كتب البير خوري
ذهب الأول من ايار والعيدية المنتظرة لم تأت.تولد ايام وتموت اخرى ولا تغيّر في المعادلة اابشرية المشوّهة.اصحاب السلطة والمال يتسيّدون والشغيلة مشغولون بلقمة معجونة بالدم والعرق..
ولبنان كغيره من دول العالم الثالث،لا بل تفوٍق عليها هذا العام بتحقيقه رقمين قياسيين: هو الأول في فساده السياسي،والأخير في مرتبة السعادة،بحيث لم يشهد في تاريخه القديم والمعاصر انهيارات سياسية واقتصادية واجتماعية ومالية كما حاله اليوم..
حين اطلق لينين نداءه الشهير”يا عمال العالم اِتّحدوا” ويوم قرّرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة اعتماد الأول من ايار عيدا للعمال..في هذين التاريخيين،ظنّ ثلاثة ارباع البشر،وغالبيتهم من العمال والكادحين من رجال ونساء،أن بردا وسلاما سينزل عليهم،وأن حقوقهم المهدورة سينالون اضعافها لقاء جهودهم وتضحياتهم لخير الاِنسان.كانوا طيبين وسذجا..ذلك أن حكام الفانية من رأسماليين وشيوعيين واشتراكيين وفاشست،ليسوا على هذا القدر من العواطف النبيلة والبساطة ليتنازلوا عن عروشهم وكراسيهم،وأنهم مهما بالغوا في الدفاع عن الحرية والعدالة والاٍخاء لبناء”مدينة افلاطون الفاضلة”ليسوا سوى امراء حروب دائمة ومتنقلة،وقودها العمال انفسهم الذين يشكٍلون غالبية الطبقتين الفقيرة والمتوسطة الدخل.
ولبنان الذي احتفل امس،كما سائر شعوب الدنيا بالأول من ايار،يعاني ناسه من عمال وكادحين وشغيلة وموظفين وجنود وقوى امن،في خلال ربع قرن مضى،وخصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة،اسوأ ما يمكن ان تعانيه امة على ااصعد السياسية والأمنية والمعيشية والمالية: رئيس للجمهورية مركون في ثلاجات الداخل والخارج.حكومة تصريف اعمال بلا اعمال.برلمان مشلول يمضي اوقاته في جلسات سمر على أمل ان يتلقى كلمة السر من عواصم القرار دونما ادنى خجل من التباهي بلبنان سبد حر مستقل.طوائف ومذاهب وأحزاب وميليشيات تتقاتل فبما بينها لتتقاسم معا قالب الجبنة اللبناني،وهنيئا لمن تطحن اسنانه وتهضم معدته اكثر.اتحاد عمالي عام”لا بهش ولا بنش،تماما كما حال النقابات المرتبطة بطوائف وأحزاب.انهيار تام لقيمة الليرة وارتفاع صاروخي للدولار ما جعل المواد الغذائية رهن كبار الأثرياؤ من سياسيين وتجار. المصارف وبالتعاون المباشر مع السلطة والبنك المركزي نهبت اموال اللبنانيين.نزوح سوري بات يشكٍك بملايينه تهديدا مباشرا ليس فقط للعامل اللبناني اِنما لكيان لبنان ووجوده،وما يمكن ان يؤدي الى حرب اهلية بترحّم فيها المواطنون على ما ذاقه لبنان من حروب وصراعات،بدأت تنسج خططها من خلال اهتزازات امنية في عموم المناطق اللبنانية،ما يجعل البلاد فريسة يهلة ورخوة للاِشتعال في اي دعسة ناقصة لدى أي طرف من الجهات المتنافسة.
وسط هذا الفساد والمفسدين،يستمر العمال في العض على جراحهم وبلاويهم.بأتمرون بمن سرق ارواحهم وأموالهم ومستقبل ابنائهم،ويعلنون جهارا نهارا استعدادهم للموت دفاعا عن لصوص وقطاع طرق..لكنهم عاجزون عن الدفاع عن لقمة عبسهم وأرزاقهم..
بئس هكذا شعب مرهون ومتواطئ مع مافيات السلطة والمال..
وبسألونك:كيف لا يبقى العلد عبدا؟!