يمتلكني الحزن في حضرة الغياب
يعز علي أن أقف في حضرة غياب الحاج الصديق محمد عفيف الذي في مكانه هو العابق بتفاصيله ويتملكني الحزن على فراقه لان فراقاً كهذا مفترق في حياة من عرفه ويعتصر قلبي أنني بدلاً من أن اتحدث معه أتحدث عنه شهيداً ولو كان للشهادة مستحق هل حقاً إغتالوه حتى الآن وبعد عشرين يوماً على انسكاب الدم ارفض أن اصدق رغم ان اغتياله كان متوقعاً لانه رفع صوته الى اقصى حد في وجه عدو مجرم لا يتحمل أن يسمع من يكشف حقيقته ولا يتقبل أن يقول أحدهم كلمة حق من دون كفوق.
الحاج محمد تحدى العالم بحضوره في الساحات وتحدى العدو في عدم السكوت و ابقاء التواصل قائم مع بيئة المقاومة وعلاقته الميتنة مع الإعلاميين الحاج محمد كان في تواضعه قائدا وفي مهنيته مثالاً وفي حمله قضية حتى النزف بطلاً وفي تقديره لكل من يسير على الصرات المستقيم محط تقدير بوجوده كنا نشعر ان لنا سنداً و أمامنا خطاً مفتوح وباباً لا يغلق مهما كان الظروف.
كان مقاوماً مقداماً ولكنه لم يبالغ يوماً في تقدير الموقف ولم يعطي مرة معلومة مضللة ولم يتدخل يوما ً في اي حرف نقوله وفي اي كلمة نتلفظ بها ولم يطلب منا شيئا الا اللقاء على كلمات سوا لطالما احترم تنوعنا وحريتنا ومقارباتنا و احتضنا لقائنا الإعلامي الوطني عل اختلاف انتماءاته لانه كان واثقاً بنا وعارفا اننا على الواننا الكثيرة الا اننا لا يمكن ان نخون وطننا ولا نقف بصف الاعداء.
كان الحاج محمد يتفهم خوف البعض في المفاصل القاسية و يعتبره طبيعياً ويحترمه فالصمت مشروع ولكن الطعن بالظهر هو الحد الفاصل الذي على اساسه يقاس الانسان وهو كان انساناً بفائق الانسانية ولبنانياً بفائق الوطنية ومقاوماً بفائق الجرأة والشجاعة كان هو كلمة السر لنا بالمفهوم المحبذ للكلمة كما قلت له في احدى رسائلي يكفي ان يقول احدهم الحاج حابب نلتقي حتى نلتم واكراماً لدمائه نلتقي في حضرة غياب الحاج الصديق محمد عفيف وفي مكانه المطلوب منا ان نبقى صوتا اعلاميا واحدة صادحا في برية هذا الوطن ويداً واحدة متماسكة وان نبقى اجتماعاتنا قائمة كما لو كان بيننا ولتبقى كلمة السر الحاج حابب نلتقي ولو بغيابه فطيفه سيكون حاضراً حتماً
مع الحاج محمد عرفت ان المقاومة عمق لبناني وان كل الطرق اللبنانية مفتوحة اليها لمن يريد ان يرى لا ان يسمع فقط معه كنت اشعر انني في حضرة اعلامي مقاوم مخضرم يفتح ابوابه للقاء واذنيه للاصغاء وقلبه لاي تساؤل و لا اخفي انني في الغداء الاخير معه قبل اقل من اسبوع من استشهاده شعرت انه كان يودعنا كان متعبا من قيادة المقاومة لثلاث وخمسين يوماً ولكنه كان مثقلا بالايمان بالنصر.
نال الحاج محمد عفيف الشهادة بعد مسيرة طويلة افتتحها بكتابة البيان الاول عن الاستشهادي احمد قصير مطلع ثمانينات القرن الماضي والفراغ من دونه كبير ولكنني على يقين كما ان سماحة السيد حسن نصر الله ترك خلفه جيلاً من المجاهدين فان الحاج محمد غفيف ترك خلفه جيلاً من الإعلامين اصحاب صوت الحق و الصبر والجهاد بالكلمة واذكر منهم زينب مكتب العلاقات الاعلامية في حزب الله الصديقة رنا الساحلي حماها الله وترك خلفه ناطقين بالحقيقة واكثرهم موجودن بيننا.
نحن اليوم أمام مسؤولية أكبر علينا أن نبقى موحدين على طريق إعلام الحقيقة ومن دمه ورائحته ترك لنا الشهيد الحاج محمد عفيف أشقاءه وأخص الحاج بهاء النابلسي نائب النقيب في نقابة المرئي والمسموع العامل البهي على خط العلاقات الصافية والاعلام الملتزم وايضاً الشيخ صادق الاسم المسمى على صدقه في كل كلمة ينطقها .
رندلى جبور