتا على إطلاق الصواريخ نحو محيط المنزل، وحتى كتف الوادي. بمرور الوقت ولعشرين دقيقة تلت، كان صوت الرصاص إلى ازدياد، وتركّز على المنزل، فجعله مسكوناً بالغبار.

أسند الفتى ابن السادسة عشرة جسده الصغير إلى حائط “العليّة”، يتحسس نفسه بين فينة وأُخرى، ربما ثقبت رصاصة الحائط ظهره من دون أن يشعر. فإلى جانبه مباشرة كان يجلس رفيقه كايد، وقد أصيب بست طلقات. فرأى دمه يتناثر في “العليّة”.

نادى المنادي بصوت عربي متكسّر، يطلب نزول الجميع من “العليّة”. همّ الفتى لفعل ذلك، فشاهد، مرتعباً، فوهات البنادق مصوبة نحوه. مرغماً، رمى بنفسه بينها، فاستقر جسده ممدداً على أرض حجرية، وقد تلقى الدفعة الأولى من اللكمات.

رأس متصل بالأرض يضغطه بسلاحه جندي مرتجف، حليق الذقن يافع، لا يكبر الفتى بسنوات كثيرة. تكبيل لليدين، فجرٌّ للأسير إلى خارج المنزل وتركه فوق التراب. دبابة ميركافا متمركزة قرب البيت. تبادر إلى ذهنه سؤال: “كيف وصل هذا الشيء الضخم بهذه الخفة إلى هنا”، ومن دون أن ينتظر الإجابة، سيطر عليه رعب إضافي، فقد رمق من تحت عصبة العينين، وقد وثّقت على عجل، دبابة أُخرى تتقدم نحوه، ومع اقترابها منه كان رأسه يهتز، فخالها سحقته. لكن التراب المتطاير منها عليه جعله يتيقن أن الدبابة الإسرائيلية مرّت بقربه لا عليه. عمّ الهدوء ثانية وسط صوت متقطع لقذائف المدفعية من عيار 155 ملم وهي تدك مجرى نهر الليطاني.

ما اسمك؟ عددكم؟ ووجهة انسحابكم بعد تنفيذ العملية؟ فاض الضرب والركل العشوائي على الأسئلة بقية النهار الأيلولي، مثل ذلك الاستجواب الأول، وقد استُتبع عصراً بدفعة ثانية من اللكمات، مع انضمام مجندتين إسرائيليتين إلى “حفلة” الركل، بعد الوصول إلى مستعمرة المطلة.

يوم صارت حبة الزيتون قلماًلوحة للفنانة آية أبو هواش، من سلسلة ذاكرة اللاجئين: إرث، دهشة، تاريخ لا يموت (مستوحاة من قصيدتي محمود درويش “حالة حصار” و”أحمد العربي”)، ٢٠١٨

إلى أقبية التحقيق..

متشحاً بالدم والتراب والخوف من المجهول، وجد نفسه في غرفة صغيرة وقد أُزيلت العصبة عن عينيه، وما إن انتهت الجنديتان من ضربه، حتى دخل عليه شخص يلبس مريولاً أبيض، طلب الأسير من الطبيب كوباً من الماء، لكن الطبيب تجاهل الطلب، وشرع في إجراء فحص طبي، ثم سأل محتجزه “إن كان مصاباً”، نفى الأخير ذلك وكرر مطلبه بالحصول على الماء، لكن طلبه رُفض.

أضيفت إلى الأيدي الموثقة بشرائط بلاستيكية أصفاد حديدية وُضعت أيضاً على الأرجل، عُصّبت العينان ثانية بشكل وثيق وأكثر شدة. وُضع الأسرى الثلاثة في أرضية سيارة كبيرة، في حين نُقل مسؤول المجموعة المصاب بطائرة مروحية إلى مستشفى رمبام في حيفا. وطوال ساعات في الطريق إلى وسط فلسطين المحتلة، كانت الأجساد يتلاطم بعضها ببعض، وتصطدم بحديد السيارة عند كل منعطف.

فتح الجنود الباب الخلفي وبدأوا بالصراخ والاعتداء على الأسرى. حين أراد الفتى النزول من السيارة، لم يقوَ على الوقوف فوقع أرضاً، فإطباق الأصفاد على الرجلين حال دون تدفّق الدم في القدمين. هجم الجنود عليه وأوسعوه ضرباً، أوقفوه، ثم وضعوا في رأسه كيساً من القماش أسود اللون، تنبعث منه رائحة مقززة. أصيب بالاختناق، فحاول حف الكيس بالحائط لرفعه واستنشاق الهواء، لكنه فشل.

استفاق بعد وقت في غرفة كبيرة مضاءة، جدرانها بيضاء، خزائنها بنية اللون، تتوزع على الحائط بشكل متراص، تفصل سقف الغرفة عن أرضيتها. أُجلس الفتى على سرير طبي صغير، يتأمل الحاضرين مذهولاً، عدد كبير من الجنود، موزعين في الغرفة. يتبادلون الأحاديث بلغتهم العبرية غير المفهومة. وحده الرجل الخمسيني، الأشقر الطويل البنية، يضع “الكبا” على رأسه، كان يروح ويجيء قرب السرير ويتحدث إلى اثنين من مساعديه، التفت نحو الأسير، ووجّه إليه الكلام قائلاً: اسمك الحركي “نيرودا، أتعرف من هو؟”، أجابه بنعم “إنه الشاعر بابلو نيرودا شاعر الثورة التشيلي.” سأل ثانية: “لماذا سمّوك نيرودا؟”، فردّ قائلاً: “إنه يحب كتابة الشعر مثل نيرودا”، صمت الضابط، ثم تابع: “أتعرف أين أنت؟”، أجابه الفتى الأسير “في فلسطين”، وما إن لفظ اسم فلسطين، حتى ارتفع اضطراب الجنود وغضبوا. دنا الضابط من الأسير كثيراً، ثم قال بصوت عالٍ “إنها إسرائيل، وليست فلسطين”. طُلب من الأسير نزع ملابسه بالكامل. في البداية تردد خجلاً، لكنه أذعن للأمر، ليجد نفسه عارياً وسط قهقهات الجنود، أُجريَ له فحص طبي، ثم أعطوه ملابس مخصصة وكان مقاسها كبيراً على جسده الصغير. اقترب الضابط ثانية قائلاً “أنت ستبقى لدينا 15 عاماً، وسنعرف إن كنت ستقول إسرائيل أم فلسطين”.

الماء الساخن والبارد

الكيس النتن على الرأس مرة أُخرى، وُضعت الأصفاد حول يديه، وقد مُدت إلى الأمام، التقط الأسير العصا ومعها أمسك بالبنطال كي لا يفلت عن خصره. في أثناء جرّه، كان يعمد الجلاد الى الهرولة، وكان يسحب خلفه الأسير الذي لا يرى، وما إن يصل به على مقربة من حائط، حتى يقوم بإفلات العصا، فيصطدم الأسير بالحائط بقوة.

بعدها، طُلب منه نزع الكيس. فوجد نفسه في زنزانة صغيرة لا تكاد تتسع له، وكانت مطلية بباطون هو عبارة عن حجارة مسننة. يتدلى من سقفها “دوش” وقربه ضوء باهت جداً مغطى بطبقة من الزجاج، مزروع في الجدار. وإلى جانبه فتحة صغيرة للتهوئة يعلوها “قسطل” يمتد إلى الخارج.

لحظات، وانصبّ، وبغزارة، ماء ساخن على الأسير، حاول حماية رأسه بيده فاحترقت. حاول إزاحة نفسه مبتعداً عن “فوهة الدوش”، لكن “الرماح” المسننة كانت له بالمرصاد . توقف الماء الساخن، ترنح مختنقاً، فرغب في الجلوس. وما هي إلا ثوان حتى نزل من “الدوش” ماء شديد البرودة. صفعته حبات الماء الباردة وقد بدت كأنها إبر وخّازة، فزادت في أوجاعه. توالى سكب الماء البارد والساخن عليه عدة مرات، وقد تحول إلى كومة من اللحم، مستسلماً للألم.

مئة يوم من التحقيق

جاء الجلادون، وقاموا بسحبه إلى غرفة التحقيق. وجد أمامه الضابط الذي سأله عن “نيرودا”. ظن الأسير أنه سيحدثه عن الشعر فخاب، إذ قام الضابط بإخضاع “نيرودا” لجولة تحقيق قاسية استخدم فيها كل أساليب التعذيب النفسية والجسدية. كان يسأل، وحين لا تصله الإجابة التي يريد، كان يخرج من الغرفة ويأتي بجلادين، يضربون الأسير بالعصي، ثم يتركونه تحت “مكيف” هواء بارد مسلّط نحوه. كان يجبَر على الجلوس على ركبتيه وإسناد أصابع يديه إلى الأرض، ثم يقوم المحقق بركله “بالرنجر” على وجهه. كان يقف ورجلاه مفتوحتان، رافعاً يديه إلى أعلى، وإذا ما حاول إنزال يديه، فكان يُضرب بقوة. “الكومبيوتر” يقول إنك تكذب، عبارة سمعها كثيراً من دون أن يعي حقيقتها، فإبن السادسة عشرة بالكاد كان يعرف يومها “كيف يعمل الكومبيوتر”.

كان حرمان الأسير من الطعام وسيلة التعذيب الأقسى. وجبة طعام واحدة طوال اليوم، مع حرمانه من النوم أيضاً، فما إن ينتهي من جولة التحقيق ويعود إلى الزنزانة لينام على شيء أقرب إلى أن يكون “حراماً” متسخاً من أن يكون فراشاً، حتى يأتي الجلاد ويقوم بطرق الباب بقوة، عندها يضطر الأسير إلى الوقوف، ويداه إلى الحائط والكيس في رأسه.

 كانت الزنزانة عبارة عن قفص حجري لا يتجاوز طوله المترين وعرضه المتر الواحد. وهي كانت كل عالمه الصغير، يكتشف أسفل الباب أسماء، “يبدو أنهم أسرى مروا من هنا “، لكن “كيف كتبوا، بماذا دوّنوا أسماءهم”، في أثناء البحث، يستدل على عبارة “حبات الزيتون قلمك”، يمسك حبة الزيتون، يسنّنها، فيحفر اسمه بين الأسماء .

يتمعن بالفوهة “النافذة وقسطلها”، يتمنى لو يتحول إلى شيء يطير ليهرب، يفكر في ذلك، يخاف لو اكتشفوا أنه يفكر فيعاقَب، يصرف النظر عن الحلم. يبكي وحيداً قبل أن يستسلم لهاجس يعزّي به نفسه “ربما هو ما زال غافياً في دير سريان، وأن كل ما يعيشه مجرد كابوس.”

يتعاقب المحققون، تتبدل أساليبهم بين “الترهيب والترغيب”، منهم من يستخدم في استجواباته أحاديث رياضية مريحة. آخر يقدم نفسه على أنه أستاذ أكاديمي في جامعة تل أبيب، يدخل في الحديث عن كل شيء، عن بيروت وحياة السهر فيها، والمدرسة والحي والحب، يختفي نهائياً ما إن يأخذ مبتغاه، بعد الوقوع في فخ الإجابة عن التدرب على سلاح الـ”أر بي جي” الذي كان بحوزة المجموعة. يقطع آخر أسلوبه الوحشي بالتعذيب ويتذكر أغنية “طلعت يا محلا نورها”، فيرغب في سماع الأسير يغنيها بعد ان يتنطح الأخير لذلك، طمعاً بوقت غير عنيف. يدندن، وهو الذي يجهل كامل الأغنية، عبارات غير مفهومة، يكتشف المحقق “اللعب على الوقت”، يغضب، فيعود الى استخدام العنف .

القاسم المشترك بين المحققين. العمل على إيجاد تقاطُع في المعلومة بين الاعترافات، كنوع السيارة التي أقلّت المقاومين، وآخر شخص التقاه الأسير قبل أسره.. إلخ، هنا تصبح الكلمة، وإن لم تكن أمراً عسكرياً مهماً، بمثابة “مفتاح” لأمر يريده. يقدم المعلومات الخاطئة ليستدل على الحقيقة، يتنصت على أحاديث تجري بين الأسرى من زنزانة إلى أُخرى، يواجه أسيراً بأسير آخر، يضع أحدهما تحت الطاولة. يعمل على التشكيك في أصل الفعل العسكري المقاوم، وتصوير المسألة على أن الاحتلال كان يعرف مسبقاً بالعملية، ولذا، كان الكمين الذي أدى إلى الاعتقال.

التهديد بالقتل وقصف منزل الأهل، وإطلاق الكلاب بعد إسماع الأسير نباحها، التهديد باستخدام الكهرباء، واستخدام العصا كفعل اغتصاب. الإيحاء بأن الحياة في المعتقل تُختصر بين الماء الساخن والبارد والتعذيب والاستجواب الدائم، ومسار القهر من الزنزانة وإليها. الزنزانة الضيقة المظلمة التي لا يصل إليها النور ولا الهواء هي نهاية الوجود، وأن ما يُسمع من صوت لقطار يشق صمت الليل، وطائرة لرش المبيدات الزراعية، هو من المخيلة، وإن وُجدت فهي بعيدة، في مكان آخر على هذا الكوكب المعتم.

فُتح باب الزنزانة، سألوه عن “نمرك”، لم يكن يفهم أن الرقم الذي كتبه له السجّان على يده هو رقمه بدلاً من اسمه. صرخ السجّان ب”نيرودا” قائلاً: “نمرك 177″، ورمى في أرض الزنزانة ثياباً نظيفة، أكثر ملاءمة لجسده من ناحية المقاس، ثم قال له السجّان:”نزل عليك كل شي والبس هدول”. ولما انتهى من كل ذلك، أمره الجلاد بوضع الكيس على رأسه، وصعد به إلى سيارة، معصوب العينين ومكبل اليدين، حار في أمر “الرحلة”. سبق له أن التقى مندوب الصليب الأحمر الدولي، وسبق له أن أُخذ إلى محكمة عسكرية مددت بعدة كلمات “توقيفه رهن التحقيق مدى الحياة”.

السيارة انطلقت في مسير استمر عدة ساعات، وما إن توقفت وفُتح بابها الخلفي حتى نزل الأسير منها. وقف لوقت قليل، وبينما كان يفكر في الهواء البارد وهو يصل إليه، بسرعة، قص السجّان عصبة العينين عن وجه “نيرودا”، ومع تهاويها شيئاً فشيئاً، كان ضوء الشمس يدخل بسرعة إلى عينيه بعد مئة يوم من العتمة، فوقع أرضاً من قوة النور . إنه الآن في سجن الجلمة.

أكاديمية “سجن عسقلان”

فُصل “الشبل” عن بقية المجموعة، والتحق بمن هم دون سن الثامنة عشرة، تنقّل بين مراكز التوقيف في سجون الجلمة وطبريا والرملة وبئر السبع، حُكم عليه بالسجن 15 عاماً في محكمة اللد العسكرية، وهو في عمر الـ 17 عاماً. وكبقية زملائه، رفض الوقوف أمام القاضي الاسرائيلي المعروف بـ”الضفدع”. ومع بلوغه سن الثامنة عشرة سنة 1990، نُقل الى سجن عسقلان المركزي.

الانخراط في “المجتمع الاعتقالي” لم يكن صعباً، في ظل لائحة من الضوابط التي وضعها الأسرى من أجل تنظيم حياة الأسر، يتوزعون على غرف بحسب الانتماء السياسي، تقود نضالهم الاعتقالي لجنة وطنية تنتدب عنها ممثلاً للمعتقل، يحتفظ كل تنظيم بخصوصية تنظيمية، أوقات القراءة الذاتية، الاجتماعات التثقيفية والتنظيمية. إقامة الاحتفالات الوطنية، التعرف من خلال الأسرى إلى كل فلسطين ولقاء أهل الأسرى بعد تعذُّر زيارة الأهل من لبنان.

كانت الخطوات النضالية كافية ليشتد عود “الشبل”. المواجهات والصدامات مع إدارة السجن، استخدام الغاز المسيل للدموع، استرجاع وجبات الطعام احتجاجاً على ظروف الاعتقال، الإضراب المفتوح عن الطعام، والذي امتد خلال ثلاث مرات إلى ما يقرب من أسبوعين طوال فترة التواجد في سجن عسقلان.

تلك “حرب الأمعاء الخاوية”، تكمن قوتها في جماعيتها. وبخلاف المواجهة في أقبية التحقيق، فإن خوضها مع الأسرى يبعث على الثقة والاطمئنان، ويبدد الخوف، على الرغم من الأوجاع: ألم الرأس في الأيام الثلاثة الأولى، وأوجاع المفاصل في الأيام التي تليها، والتآكل من الداخل، والإحساس بالموت البطيء، ووهن النظر، والطنين في الرأس، والصعوبة في التنفس، وعدم القدرة على الوقوف، والتراجع في نبض القلب، وانخفاض الحرارة .

الفتى الذي حمل لقب “الشبل” في عسقلان، تعرّف إلى أسرى كثُر مروا على الحركة الوطنية الأسيرة، فكان واحداً منهم. ومنهم مَن صار شهيداً، ومنهم مَن صار أسيراً مرات ومرات، ومنهم مَن لا يزال رهن الاعتقال حتى الآن.

إلى الحرية

ودوّت صفارة الإنذار، فاقترب ضابط السجن من الغرفة ونادى على الأسماء، “الأسرى الذين نقرأ أسماءهم، عليهم تحضير أنفسهم، والخروج من الغرفة”. وُضّبت الأغراض على عجل، فهتاف والطرق فرحاً على الأبواب. الخارجون حزينون على بقاء رفاقهم، بينما الذين بقوا كانوا أكثر فرحاً.

باتوا ليلتهم في سجن الجلمة، وبعد الفحص الطبي، والتصوير عبر تقنية الفيديو، فالاستجواب الأخير. ما اسمك، وما اسم أختك وأمك”، اسمك الحركي “نيرودا”. كان الضابط يسأل ويجيب، وقّع الملف وأحاله على ضابطين يجلسان إلى جانبه، ففعلوا كذلك.

رفع الضابط وجهه، محدثاً “نيرودا”: “قبل عشرة أعوام، كنت تريد تنفيذ عملية، ما هي خطتكم؟” اعتدل الأسير في قعدته أمام طاولة وُزعت عليها كل أنواع الفاكهة، في 26 حزيران/يونيو 1998، وقال: “هذا السؤال سبق أن أجبت عنه وصدر الحكم بسجني مدة 15 عاماً، اليوم مُفرَج عني، بموجب صفقة لتبادل الأسرى، قانونياً، لا يحق لك أن تسأل عن ذلك.” ضحك آخر المحققين وقال بالعبرية: “أتيت إلينا مخرباً صغيراً، وستخرج مخرباً كبيراً”. رد “نيرودا”، الذي سيصبح أسيراً محرراً بعد ساعات، ردّ على الضابط، وبالعبرية “تودا رافا” (شكراً جزيلاً) .

زر الذهاب إلى الأعلى