هوكشتاين.. شريك وليس وسيطاً..المقاومة مستمرّة وردعها يُفقِد الصهيوني موازين الصراع
كتب مدير “مركز بيروت للأخبار” الأستاذ مبارك بيضون
في ظل الضربات الحاسمة والموجّهة التي سدّدتها المقاومة من جنوب لبنان ضد جيش العدو الإسرائيلي، وبعد “كل ما عاد به الهدهد”، وما سيعود به تباعاً، بات من المسلّم به أن الكيان الصهيوني يعيش حالة من التخبّط، نتيجة “الردع المقاوم” الذي موازين الصراع، وحوّله إلى أعجز من مجرّد التفكير بخطوة عسكرية كبيرة تجاه لبنان، دون أن يأخذ بالحسبان رد فعل “المقاومة”، التي أعدّت له العدّة، وما أخفته أعظم مما أظهرته.
يُضاف إلى ذلك أنّ رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرّف بنيامين نتنياهو يحسب ألف حساب لوقوع “مُغتصبات” المنطقة الشمالية من الأراضي المحتلة “أسيرة خط نار أو حزام أمني جديد”، فُرض بفعل وقوف المقاومة “بالمرصاد” للعدو الإسرائيلي، الذي لم يكن يتوقّع قبل 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وحتى خلال الحروب السابقة، أن تكون “المقاومة” حاضرة لرد أي عدوان في أي منطقة، ولاسيما مزاعمه حول ما جرى “مجدل شمس” الجولانية.
أي عدوان موسّع.. تهوّر
لذلك، يعرف العدو الإسرائيلي تمام المعرفة، أن أي عدوان موسّع على لبنان، لن يكون إلا غلطة وتهوّراً غير محسوب النتائج، وسيسفر عنه اشتعال فتيل عمل عسكري يمتد على طول الجبهة المفتوحة من الناقورة إلى مزارع شبعا، ووصولاً حتى عمق الجولان المحتل، ومثلها مثل أي جبهة أخرى في المنطقة ككل.
مجاهدو حزب الله وإنْ صعّدوا العمليات العسكرية ضد العدو في كل مرة، دون الأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل حول عملياتهم الانقضاضية على مواقع وتجمّعات الجيش الإسرائيلي، فإنّ هدفهم العسكري لا يزال ضمن خطة القيادة المتعلقة بالاستمرار كـ”جبهة مُسانِدة ومشاغَلة مفتوحة” لما تقتضيه الظروف العسكرية، وحسب ما يتطلبه الميدان، وغير ذلك ليس له أي اعتبار، لأنه حين “تخرس أبواق الحرب” على الجبهة الغزاوية، تُطفئ المقاومة “لهيب” أسلحتها الدفاعية، وتفك أسر الحزام الأمني لما يسمى بـ”المنطقة الشمالية للمستوطنات” التي يتجاوز عددها الـ50 مستوطنة.
“هوكشتاين”.. شريك وليس وسيطاً
وفي نفس الإطار، يلعب “الأفندي” هوكشتاين دور القاضي في ما يقوم به من مفاوضات ومحاولات تقريب وجهات النظر بين المقاومة والجيش الإسرائيلي عبر الوساطة “المزعومة”، لكنه يتناسى دوماً أنّ مَنْ أرسله ليس وسيطاً، بل هو مبعوث من الطرف “الأمريكي” الشريك في مد الصهاينة بسفن وطائرات صواريخ لم تتوقف منذ ما يقارب العام في دعم العدو الإسرائيلي.
لذلك، يجب على هوكشتاين إدراك أن عملية المفاوضات يجب تحمل عنواناً رئيسياً هو “وقف إطلاق النار في غزة”، ثم بحث ما بعد ذلك، مع أننا لن ننسى، ويجب أن لا ننسى أنه داعم للجيش الإسرائيلي من خلال الإدارة الأمريكية، التي يمثلها هذا المفاوض.
هوكشتاين ينقل الرسائل والتهديدات في كل مرّة إلى الحكومة اللبنانية، وإنْ لم يكن مباشرة فمن خلال بعض المقربين منه في الداخل اللبناني، لذلك يجب وضع حد للعب هوكشتاين دور القاضي، لأنه تحول إلى ساعي بريد لتهديدات الكيان الصهيوني، في كل مرة تنفذ المقاومة عمليات عسكرية نوعية تجعل الاحتلال يتعرض لخلل أمني وعسكري، خاصة ما يحصل في الجبهة الجنوبية مع العلم بأنّ إسرائيل لا تريد الاعتراف بشيء، إلا أن بعض المسؤولين والمحللين الإسرائيليين لم يتوقفوا عن تسليط الضوء على الضربات المباشرة التي يتلقها الجيش الإسرائيلي من المقاومة في جنوب لبنان، إضافة إلى الجبهات المؤثرة الأخرى على مجرى العمليات العسكرية، امتداداً من غزة إلى حتى اليمن، مروراً بجنوب لبنان والعراق.
المعادلة الثابتة: الند بالند
إذاً المعادلة باتت معروفة وثابتة، وتقوم على أن توسيع العدوان يقابله توسيع رقعة الاشتباك على الجبهات كافة، والمقاومة تتعامل مع ردود الفعل بما تراه مناسباً في الميدان، على حسب ما تقوم به إسرائيل من قتال داخل قطاع غزة، ورد الفعل يكون في الوقت والزمان المناسبين، تجاه ردود الفعل المباشرة على الجرائم التي يرتكبها العدو الصهيوني، وخاصة مجازر قطاع غزّة، إضافة إلى الخروقات وبعض ضربات الأمنية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، وبانتظار ما ستؤول إليه المفاوضات، التي حتى الساعة لم تسفر عن أي تقدم، يبدو أن الوضع سيبقى على ما هو عليه، مع العلم بأنّ إسرائيل باتت اليوم محشورة في الزاوية، ولا تستطيع القيام بأكثر مما تقوم به من ضربات متعددة لكنها غير محكمة، ولا تصل بنتائجها سوى إلى قتل المدنيين، وتدمير البنى التحتية لما تبقى من غزّة، خاصة أن القطاع محاصر منذ وقت طويل، ولا يزال يسير على نفس درب الجلجلة.