هل يُشارك هوكشتاين في الإجتماع الأول لآليّة الإشراف الثلاثاء ويتمّ الإتفاق على كيفيّة الإستجابة للشكاوى؟
كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:
ينتظر الجميع عودة المستشار الأول للرئيس الأميركي آموس هوكشتاين، مهندس إتفاق وقف إطلاق النارالى بيروت، كونه يشغل حالياً منصب “الرئيس المدني المشارك” الى جانب اللواء الأميركي جاسبر جيفرز، الذي يرأس آلية مراقبة وقف الأعمال العدائية بين لبنان و”إسرائيل”، لمواكبة عمل “الآلية”، حتى يتمّ تعيين مسؤول مدني دائم. وتعقد الآلية اجتماعها الأول الثلاثاء المقبل للإتفاق على خطة عملها، في حين تستمرّ الخروقات “الإسرائيلية” بشكل فاضح لاتفاق وقف النار.
وفي ظلّ بدء إعادة إنتشار عناصر الجيش اللبناني في منطقة جنوبي الليطاني، تقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ حكومة تصريف الاعمال ستُطالب “الآلية” الأسبوع الطالع، بالضغط على “إسرائيل” لوقف خروقاتها للإتفاق، التي تؤدّي الى المزيد من قتل المدنيين الأبرياء، ومن تدمير المنازل ومقوّمات العيش في القرى الحدودية، بهدف منع السكّان اللبنانيين من العودة اليها. كما ستطلب منها تحقيق الإنسحاب “الإسرائيلي” من هذه البلدات فور دخول الجيش اللبناني اليها، قبل انقضاء مهلة الـ 60 يوماً، على ما وعد هوكشتاين، لكي يتمكّن أهاليها من العودة اليها في أسرع وقت ممكن.
ولا تستبعد المصادر أن يحضر هوكشتاين أول اجتماع لآلية المراقبة، رغم عدم وجود أي تأكيدات على مجيئه الى بيروت حتى الساعة، من أجل وضع النقاط على حروف إتفاق وقف النار الذي تستغلّه “إسرائيل” منذ عشرة أيّام، لتؤكّد أنّها حصلت من الولايات المتحدة على ورقة ضمانات حرية الحركة في لبنان، رغم أنّها في الواقع لا تتعرّض لأي تهديد، على ما تزعم. فوجود هوكشتاين في اجتماعات “اللجنة الخماسية” أساسي، سيما وأنّه كان وراء مقترح الإتفاق، وهو يُدرك تماماً المواقف الفعلية لجميع الأطراف المعنية منه. وعلى هذا الأساس، يُمكنه ترؤس الآلية مدنياً، وإعطاء ملاحظاته ونصائحه على عملها على الأرض. أمّا في حال لم يحضر الى بيروت، فيُمكن أن يُشارك في الإجتماع عن طريق الإتصال عبر الفيديو، لكنّها تستبعد حصول هذا الأمر.
وفي الممارسة العملية لكيفية تنفيذ الإتفاق، تؤكّد المصادر بأنّ “آلية اإلإشراف” ستسعى الى فرض الإمتثال الى بنود اتفاق وقف النار. غير أنّه من المرجح أن يتبنّى لبنان و”إسرائيل”، تفسيرات مختلفة للحوادث الفردية التي تحصل، ولا يُقدّم الإتفاق أي توجيهات لسدّ هذه الثغرات. كما لا يعطي أي تفاصيل حول كيفية استجابة الآلية للشكاوى أو كيف ستقدّم الحلّ لها جنباً إلى جنب مع الحقّ، الذي يمنحه الإتفاق للبنان و”إسرائيل” في القيام بعمل عسكري دفاعاً عن النفس. ولهذا، فوجود هوكشتاين قد يُساهم في التوافق على هذا الأمر، لأنّه إذا كانت الآلية غير قادرة على إدارة الخلافات التي ستُعرض عليها، أو ستنحاز الى طرف ضدّ الآخر، فمن المرجح أن تزداد فرص تجدّد الصراع. وهو أمر لا تريد الآلية أن يحصل على المدى الطويل.
من هنا، تجد المصادر العليمة بأنّ احتفاظ لبنان و”إسرائيل” بالحقّ الصريح في استخدام القوة “للدفاع عن النفس”، يُشكّل تهديداً واضحاً لهذا الإتفاق. ففي حال استمرّت العمليات العسكرية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي إنطلاقاً من دفاع كلّ منهما عن نفسه، رغم وجود آلية المراقبة على الأرض، والتي ستبدأ عملها فعلياً في غضون أيّام، فإنّ هذا الأمر من شأنه إضعاف أو زعزعة وقف إطلاق النار الهشّ. وقد أعرب المسؤولون الأميركيون عن قلقهم بشأن هذا الاحتمال. والاحتمال الآخر هو أنّ الجانبين سوف يسعيان إلى وضع “قواعد لعبة” جديدة، والتي بموجبها تستمر عمليات تبادل إطلاق النار المنخفضة الحدّة.
أمّا الإتفاق الذي ستبدأ الآلية بالإشراف على تنفيذه على الأرض، والذي يستند الى أحكام القرار 1701، فيضع المسؤولية على ما تقول المصادر نفسها، على عاتق الحكومة والسلطات اللبنانية لضمان انسحاب كلّ الجماعات المسلّحة غير التابعة للدولة، والتي سمّاها الإتفاق بالجيش وقوى الأمن والجمارك وشرطة البلدية، من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (الذي يمتدّ على مسافة تتراوح بين 6 و28 كيلومتراً من الحدود مع “إسرائيل”). وفي غضون 60 يوماً، التي يتبقّى منها نحو 50 يوماً، يبدأ الجيش اللبناني بالإنتشار في المناطق الحدودية، على أن ينسحب الجيش “الإسرائيلي” منها.
وهذا الأمر، تحدّث عنه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في خطابه الأخير، إذ أكّد على تراجع عناصر الحزب من جنوب الليطاني، مشيراً الى أنّ وجودهم في شمال الليطاني لم ينصّ عليه الإتفاق، وهو شأن داخلي يحسمه مع الدولة اللبنانية. وهذا يعني، وفق المصادر نفسها، أنّ الحزب يلتزم بما ينصّ عليه القرار 1701، والإتفاق الأخير لوقف النار، أي ببند إخراج مقاتليه وأسلحته من المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، على أن ينقل مواقعه ربما الى شماله، كون الإتفاق لا يأتي على ذكر شمال الليطاني. وهذا يدلّ على أنّ الحزب لن يُخلي الجنوب بشكل كامل، فهو مقاومة وحزب سياسي في الوقت نفسه، والإتفاق الجديد، على غرار القرار 1701، لا يُحظّر وجود أي حزب سياسي على أي جزء من لبنان.
من هنا، يتحدّث البعض عن أنّ الجيش اللبناني الذي سيكون مسؤولاً عن تنفيذ العديد من الإلتزامات التي ينصّ عليها الإتفاق، يحتاج الى موافقة حزب الله، أو على الأقلّ تعاونه معه، لكي يحظى بفرصة القيام بذلك. وبرأيه، أنّ الثنائي الشيعي لديه ما يكفي من النفوذ في حكومة تصريف الأعمال الحالية، لمنع الحكومة من إصدار تعليمات للجيش للقيام بمهام رغم اعتراض الحزب وحركة “أمل” عليها. غير أنّ المصادر شدّدت في هذا السياق، على أنّ الجيش لا يتواجه مع الحزب، وقد وضع قائد الجيش خطّة سريّة، لتنفيذ كلّ ما هو مطلوب من المؤسسة العسكرية في اتفاق وقف النار، كما في القرار 1701، سيما وأنّ الحزب وافق عليهما، وإن لم يكن طرفاً فيهما.
وبناء على الإتفاق والخطّة الموضوعة، سيتعيّن على الجيش مراقبة مواقع البناء لمنع إعادة بناء البنية التحتية العسكرية. كما ستعمل على منع اندلاع التوتّرات بين المدنيين اللبنانيين العائدين، والقوّات “الإسرائيلية” التي سيبقى بعضها على الأقلّ متمركزاً في جنوب لبنان خلال فترة وقف إطلاق النار الأولية المحدّدة بـ 60 يوماً. فضلاً عن ذلك، يتعيّن على الجيش الحفاظ على السلام الداخلي، من خلال منع مرور الأسلحة غير المصرح بها عبر حدود البلاد مع سوريا، التي يبلغ طولها 320 كيلومتراً، حيث يعبر المهربون العديد من المعابر غير الشرعية.