وفد درزي إلى الجولان… وقوافل «مساعدات» للجنوبيين: إسرائيل تؤصّل احتلالها لسوريا
كتب حيان درويش في “الأخبار”:
تتابع إسرائيل اعتداءاتها على الأراضي السورية، بعد احتلالها المنطقة العازلة مع الجولان المحتل، وتقدّمها في محافظات درعا والسويداء، ووصولها إلى تخوم دمشق، تحت ذريعة لجم «التهديدات» المتشكّلة منذ سقوط النظام السابق، عندما أنهت العمل بـ«اتفاقية فضّ الاشتباك» الموقّعة في عام 1974. ويأتي هذا بالتوازي مع محاولة بناء علاقات اقتصادية يمكن من خلالها ضمان تبعية السوريين في جنوب البلاد، ولا سيما الدروز، لإسرائيل، عن طريق تقديم «مساعدات إنسانية»، وفتح الباب أمام الراغبين منهم في العمل في الجولان السوري المحتل، في خطة قال وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنها ستبدأ في السادس من الشهر الحالي.
وفي هذا الإطار، دخلت قافلة مساعدات مقدّمة من قِبل جمعية «رحمة»، المرتبطة برئيس الطائفة الدرزية في فلسطين المحتلة، موفق طريف، في اتجاه بلدة حضر التي تسيطر عليها بشكل غير مباشر قوات الاحتلال، لتجتاز مجموعة من القرى، غير أن مجموعة مسلحة من قرية مزرعة بيت جن في ريف دمشق الغربي، أوقفت القافلة، وطلبت الحصول على جزء من المساعدات في مقابل السماح لها بالمرور إلى القرى الدرزية في الجزء الشمالي من «جبل الشيخ»، وفقاً لمصادر أهلية. وفي السياق نفسه، أوضحت مصادر درزية في حضر، في حديثها إلى «الأخبار»، أن المساعدات قادمة من بلدة مجدل شمس المحتلة، مشيرة إلى أن «سكان بلدة حضر كانوا قد تسلّموا، منذ أسبوعين تقريباً، مساعدات مقدّمة من «رحمة»»، على اعتبار أن «الجمعية تتبع لدروز فلسطين، وبالتالي ليست لحكومة الاحتلال أي علاقة فيها»، بحسب قولها.
وفيما تحدّثت وسائل إعلام عبرية عن زيارة مزعومة لوفد درزي سوري إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق ما أوردته مثلاً صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي قالت إنه «لأول مرة منذ عام 1947، سيزور قريباً نحو 100 درزي سوري قبور شخصيات دينية درزية داخل إسرائيل»، كشفت مصادر، في حديثها إلى «الأخبار»، عن «ضغوط» يمارسها طريف على المرجعيات الدينية في بلدة حضر خصوصاً، وبقية مناطق جبل الشيخ لتنفيذ تلك الزيارة، بالتنسيق مع الاستخبارات والجيش الإسرائيلييْن. كما طلب طريف من المرجعيات الدينية الدرزية، وفقاً للمصادر، أن «تقيم تواصلاً مع شخصيات تمثّل أقلية الشركس والعشائر العربية في الجنوب السوري، للقيام بزيارة مماثلة». وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة «لم يُتخذ أي قرار بها من قبل الدروز حتى الآن»، علماً أن عدداً من شخصيات حضر كان قد دخل بالفعل إلى بلدة مجدل شمس، في وقت سابق.
ويأتي هذا في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال العمل على تأصيل وجودها في الجنوب السوري، وتعزيز وجودها العسكري في المواقع التي تمركزت فيها، وسط استمرار تنفيذ سلسلة من الغارات على مواقع في محيط العاصمة السورية ومدن الجنوب، والتي جاء آخرها ليل الإثنين – الثلاثاء الماضي. وقال كاتس، خلال تفقده لقواته في مرتفعات جبل الشيخ، أولَ أمس، إن جيشه قصف «40 هدفاً» في سوريا، مجدّداً تأكيد بقاء قواته في سوريا حتى تاريخ غير محدد، وضمان أن «تكون المنطقة الآمنة في جنوب سوريا منزوعة السلاح».
يتذرّع العدو بـ«محاولات هجوم» قد ينفّذها عناصر تابعون لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» انطلاقاً من الجنوب
وإلى جانب ما تسمّيه إسرائيل «حماية الدروز»، كذريعة لتمدّدها في الجنوب السوري، والذي طلبت عدم دخول عناصر «قوى الأمن» التابعة للإدارة السورية الجديدة إليه، فهي تتذرّع أيضاً بـ«محاولات هجوم» قد ينفّذها عناصر تابعون لحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» انطلاقاً من الجنوب. وفي السياق، نشرت «يديعوت أحرونوت» تقريراً يشير إلى «تصاعد تهديدات أمنية» من الجنوب، من قِبل «عناصر تابعين لحماس والجهاد الإسلامي أُفرج عنهم من سجون النظام السوري، في الأيام الأولى بعد سيطرة فصائل المعارضة على مناطق في الجنوب»، لافتة إلى أن «هؤلاء العناصر بدأوا بالتخطيط لشن هجمات انطلاقاً من جنوب سوريا في اتجاه المستوطنات الإسرائيلية على الحدود مع الجولان وفي إصبع الجليل».
كما ذكرت الصحيفة أن «سلاح الجو الإسرائيلي استهدف خلال الأسابيع الأخيرة، عدة مخازن أسلحة تابعة لتلك التنظيمات في سوريا، كانت مخفية حتى عن أعين النظام الجديد هناك»، فيما قالت «القناة 12» إن «إسرائيل نفّذت عملية ليل الثلاثاء ضد خلية تابعة لحماس في جنوب سوريا»، لافتة إلى أنه «كانت هناك مخاوف من أن تخطط المجموعة لشن هجوم على مستوطنات إسرائيلية في الجولان». كذلك، قالت القناة نفسها إن «إسرائيل أرسلت طائرات مقاتلة إلى سوريا «مرات عدة في الأيام الأخيرة (…) وحلّقت على ارتفاع منخفض لتوجيه رسالة إلى النظام الجديد بأنها ستحمي الدروز».
وفي غضون ذلك، استهدف كمين مسلح، ليل الثلاثاء – الأربعاء، تحركات لقوات العدو في بلدة كويا، القريبة من منطقة «وادي اليرموك» في ريف درعا الجنوبي، من دون ورود أنباء عن تسجيل خسائر في صفوفها. وفيما تبع الكمين المشار إليه، تحليق للطيران المُسيّر الإسرائيلي فوق المنطقة ومناطق متفرقة من جنوب سوريا، من دون تنفيذ أي استهداف، قالت مصادر عشائرية من قرى «حوض اليرموك»، في حديثها إلى «الأخبار»، إن «البرود الإسرائيلي تجاه الحدث الذي يُعد الثاني من نوعه، بعد استهداف قوة للاحتلال في قرية طرنجة في ريف القنيطرة، الشهر الماضي، بدا مريباً». ورجّحت أن الرد الإسرائيلي على «كمين كويا»، قد يأتي «على شكل عمليات دهم وتفتيش واعتقالات في قرى المنطقة».
إلى جانب ما تقدّم، أطلقت قوات الاحتلال، ظهر أمس، النار في اتجاه قطيع مواشٍ بالقرب من قرية الرفيد في ريف القنيطرة، وذلك نتيجة لاقتراب القطيع من منطقة «شريط الفصل»، فيما تمكّن الشبان الذين كانوا يرعون مواشيهم من النجاة بصعوبة. كما فتحت قوات الاحتلال النيران بشكل عشوائي من نقطتها في «تل أحمر غربي»، في اتجاه قرى كودنا والسويسة وعين زوان، ما تسبّب بتسجيل أضرار مادية. وبالتزامن، اقتحم جنود العدو عدداً من المنازل في قرى جباتا الخشب وعين البيضا وأوفانيا، حيث فتّشوا مجموعة من المستودعات الزراعية وحظائر المواشي قبل أن ينسحبوا. وكان قد سبق ذلك ببضع ساعات، قيام الاحتلال باعتقال شاب يُدعى منهل العلي، وهو من قرية كودنا، واقتياده إلى قاعدة العدو في «تل أحمر»، حيث لا يزال مصيره مجهولاً.