هل يُلاقي لبنان الدول الأوروبيّة والجوار في مسألة إعادة النازحين السوريين الى بلادهم سريعاً؟!
كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:
يُنتظر أن يُلاقي لبنان كلّاً من الأردن وتركيا ومصر في تحرّكهما في اتجاه الإتحاد الأوروبي، من خلال اللقاءات والإتصالات لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم. وقد اتخذ عدد كبير من الدول الأوروبية أخيراً قرارات حاسمة بشأن النازحين السوريين في القارة الأوروبية، تتعلّق بتسهيل عودتهم الى سوريا، ووقف القبول بطلبات اللجوء اليها. وتزور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تركيا والأردن خلال الأسبوع الجاري، لبحث الوضع في سوريا، وطريقة التعامل مع النظام الجديد، ومسألة عودة النازحين.
أمّا حكومة صريف الاعمال في لبنان فلم تتحرّك بشكلٍ فعلي بعد، لحلّ هذا الملف الشائك مع انتفاء كلّ أسباب النزوح السوري الى لبنان، وبعد التطمينات التي أعطتها “هيئة تحرير الشام” لجميع السوريين من مختلف الطوائف والإنتماءات.. ما يجعل البعض يخشى من أن يبقى لبنان متأخّراً عن دول الجوار في هذا الإطار، فيكون “مثل الرايح على الحجّ والناس راجعة منه”.
مصادر سياسية مواكبة تحدّثت عن أنّه لا يُمكن للبنان انتظار انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني، الذي قد يحصل أو لا يحصل، سيما وأنّ إعادة النازحين السوريين من شأنها التخفيف من الأعباء المالية والإقتصادية، التي تُرهق كاهل الخزينة. كما أنّ دول الجوار المضيفة للنازحين السوريين بدأت بالتحرّك الجدّي، لإعادتهم بالإتفاق مع الإتحاد الأوروبي، بعد إعلان أبو محمّد الجولاني إنهاء التجنيد الإجباري وحلّ الفصائل المسلّحة، وحماية الممتلكات الخاصّة والعامّة، وما الى ذلك من الإجراءات التي تعمل على تسهيل العودة أمام القلقين والمتردّدين.
ولهذا، فإنّ إعادة تصنيف السوريين الموجودين في لبنان، هو الأمر الأول الذي لا بدّ من أن تُناقشه حكومة تصريف الأعمال في أي جلسة تعقدها قريباً، على ما تلفت المصادر، ومن ثمّ وضع آلية محدّدة بشكل سريع، تؤمّن عودة النازحين الى بلادهم ، مع إعطاء جميع التسهيلات الممكنة لتأمين هذه العودة. فخلال الحرب الأخيرة عاد من أصل مليونين و80 ألف نازح، بحسب أرقام وزارة الداخلية والبلديات، ما يُقارب الـ 400 ألف نازح الى سوريا. ما يعني بأنّ الباقين الذين يصل عددهم الى 1680 ألف نازح، على الحكومة أن تقرّر كيفية تسهيل عودتهم وفق خطة سريعة ومحدّدة بالتعاون مع الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وفي ما يتعلّق بالنازحين العائدين الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، فتؤكّد المصادر نفسها، أنّ الأمن العام يتعاون مع القوى الأمنية لضبط دخول هؤلاء الى لبنان، فالذين يملكون الإقامة تتمّ الموافقة على دخولهم الى الأراضي اللبنانية، في حين تعيد غير المزوّدين بها الى سوريا. وعلى الدولة اللبنانية بالتالي، تضيف المصادر، تحديد عدد اليد العاملة السورية التي تحتاجها في المرحلة المقبلة، في ما ينصّ عليه القانون اللبناني، في أعمال البناء والزراعة والنظافة، ولكي تعمل على عدم تخطّي هذا العدد لأي سبب كان ، فضلاً عن إعادة النظر بشروط الإقامة في لبنان وبرخص العمل فيه، وبالدخول اليه عبر المعابر غير الشرعية، فتقوم بتشديد العقوبات ليس على صعيد رفع قيمة الغرامات المالية، والترحيل الى سوريا إنّما لتصل الى حدّ السجن لفترة محدّدة.
أمّا الأمم المتحدة التي أوقفت المساعدات للنازحين السوريين منذ بدء الحرب “الإسرائيلية” على لبنان، فلديها 17 مركزاً موزّعاً على الأراضي اللبنانية. وتقوم المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم، على ما ذكرت المصادر، بدفع مبالغ مالية لتسهيل عودة النازحين السوريين الى بلادهم. لكنها ستكون مطالبة برفع المبلغ المخصّص لكلّ عائلة ليصل الى نحو ألفين أو ثلاثة آلاف دولار، لكي يتمكّن النازح من تسيير أموره خلال الفترة الأولى من عودته. مع العلم بأنّ النازحين السوريين الذين يستقرّون في القرى الحدودية مع سوريا، ولا سيما في عرسال، حيث عددهم يفوق عدد سكّان البلدة، فقد بدأوا بالعودة الى قراهم. فعودة هؤلاء غير مكلفة، ويُمكن أن تحصل في وقت سريع وقصير. في حين أنّ النازحين الموجودين في المناطق البعيدة عن الحدود فتكلفة عودتهم مرتفعة أكثر، وهذا ما على المفوضية أخذه بالإعتبار خلال عملية دفع تكاليف العودة لهم.
أمّا تسريع العودة، فلا بدّ وأن يتمّ تنسيقه بين حكومة تصريف الاعمال والإتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، على ما تلفت المصادر نفسها، خصوصاً وأنّ المجتمع الدولي كان يؤجّل هذه العودة الى حين إيجاد الحلّ السياسي الشامل للأزمة السورية. واليوم مع التحوّل السياسي الذي تشهده سوريا، فإنّ الحكومة الإنتقالية، لا بدّ وأن تكون جاهزة لحلّ كلّ المشاكل التي كانت عالقة سابقاً بسبب بعض الضغوطات. وعليه، فإنّ لقاء نجيب ميقاتي أو عدد من الوزراء مع نظرائهم السوريين، من شأنه البحث في جميع النقاط العالقة، من أجل تسهيل عملية عودة النازحين السوريين، وإيجاد الحلول المناسبة للموقوفين أو المطلوبين وفق ما تقتضيه القوانين الدولية المرعية الإجراء.
كذلك يُعوّل لبنان على الدعم الإقليمي من دول مثل الأردن وتركيا، اللتين بدأتا تنسيق خطط إعادة النازحين مع دول الاتحاد الأوروبي، على ما أوضحت المصادر، لا سيما وأنّ مشكلة دول الجوار واحدة بالنسبة لاستضافة النازحين السوريين. في الوقت نفسه، الحكومة اللبنانية تأمل في أن يُسهم المجتمع الدولي في دعم خطط العودة، لا سيما من خلال تقديم مساعدات مالية ودعم مشاريع إعادة البناء في سوريا، الأمر الذي يُسهّل عودة العدد الأكبر من النازحين السوريين في لبنان ودول الجوار.