الاخبار الرئيسيةالصحافة اليوممقالات

هل تستفيد القوى السياسيّة من الفرصة الجديدة لانتخاب الرئيس… قبل تسلّم ترامب السلطة؟

هل تستفيد القوى السياسيّة من الفرصة الجديدة لانتخاب الرئيس... قبل تسلّم ترامب السلطة؟

كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:

ثمّة فرصة سانحة خلال مدة الـ 60 يوماً من وقف إطلاق النار لانتخاب رئيس الجمهورية. فرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي دعا الى جلسة لانتخاب الرئيس تحمل الرقم 13 في التاسع من كانون الثاني المقبل. وهذا يعني أنّه أعطى الكتل النيابية والأحزاب السياسية فترة أربعين يوماً، للتوافق على اسم الرئيس المرتقب. وجاءت هذه الدعوة الى جلسة انتخاب الرئيس خلال وجود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت، الذي تركّز بلاده على ضرورة انتخاب الرئيس وإعادة بناء المؤسسات، وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات تقوم بالإنقاذ وبعملية الإصلاح الموعودة.

حتى الآن، لا يبدو أنّ التوافق على اسم الرئيس الذي يجمع جميع الأطراف، على ما أعلن برّي، ولا يُشكّل تحدّيا لأي طرف قد حصل بين الكتل النيابية، على ما تقول مصادر سياسية مطّلعة،

إلّا أنّ ما ذكره الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في أحد خطاباته الأخيرة، حول ضرورة تطبيق اتفاق الطائف والقرار 1701، هو كلام جديد يُبنى عليه. ولهذا فإنّ عدم التوافق على اسم أو اسمين لرئاسة الجمهورية، يفرض التوافق أولاً على لائحة أسماء يمكن أن تضمّ 10 أو 12 اسماً، على غرار اللائحة التي سبق وأن عرضتها بكركي على بعض الكتل النيابية، للاطلاع على موقفها من كلّ اسم فيها. وقامت بعض الكتل النيابية بوضع الفيتو على هذا الاسم أو ذاك.

ويمكن بالتالي، وفق المصادر، الذهاب الى مجلس النوّاب في العام الجديد بعدة أسماء ، لا يشكّل أي منها استفزازاً لأي فريق، ولا تلقى بالتالي أي اعتراض عليها من قبل أي كتلة. بمعنى أن ينال هؤلاء المرشحون (4 أو 5 أسماء لا أكثر) مسبقاً رضا معظم القوى السياسية الفاعلة والوازنة، ويتمّ انتخاب أحدهم لرئاسة الجمهورية خلال جلسة الانتخاب. كما جرى التوافق أيضاً بين القوى السياسية ولودريان على نوع الحكومة التي ستُشكّل بعد انتخاب الرئيس، من دون أن يتمّ الإعلان عن ذلك. وجرى البحث عما إذا كانت حكومة وحدة وطنية، أو حكومة تكنوقراط، سيما أنّ المرحلة المقبلة تتطلّب العمل على تحسين الوضع المالي والاقتصادي المتردّي، وعلى وضع خطة لإعادة إعمار القرى والبلدات التي دُمّرها العدو “الإسرائيلي” خلال السنة والشهرين الماضيين. علماً بأنّ الكفّة لا تُرجّح تشكيل حكومة تكنوقراط، سيما أنّ تجربة حكومة الرئيس حسّان دياب الأخيرة لم تكن مشجّعة، بحسب رأي البعض.

والتوجّه اليوم، بعد الحرب التي شهدها لبنان، على ما تذكر المصادر نفسها، هو للتوافق، ولملاقاة حزب الله في منتصف الطريق، بعد كلام الشيخ قاسم الأخير الذي أبدى فيه استعداد الحزب لتسهيل الانتخاب. وبعد ذلك، يمكن أن يحصل الحوار على الاستراتيجية الدفاعية. فهذه الأخيرة لا بدّ وأن تكون أولوية عمل رئيس الجمهورية والحكومة المقبلة، أثناء التوافق على خارطة الطريق، وكيفية ردع أي عدوان “إسرائيلي” خلال العهد الجديد وما بعده.

وتقول المصادر انّ الأيام المقبلة، ستشهد دعوات للتوافق على اسم الرئيس الجديد. وقد بدأت اللقاءات والاتصالات بين الكتل النيابية فور دعوة برّي الى جلسة انتخاب جديدة لرئيس الجمهورية، بعد أن طال الشغور الرئاسي لفترة سنتين وشهر وثلاثة أيّام حتى الآن. وسيجري التواصل بين جميع الأطراف، على أن يكون برّي محرّك التواصل فيما بينها. علماً بأنّ الجلسة المرتقبة بعد الأعياد، تمثل محاولة جديدة لإيجاد مخرج للأزمة الرئاسية التي تعصف بالبلاد، في ظل الانقسامات السياسية الحادة والتحديات الاقتصادية المستمرة.

على أن الرئيس لا يُفترض أن يكون صدامياً، على ما يجري التشديد عليه خلال عملية التواصل، وفق المصادر نفسها، بل أن يجمع جميع الكتل والأطراف، ويرعى مصلحة الوطن العليا، بصفته المؤتمن على الدستور والقائد الأعلى للقوّات المسلّحة. وهي مواصفات توافق عليها الكتل النيابية والقوى السياسية، ولا بدّ من إيجادها في إحدى الشخصيات التي يتمّ التداول بأسمائها. وهو أمر تُشدّد عليه فرنسا وتُشجّع على ضرورة التوافق على شخصية معيّنة ترضي جميع الأطراف، وخصوصاً أنّ المرحلة المقبلة تتطلّب تضافر جميع الجهود لإنقاذ البلاد، وإعادة بناء دولة المؤسسات.

وإذ لا يزال إمكان التوصّل الى مرشّح توافقي في الوقت القريب يبدو صعبا، على ما تلفت المصادر، لأسباب عديدة، منها عدم استعداد بعض القوى السياسية للتنازل عن شروطها، أو دعم مرشّح لا يتوافق مع مصالحها المستقبلية، غير أنّ الضغوط الداخلية والخارجية التي تمارسها بعض الدول على لبنان، من شأنها دفع بعض القوى الى التوصّل الى حلّ وسط يرضي الأطراف المؤثّرة والرئيسية، ويحقّق الحدّ الأدنى من التوافق على اسم معيّن. ولكن المؤشّرات الحالية تدلّ، على أنّ الجلسة المرتقبة لن تخرج برئيس الجمهورية، لا سيما بعد كلام مستشار الرئيس المنتخب دونالد ترامب، للشؤون العربية والشرق- أوسطية بولس مسعد الذي تحدّث أخيراً عن أنّ “اللبنانيين يمكنهم أن ينتظروا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر لانتخاب الرئيس”. ما يعني أنّ التوافق على الرئيس سيحصل بعد تسلّم ترامب السلطة في 20 كانون الثاني المقبل وليس قبلها، إذ يكفي إدارة الرئيس جو بايدن الراحلة ما حقّقته من إنجاز وقف إطلاق النار في لبنان قبل مغادرتها البيت الأبيض.

وهذا يجعل جلسة 9 كانون الثاني المقبل، على ما تشير المصادر، مقدّمة أو مدخلا لبداية مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، بشرط أن تتفهم القوى السياسية ضرورة التنازل عن بعض الطموحات الشخصية من أجل مصلحة الوطن. وعلى هذا الأساس تقوم بانتخاب رئيس الجمهورية المقبل في الأشهر الأولى من العام الجديد 2025.

ولكن يبقى السؤال المطروح: هل سيتمّ التوصّل قريباً إلى توافق فعلي حول اسم الرئيس التوافقي؟ أم أن الانتخابات ستظل خاضعة للانقسامات الحادة والى تأجيل حلول الأزمات الحالية الى حين حصول التسوية الدولية والإقليمية؟

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى