هواجس مسيحية حيال الخطر السوري: هدنة مع «حزب الله».. وقد نحمل السلاح!

هواجس مسيحية حيال الخطر السوري: هدنة مع «حزب الله».. وقد نحمل السلاح!

كتب عمار نعمة في “اللواء”:

رغم ارتياح مسيحي عام لما جرى في سوريا في الثامن كانون الأول الماضي مع سقوط النظام السابق الذي تكنّ له الغالبية المسيحية الكراهية التاريخية، لكن مع الوقت واتجاه الأحداث سرى شعور باللاطمأنينة وصل مع المجازر الأخيرة في الساحل السوري التي استهدفت بغالبيتها العلويين لكنها طالت مسيحيين، الى حد إعلان الهواجس لما هو آتٍ عبر الحدود الشرقية والشمالية.

والحال ان ما صدر عن حكام دمشق الحاليين من الإسلاميين الراديكاليين ومن هم على ضفافهم من حركات تكفيرية، لم ينزل بردا وسلاما حتى لدى عتاة المسيحيين اليمينيين، الحزبيين او المستقلين، ناهيك عن الذين يتخذون موقفا معتدلا من اخصام هؤلاء الحكام كـ«حزب الله».

كان لما حدث بالغ الأثر في الوجدان المسيحي كونه لم يخرج أصلا من حال الاحباط المزمن منذ عقود والمؤرخ بعد هزيمة المسيحيين في الحرب الأهلية ثم في السلم بعدها، رغم كل تضحياتهم كما يؤكدون، وفي ذلك الكثير من الصحة كون الطائف ما كان ليبصر النور لولا غطاء البطريركية المسيحية و«القوات اللبنانية» وان جاء ذلك بضغط فاتيكاني وفرنسي.

ولكن الإحباط المسيحي الذي تنفّس الأوكسجين في بعض الفترات التاريخية، ومنها اليوم، بعد التطورات، ها هو يرى بذهول ما يحدث حوله في المشهد السوري الذي يزيده الغموض قتامة، خاصة عند محاولة استشراف تأثيراته على الداخل اللبناني حيث العدد الهائل للاجئين السوريين ومنهم بعض المسلحين.

وإذا كان «التيار الوطني الحر» تنفّس الصعداء وقام بهجوم مضاد لتأكيد صوابية خياره بعد تحالفه مع النظام «العلماني» السابق، فإن «القوات اللبنانية» و«الكتائب» والشخصيات المسيحية التي كانت معادية لذلك النظام وسعدت لسقوطه، تبدو محرجة مما يحدث وتؤثر الصمت، بينما لا يقدّم النظام الجديد في دمشق ما يطمئنها عمليا لكي تخرج مدافعة عن رؤيتها.

في الأروقة المغلقة الكثير من القلق لدى القيادات المسيحية مما يجري وثمة محاولات لتقديم رؤية مستقبلية لمشهد مفتوح على احتمالات شتى. كان ذلك حتى قبل المذابح الأخيرة، ثم تعمق معها، وبات اليوم يتخذ نقاشات جديّة تتعلق بكيفية حماية المسيحيين بدءا من الأقلية في البقاع التي قد تكون الضحية الاولى لأي اجتياح سوري عبر الحدود لا يستبعده المسيحيون.

في الذاكرة ما زال التخلّي السابق عن المسيحيين، وهو ما لا يقتصر على لبنان بل على المنطقة ككل في سوريا والعراق وفلسطين ومصر.. لذا فالمخاوف لها ما يبررها، لكن لها أيضا عنصرا ذاتيا لا يمكن تبرئة المسيحيين منه في الوقت نفسه. فالانقسامات شكّلت مقتلهم على الدوام، الموارنة منهم على وجه الخصوص، ولن تفعل مخاوف اليوم في تغليب المصير المشترك على تلك المخاوف خاصة وسط لعبة السلطة التي تحركت في شكل غير مسبوق وانقلبت في شكل جذري.

فالغالبية المسيحية، فعليا القوات والكتائب، التي اصطفت سابقا في المعارضة باتت اليوم في السلطة أي الموالاة، والأقلية الكبيرة التي اختزلت تقريبا السلطة ماضيا ممثلة في «التيار الوطني الحر»، باتت في المعارضة.

وتشكّل قضية سلاح «حزب الله» احدى محاور الخلاف الرئيسية هنا، ولو ان التيار ابتعد عن الالتصاق بالحزب لكنه ما زال غير معاد له ولسلاحه ولم يتزحزح عن المطالبة باستراتيجية دفاعية بإمرة الدولة تحفظ ايجابية هذا السلاح.

بينما يذهب اخصام الحزب الى المطالبة بنزع السلاح، وهي مطالبة اتخذت زخما خلال وعلى اثر العدوان الإسرائيلي، لكنها اليوم فترت وثمة في أحاديث تلك القيادات بعض الاحباط ونيّة للالتفات الى العمل في الحكومة والتعاون مع الحزب للنهوض بالبلد.

لكن موضوع السلاح يطرح بقوة مع التطورات في ظل انشغالات الجيش اللبناني الهائلة. وإذا كان الحزب سيتخذ من موضوع إخلاء منطقة جنوبي الليطاني بجديّة، إلّا ان الموضوع سينتهي هناك ولن يُسقَط هذا الأمر على خارج تلك المنطقة، وهذا أمر بات مفروغا منه.

وباتت الحدود مع سوريا اليوم تتخذ أهمية متزايدة، وثمة حديث بأن غطاء دوليا وُفّر للسلاح لإيجاد توازن مع الإسلاميين المتطرفين في دمشق.

هنا ثمة أسئلة مسيحية لا تلقى إجابات: هل يمكن لنا التغاضي عن سلاح «حزب الله» بعد كل ما حصل في سوريا؟ لما لا نضع جانبا قضية نزع السلاح ونلقيها في ملعب الآخرين أو نتركها للوقت؟ ثم لما لا نتصدّى بأنفسنا لخطر التكفيريين وبسلاحنا إذا تم اجتياحنا وحتى قبل ذلك؟!

هي أسئلة بلا إجابات، لكنها ستتخذ معنى إضافيا مع الأيام، خاصة وان الوضع في سوريا مرشح للمزيد من التطورات ولفوضى طويلة وربما لتوسّع نحو الدول المحيطة كافة.

Exit mobile version