وقف الحرب راهناً مصلحة للبنان أم لـ “إسرائيل”؟
كتبت بولا مراد في “الديار”:
يتعاطى المسؤولون اللبنانيون بكثير من الحذر مع الاجواء الايجابية، التي يتم ضخها دوليا بما يتعلق بقرب وقف الحرب. فتجربة الحرب “الاسرائيلية” على غزة، وما رافقها شهريا من حديث عن وقف لاطلاق النار ليست مشجعة على الاطلاق، اذ كان الغزاويون ينامون على اتفاق يطبّق صباحا، ليستيقظوا على نسف “إسرائيلي” لتفاهمات سابقة بمئة حجة ومبرر.
وصحيح ان المعني مباشرة بعملية التفاوض من الجهة اللبنانية، اي رئيس المجلس النيابي نبيه بري يحاول هو الآخر بثّ اجواء ايجابية، من منطلق ان المقترح الذي بين يديه كانت قد وافقت عليه “اسرائيل”، وان حزب الله يتعاطى بايجابية معه، وكل ما يطلبه بعض التفسيرات لبعض البنود التي قد تتطلب تعديلات بسيطة.
وتقول مصادر مواكبة للمفاوضات ان “حزب الله الذي اختبر جيدا المناورات والدجل “الاسرائيلي” خلال حرب غزة، لن يسمح للعدو بمعاودة هذا السيناريو لبنانيا، لذلك كان وسيكون واضحا جدا امام الرأي العام بموقفه من المقترحات الموضوعة على الطاولة”، لافتة الى انه “ايجابي بما يتعلق بالمقترح الراهن، لكنه لن يقبل التعامل معه على اساس take it or leave it اي القبول بالمقترح كما هو من دون تعديلات وتفسيرات او رفضه”. وتضيف المصادر: “لا شك ان وقف الحرب راهنا مصلحة لحزب الله وللبنان اولا، لكن ليس بأي ثمن. فالوضع في الميدان تغير كليا، وباتت المقاومة تضغط بالنار ايضا على العدو، الذي لم يتمكن بعد كل هذا الوقت من التمركز الدائم، ولو في بلدة واحدة جنوبي البلاد”.
وبالرغم من انه قد يبدو للبعض ان الحزب هو الذي يستميت لوقف النار، لكن المؤكد ان “تل ابيب” ايضا باتت تتوق لوقف الحرب لاعتبارات عدة ابرزها: التململ الحاصل في الجيش “الاسرائيلي” المنهك من القتال المتواصل منذ تشرين الاول 2023، وهو ما تحدثت عنه “يديعوت أحرونوت” مؤخرا بقولها ان القيادة العسكرية في “إسرائيل” تعتبر أن الجيش أنهى “المهمة” التي حددتها القيادة السياسية في جنوب لبنان، وبات يسعى إلى “الحفاظ على إنجازاته العسكرية”.
كما ان هناك قسما كبيرا من “الاسرائيليين” يعتبر انه “آن أوان استثمار الانجازات التي تحققت في لبنان من ايلول حتى اليوم”، ويرى انه “في حال مواصلة القتال، فان لبنان سيتحول مستنقعا لـ “تل ابيب” كما هي غزة بالنسبة اليه اليوم”.
ولا شك ان الوعود التي اطلقها الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب هي الاخرى حاسمة بموضوع اي قرار “اسرائيلي” لوقف الحرب، لذلك قد يجد رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو نفسه مضطرا الى السير بتسوية في القريب العاجل.
بالمقابل، يعتبر كثيرون ان على “اسرائيل” استغلال فترة السماح الاميركية لمواصلة القتل والدمار في لبنان، حتى العشرين من كانون الثاني حتى النهاية، من خلال توجيه مزيد من الضربات الموجعة لحزب الله، وتكثيف الضغوط العسكرية، لدفع لبنان للسير بالشروط “الاسرائيلية” القاسية لوقف النار، غير تلك التي لحظها المقترح الاميركي الاخير.
بالمحصلة، هي لعبة عض أصابع، لا يبدو ان نهايتها تلوح بالافق قريبا… على ان يكون منتصف كانون الثاني المقبل مفصليا، فاما نكون بصدد حرب طويلة تمتد اقله حتى الصيف، او تكون التسوية الكبيرة مع عودة ترامب الى البيت الأبيض.