كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
عن أي استقلال نتحدث، وبماذا نحتفل ولبنان تحت النار وخاضع لانتداب كل الدول العربية والغربية، حتى الفرس لم نسلم منهم… للأسف، نحن مجرّد ساحة تجارب لكل الاتفاقيات والتسويات التي تقوم بها الدول الكبرى على دمائنا… منذ ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣ تاريخ الاستقلال كما أخبرونا، لم يبقَ دولة لم «تبلّ» يدها بلبنان، وحتى لحظة كتابة هذه الكلمات، وفيما نحتفل بما يسمّونه تسوية وتطبيقا للاتفاق ١٧٠١، نعرض أنفسنا مجددا لانتداب بوجوه وأسماء جديدة… هل هناك من يصدّق اننا بلد يتمتع بالاستقلال والسيادة ونحن نولي علينا دولا لمراقبة تطبيق هذا الاتفاق؟ هل هناك من يصدّق ان باستطاعتنا إيقاف العدو الإسرائيلي عن اختراق الأجواء اللبنانية.. منذ انتصار تموز في ٢٠٠٦ وفي ظل القوة المتعاظمة للمقاومة، لم يمرّ يوما دون أن يعربد العدو في سمائنا… ماذا تغيّر الآن بعد ان استباح العدو ذاته أرضنا ودمائنا ومنازلنا وقتل خيرة شبابنا وقادتنا؟!…
السؤال المطروح اليوم… على ماذا نساوم وماذا سنجني من الاتفاق المزعوم لوقف إطلاق النار؟؟؟ ماذا تغيّر بين الأمس واليوم ، للهم إلّا إذا كنا قد وافقنا عن قصد أو بدون قصد على تطبيع مقنع؟ والسؤال موجّه للمعنيين بصراحة وننتظر الإجابة: ماذا تغيّر حتى نوافق على تطبيق الاتفاق؟ وما هي أوجه الاتفاق الجديد؟ لبنان يا سادة لم يعد بأيدينا، لبنان أصبح تحت الوصاية الدولية الكاملة، ونحن بتوقيعنا الاتفاق «قلنا نعم للتطبيع»، ومن يقول غير ذلك فانه يخبرنا بأننا في أية لحظة ومتى يحلو للعدو سيعيد تجربة عدوان أيلول.
إذا سألت أي قيادي في الثنائي الوطني عن إجابة واضحة لهذه الأسئلة، سيردّ عليك بالنفي والتأكيد بان لبنان بلد موحّد ولا خوف من الحرب الأهلية وان حل أي ملف شائك سيكون بالتوافق، وسيسرد سرديات طويلة جدا عن الانتصار وتحرير الأرض، ولكن ماذا يعني كل هذا ونحن خسرنا المقاومة… لسنا طلاب موت ولكن حياة الذل والانكسار ليست من شيمنا، بعد أن عانينا وكابدنا حتى هذه اللحظة أقسى الحروب التي مرّت على لبنان الحديث… إذا سألت الثنائي الوطني، ماذا في اليوم التالي بعد توقف الحرب، قد لا تجد الإجابة لانه بعد إيقاف الحرب، ثمة حرب من نوع آخر لاستهداف كل ما يمتّ بصلة الى المقاومة تحت عناوين مختلفة… من سيطالب بسحب سلاح حزب لله، ومن سيطالب بمطار آخر، ومن سيطالب بفيدرالية مقنعة.. وأين نحن من كل هذا؟؟؟ هل ستحمينا الدول التي ستراقب وقف إطلاق النار وتطبيق الاتفاق ١٧٠١… للأسف نقول أي كذبة كبرى تنتظرنا، من سينسحب وأي سلاح سيختفي من جنوب الليطاني فالمقاومة هي الشعب، هي كل عائلة نازحة رأت الموت بعينيها وفي أطفالها ورزقها وشبابها ولم ترضخ، فأي اتفاق وعن ماذا يتحدثون؟؟؟
لبنان بكل بساطة، بلد لم يعد صالحا للعيش، في الجنوب والبقاع والضاحية شعب سيحمل دمه على كفيه كل صباح ومساء لان المعركة لم ولن تنتهي، ومن يخبرنا بالعكس فانه يكذب علينا… لسنا طلاب موت بل نحن طلاب حياة ولأننا نريد الحياة نريد أجوبة واضحة عن كل التسويات التي جرت على دمائنا، نريد أن نزيح عن كاهلنا ثقل المعركة التي تنتظرنا كشيعة، للأسف نقول هذا الكلام غير آبهين بعد كل ما مرّّينا به، فالموت والحياة سيّان طالما اننا سنواجه الموت على كل مفرق تسوية كبرى فاشلة بين الدول التي تنتدبنا…
حسنا فعل دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حمل مثله مثل المقاومين على الجبهة راية المقاومة باللحم الحي لتحقيق الانتصار، ولكن يا دولة الرئيس؛ ثمة إجابة نريدها بالعلن ، نحن لم نضحِّ حتى يكون هناك ولو شك بسيط جدا جدا بموافقتنا على هدنة تشبه التطبيع… نحن لم نصمد حتى يكون اليوم التالي بعد الحرب، رئيس جمهورية لا يشبهنا أو حكومة تنقلب علينا.. نحن طلاب حياة بكرامة وإذا كنا سنعيش تجربة حرب جديدة مقنعة بمشاكل سياسية واقتصادية وأمنية فلتستمر الحرب الى أبد الآبدين… لم نعد نأبه…