| رندلى جبور |
ليست فلسطين وأوطاننا إلا ترجمة لـ”وجع” الجغرافيا. تلك التي تضعنا على مفترقات ألم لسنا السبب به.
عند تقاطع بين الشرق والغرب، تقع العقدة.
على فوهة برميل نفط، وبركة مياه، وممرّ…
عند التقاء حضارات لا يريدون لها اللقاء…
عند بقعة استسهلوا احتلالها، وسكبوا فيها رصاصة على شكل شعب آخر، استوطنها لأن لا مكان آخر له في هذه الدنيا!
على أرض فيها مجموعة من الناس، نبت في زواياها مقاومون، في حين يعشق “صنّاع” العالم المسَلِّمين والمسْتَسْلمين والمتخاذِلين.. والمطبِّعين مع كل شيء حتى مع الشياطين!
في منتصف “كوريدور”، وبداية محور، ونهاية آخر.
عند طقس لم نختره، وعلى بقعة أرادوها لتحقيق مشاريعهم لتبقى بُقَعُهم هم بمنأى عن السواد.
على تضاريس أكلوا من عرائشها الحصرم.. فضَرِسنا.
وكأن جغرافيتنا كُتبت من أجل الحرب.
وكأن التاريخ لم يفعل بنا إلا الخيانة.. وكأنه ليس لديه من يتسلّى به إلا نحن!
وَعَدَهُم بلفور.. فخاننا التاريخ.
وكان الغرب على الموعد مع أرضنا المشرقية بلا موعد، فاغتصبها، ودوّن قصّتها كما يحلو له!
وكانت الليبرالية على صراع مع الشيوعية، فدفعنا نحن الثمن.
وكان ثمن الأحادية أسوأ بعد.
وكان حكّامنا تجاراً، واقتصادنا ريعاً، وسياساتنا مرسومة في الخارج البعيد، فاستوردنا ما ليس لنا.. حتى حلّت المأساة.
والمأساة ترجمة لملهاة السياسة وغدرها. تلك التي أرادوها للتحكم بنا، لشطب كراماتنا وإنسانيتنا ووطنيتنا والاستفادة من مكرماتنا.
تجاربهم السياسية اختبروها على أسرّتنا.
وتجاربهم العسكرية اختبروها بين دكاكيننا وحاراتنا.
وتجاربهم الاعلامية اختبروها في فضاءاتنا.
وتجاربهم الاقتصادية اختبروها داخل خزناتنا التي باتت فارغة.
وتجاربهم اللا أخلاقية اختبروها على إنساننا الذي أصبح تحت وابل من نار.
والنار تلتهم كل شيء.
فهل من ثورة كبرى على الجغرافيا المحتلة؟
وهل من انتفاضة نهائية على التاريخ الذي ضحك علينا؟
وهل من صرخة حقة في وجه غدر السياسة؟
الوقت متاح.. لا تضيّعوه.. لاستعادة الجغرافيا، وكتابة التاريخ، وإصلاح السياسة!