وتبقى الكلمة… للميدان!!

 

مبارك بيضون
مبارك بيضون

 

كتب مدير “مركز بيروت للأخبار” مبارك بيضون
لا تزال وتيرة التصعيد الصهيوني على لبنان تتصدّر المشهد العام، عسكرياً وأمنياً وحتى دبلوماسياً، حيث يتّخذ الحراك الديبلوماسي الدولي على أعلى المستويات حيّزاً كبيراً من الأهمية في ظل الضغوطات العسكرية التي تشكل حزاماً ناراً يعيق حدوث أي تقدّم رغم كل ما يجري من مفاوضات للوصول إلى تسوية ما بين مختلف الافرقاء، خاصة على الجبهات التي تحتدم نيرانها يوماً تلو، لاسيما جبهتنا الجنوب المؤثّرة بشكل مباشر على شمال فلسطين، من حيث الضغوطات العسكرية التي تُمارس على حكومة تل أبيب بعد نزوح الصهاينة عن المستوطنات، ووصول عدد كبير منهم إلى المناطق القريبة من تل أبيب.

هذا ما يشغل بال “الكابينت” الإسرائيلي، الذي يعتبره ضغطاً مباشراً على الكيان، من حيث الوضع الاقتصادي بالدرجة الأولى، وما له من مؤشرات سلبية وتعطيل المرافق العامة التابعة لتلك المستوطنات ما يرخي بتأثير مباشر على كل ما يجري عند الجبهة الشمالية، حيث يحاول الجيش الاسرائيلي الضغط بقوة على المقاومة الممتدة على طول الشريط الحدودي من الناقورة وحتى شبعا، وصولاً الى جبهة الجولان التي باتت هي الاخرى تحت مرمى وضربات المقاومة.

مع العلم بأنّ جيش الاحتلال الاسرائيلي يقوم منذ بداية محاولاته للدخول براً الى لبنان عن طريق البر وما تبعه من غارات جوية تشبه الاجتياح الجوي بدلاً من البري، الذي بدأ منذ عدة أيام في محاولات عدة، لكنها حتى الساعة باءت بالفشل حسب اعترافات العدو بذلك.

في هذا الإطار، يعتبر الكيان الغاصب أنّ هذه المحاولات قد تكون عاملاً ضاغطاً على محور المقاومة بما يمثّل من تداعيات تُصنّف حتى الساعة تسجيل نقاط للمحور بما تقوم به المقاومة على الجبهة الشمالية، لاسيما المعارك البرية والتدخّل الإيراني في عملية هي الأولى من نوعها تقوم بها طهران بقصف وصل إلى مستوطنات متعدّدة من داخل فلسطين المحتلة، لاسيما تل أبيب التي أنهكت العدو الإسرائيلي حيث إنها أوّل مرّة تستهدف على هذا المستوى دولة الكيان منذ نشأتها.

يبدو أنّ المعركة تحوّلت من جبهة مساندة إلى جبهة مفتوحة لا يعلم أحد إلى أين ستصل الأمور بعدما اتخذت المقاومة قراراً بات بفتح حساب جديد تجاه عملياتها التي تنتقل بمستوى ثقلها من نوعية الضربات الصاروخية أو المسيّرات الانقضاضية وما ينتظر من عمليات برية قد تؤدي الى مفعول يرتد سلب على الكيان ومفاجآت لم يكن يحسب لها الكيان اي حساب.

وفي توصيف له علاقة بالحركة الدبلوماسية تحت مشهد النار والنيران الذي يتفاعل يوماً بعد يوم بتوسيع الضربات الاسرائيلية العدوانية على القرى والبلدات وصولاً الى البقاع والشمال وحتى بيروت لم تستثنَ من الاعتداءات.

تقوم المقاومة بردود فعل متنوعة قد تكون ثأرية لما كان من عمليات اغتيال أو من ضربات تطال عمق فلسطين المحتلة، وقد تشهد الساحة تطوّراً ميدانياً باتجاهات مختلفة للمقاومة، وكل ذلك التوصيف لما يجري على أرض الواقع والميدان يدخل في إطار الحسابات الجارية المفتوحة للمفاوضات التي تتبنّاها بعض الدول الغربية وغيرها من الدول العربية المحايدة، إضافة الى الدبلوماسية الاميركية التي أعطت الضوء الاخضر لفرنسا لتقوم بلعب دور باتجاه الوصول الى نقاط مشتركة قد تؤدي الى حل.

لكن كل المؤشرات تتحدث عن صعوبة للوصول إلى حلول في القريب العاجل، خاصة أنّ ردود فعل المقاومة تتنامى يوماً بعد يوم، رغم عمليات اغتيال إسرائيل على قياداته، خاصة استشهاد سماحة أمينه العام الشهيد السيد حسن نصر الله ظناً بأنّ المقاومة باتت لا تمتلك القدرات ولا حتى السيطرة الميدانية على الجبهة الشمالية وعلى منظومتها الصاروخية، مع العلم بأنّه حتى الساعة ما زالت مفاعيل قدرة المقاومة تتنامى يوماً بعد يوم، وهذا ما يشهده الميدان، وقد يكون هناك مفاجآت أخرى تُدخل العدو بحالة من الإرباك الإضافي رغم ما يقوم به من عمليات انتقامية يطال فيها البشر والحجر، وأحدثها المسعفين والمراكز الطبية والصحية على طول الاراضي اللبنانية، ولا تزال المقوّمات الدفاعية للمقاومة تقوم بواجباتها كردّها الصاروخي الى داخل فلسطين المحتلة، عدا عن المواجهات البرية على مسافة صفر في الميدان وإنزال الخسائر البشرية بين جنود وضباط الجيش الاسرائيلي وعلى الآليات العسكرية.

من هنا يبدو أنّ الكلمة ما زالت للميدان، وكل الجبهات على جهوزية تامة لكل محور المقاومة امتداداً من اليمن والعراق ولبنان وسوريا وايران، رغم الانتهاكات العسكرية لكل المواثيق الدولية التي ينتهكها العدو.

Exit mobile version