كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
لا يوجد على أجندة المسؤولين اللبنانيين أي موعد قريب للقاء المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي كان قد زار بيروت منذ ثلاثة أسابيع وغادرها الى تل أبيب واعدا بالعودة في حال كانت أجواء لقائه المسؤولين الإسرائيليين إيجابية، غير انه انتقل من هناك متوجها الى واشنطن كمؤشر على فشل مهمته، غير ان الرجل بقي على تواصل مع شخصيات سياسية لبنانية وإسرائيلية علّه يتمكن من إحداث خرق إيجابي يحمله للعودة الى المنطقة، غير أن ذلك لم يحصل الى الآن وبالتالي فإن الكلام عن زيارته بيروت هذا الأسبوع غير صحيح وهو مجرد نسج تحليلات واجتهادات وتسريب شائعات لا أكثر ولا أقل.
وبحسب مصادر متابعة، فإن الأسبوع الجاري سيكون حاسماً لناحية تحديد حركة هوكشتاين، وما إذا كان سيزور بيروت أم لا، وذلك ربطاً بالاجتماع المقرّر بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، حيث من الطبيعي أن يتناول لقاء بايدن وترامب جملةً من الملفات التي تعني الولايات المتحدة ومن ضمنها ملف التسوية في لبنان، وربما يتوافقان على أن يتابع بايدن مسعاه لبلوغ هذه التسوية قبل بدء ولاية ترامب، وعلى هذا الأساس تصبح زيارة هوكشتاين إلى بيروت مؤكّدة وفق خريطة طريق يرسمها لقاء الرئيسين، وبالتالي سنكون أمام مرحلة جديدة للتفاوض على إنهاء هذه الحرب.
لكن لو كان صحيحاً ان إدارة الرئيس بايدن التي بدأت بجمع أغراضها للرحيل عن البيت الأبيض قبل العشرين من شهر كانون الثاني موعد حفل تنصيب الرئيس القديم – الجديد للولايات المتحدة دونالد ترامب تريد وقف الحرب الإسرائيلية على كل من لبنان وغزة، لكانت مارست الضغوط المطلوبة قبل أو بعد الانتخابات الرئاسية وتحقّق هذا الأمر من خلال اتصال هاتفي يجريه بايدن مع رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يستغرق بضعة دقائق، لكن الظاهر ان بايدن لا يريد الضغط أو أنه لا يستطيع ذلك، وفي المقابل يبدو ان نتنياهو لم يعد يعطي إدارة الرئيس التي بدأت تستعد للرحيل أي أهمية، وانه يريد تسليف هذا الأمر للرئيس الجديد الذي سيتربع على عرش أميركا على مدى أربعة أعوام قادمة، وهو ما يؤشر أن إيجاد الحلول للحرب الدائرة معقّد جداً، ويعزز الاعتقاد بان لا أمل في الاتفاق على وقف النار في وقت قريب.
في هذا السياق، يؤكد مصدر وزاري ان رئيس مجلس النواب نبيه بري المفوض من قبل «حزب لله» التفاوض للوصول الى وقف النار على أساس القرار الأممي رقم 1701، وكذلك قيادة الحزب لم يتسلّما أي مسودة اتفاق، وان كل ما يُقال بهذا الخصوص هو مجرد مناورة إسرائيلية تهدف الى إظهار نفسها بمظهر الساعي الى وقف النار بينما الفريق الآخر لا يريد، كما ان ما تم تسريبه عن طريق موقع «يسرائيل هيوم» من أنّ هناك مسودة اتفاق لوقف النار في لبنان يتضمّن انسحاب حزب لله إلى شمال الليطاني، وينصّ على عدم عودة حزب لله إلى الحدود، وأن الجيش الإسرائيلي سينسحب من الجنوب اللبناني إلى خطّ الحدود الدولية ضمن الاتفاق، وسيكون لإسرائيل حق العمل ضد أي انتهاك من لبنان والرد عليه مستقبلاً، هو محاولة جس نبض لا أكثر ولا أقل، لان واشنطن وتل أبيب ومعهما العالم أجمع يعرف ان لبنان لا يمكن القبول بهكذا اتفاق هو بمثابة صك استسلام، وبالتالي فان هذه التسريبات هدفها تحميل لبنان مسؤولية استمرار العدوان وما يمكن أن يلحقه من خسائر فادحة على مستوى البشر والحجر.
وإذ يلفت المصدر ان هناك حراكا دبلوماسيا على أكثر من جبهة، فانه لم يرصد حتى هذه اللحظة بروز مؤشرات توحي بإمكانية أن يؤدي هذا الحراك الى حل سياسي بين لبنان وإسرائيل.
ويشدّد المصدر الوزاري على ان لبنان متمسّك بالقرار 1701 بكل مندرجاته كأساس لأي اتفاق وانه من غير الوارد قبوله بتعديل أي فقرة من بنوده، وان إسرائيل التي خرقت هذا القرار آلاف المرات منذ العام 2006، تتحمّل هي اليوم المسؤولية في عدم تنفيذه كاملا وهذا برسم المجتمع الدولي الذي على ما يبدو لم يعد يرى إلّا بعين واحدة ويكيل بمكيالين.