كتب محمد علوش في “الديار”:
كل المؤشرات الحالية توحي بأن رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو غير راغب بالوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، يكون مقدمة نحو تهدئة على مختلف الجبهات المشتعلة على مستوى المنطقة، لا سيما الجبهة اللبنانية، حيث بات من الواضح أن نتنياهو يراهن على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أو على الأقل يعمل لإطالة أمد الحرب الى ما بعد الانتخابات الأميركية، ولأجل ذلك انتقل نتانياهو الى جبهة الضفة الغربية، ويزيد من منسوب التهديد بالانتقال الى جبهة لبنان.
هدد نتنياهو مجدداً بالتصعيد العسكري ضد لبنان، وهذه المرة خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة، إذ هاجم حزب الله وإيران، واعلن أنه أصدر توجيهاته للجيش “الإسرائيلي” وجميع الأجهزة الأمنية للاستعداد لتغيير الوضع القائم في الشمال، محدداً الهدف بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم بأمان، ومثله فعل وزير الحرب غالانت الذي اعلن الاستعداد لكل الاحتمالات في الشمال، متطرقاً الى سرعة الجيش بنقل مركز الثقل متى تطلب الامر ذلك من الجنوب الى الشمال.
يضع كثيرون لغة التهديد “الاسرائيلية” في سياق الحرب النفسية على اللبنانيين، هي لا شك جزء منها، لكن لا يجب أن يغيب عن بال أحد أن تصرفات نتانياهو منذ 11 شهراً الى اليوم، لم تكن يوماً تصرفات عاقلة أو منطقية، وتحديداً عندما نفذ عمليتي اغتيال في الضاحية الجنوبية وطهران، وكاد يأخذ المنطقة الى حرب شاملة لولا تدخل الاميركيين مع الايرانيين تحديداً لا مع نتانياهو، وهذا ما قد يكون سبباً إضافيا لنتانياهو لتهور جديد، فكيف ذلك؟
تكشف مصادر سياسية متابعة أن التواصل الاميركي – الايراني كان سبباً دائماً لفوضى بالعلاقة بين نتانياهو والإدارة الأميركية، واليوم تمكن هذا التواصل من قطع مسافات أساسية لمنع الحرب الشاملة من جهة، وتبريد الجبهات من جهة ثانية، خصوصاً بعد اغتيال اسماعيل هنية والوعد الإيراني بالرد على الاغتيال، مشيرة الى أن هذا التواصل لم يتوقف طول فترة الحرب. واليوم نرى بعض نتائجه في المنطقة من ايران الى اليمن وصولاً الى العراق مؤخراً، حيث تم الاعلان عن اتفاق أولي بين واشنطن وبغداد، يتضمن تفاهماً حول خطة لانسحاب قوات “التحالف” الذي تقوده الولايات المتحدة من العراق بشكل نهائي وضمن مرحلتين: الأولى تتضمن خروج مئات من قوات “التحالف” بحلول أيلول من عام 2025، والثانية تتضمن خروج البقية بحلول نهاية العام التالي، أي العام 2026.
بحسب المصادر فإن هذا الاتفاق الأولي لم يكن ليحصل لولا الموافقة الإيرانية، ولو على مضض، كونه تضمن تأجيلاً للانسحاب، ولكنه يأتي على وقع كلام مهم لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين عن عدم اعتبار العراق عضواَ في تحالف “وحدة الساحات” في هذه الحرب، وهذه أيضاً قد تكون من تداعيات تفاهمات ما أميركية – إيرانية، مشيرة الى أن هذا التقارب الذي لا يرغب به نتانياهو،قد يجعل رئيس حكومة العدو يعمل لضربه أو عرقلته، انطلاقاً من الساحة اللبنانية تحديداً.
وترى المصادر أن فكرة الحرب الشاملة التي تراجعت مؤخراً، قد لا تكون هي الوسيلة لنتانياهو لعرقلة درب التواصل الإيراني – الأميركي، إنما هذا لا يعني أن التصعيد “الاسرائيلي” في حجم ونوعية الاستهدافات في لبنان لن يتزايد في الفترة المقبلة، خصوصاً أن الحرب لا يبدو أنها بطريقها الى التوقف قبل الانتخابات الأميركية، حيث يبدو واضحاً أن الإدارة الأميركية التي لا ترغب بالحرب الواسعة لاعتبارات استراتيجية وانتخابية، غير قادرة على فرض ضغوط حقيقية على حكومة العدو الاسرائيلي لاعتبارات داخلية انتخابية أيضاً، ولذلك فإن القلق سيبقى قائماً وسيتزايد.