الاخبار الرئيسيةمقالات

هل بدأ التفاوض… أم ستبدأ الحرب البرية؟

كتب ناصر قنديل

– تعقيدات العملية البرية التي لا يزال جيش الاحتلال يعلن عزمه على خوضها في غزة، تزداد كلما تأخرت العملية، حيث تتزايد التفاعلات المعنوية لنتائج زلزال الهزيمة ببعدها العسكري الواضح لعملية طوفان الأقصى، لتحلّ مكان لحظة الغضب التي ولّدتها الهزيمة، وجرى تعويضها بالقصف التدميري لغزة وما نتج عنه من عمليات قتل بلا ضوابط للآلاف من سكان قطاع غزة، ووضعهم في محبس جماعيّ بلا ماء وكهرباء ودواء وغذاء، وبدأ يطفو على السطح الأثر الذي حفرته الهزيمة عميقاً في المقارنة بين قدرات جيش الاحتلال ومن يفترض أن العملية البرية تعني المواجهة معهم، وهي مواجهة سبق أن دارت في ظروف أعقد على مقاتلي القسام، في غلاف غزة، الذي يمثل ضعف مساحة غزة كلها، وحيث قاتل ألف من عناصر القسام عشرة أضعاف عددهم المحصنين وراء قلاع وأسوار وتعقيدات تقنية، فما الذي يقول إن العملية البرية تمتلك فرص النجاح، ما دامت الصواريخ تخرج من الأماكن التي يقصفها الطيران، ومَن يطلق الصواريخ الثقيلة قد أعدّ عدة الصواريخ المضادة للدروع.
– بالتوازي تبدو الحالة الدولية والإقليمية التي منحت حكومة بنيامين نتنياهو ما يشبه التفويض المفتوح لفعل ما يشاء انتقاماً للجرح البليغ الذي أصاب كيان الاحتلال، وكأنها ذاهبة الى التفكك، ذلك أن الرواية الإسرائيلية المبنية على التزوير تراجعت لصالح رواية أكثر قرباً من الواقع، وبدأت الحكومات الغربية أمام مشهد مذبحة غزة تشعر بصعوبة مواصلة الدعم المفتوح للعملية العسكرية الإسرائيلية، وقد تراجعت وسائل الإعلام عن تبني الرواية التي روّجتها أدوات الكيان وقادته، وأخذ الرأي العام يتفاعل مع صور المذبحة المفتوحة في غزة وهول وبشاعة ما ترتكبه قوات الاحتلال، حتى أن الاتحاد الأوروبي الذي شارك بمفهوم العقاب الجماعي تضامناً مع كيان الاحتلال بإعلان وقف مساعداته للفلسطينيين، انقلب إلى زيادة هذه المساعدات والحديث عن جسر جوي لإيصالها إلى غزة، والأميركي الذي يبدو أشد الداعمين للعملية البرية بدأ يظهر الحذر من مخاطرها ومخاطر مواصلة التدمير والقتل، خصوصاً أن استحضار كيان الاحتلال خطة تهجير الفلسطينيين من غزة الى مصر، خلق مناخاً عربياً، خصوصاً في مصر والأردن والسعودية، هو الذي واجهه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في جولته العربية، قبل أن يعود الى تل أبيب حاملاً مخاوفه من تراجع فرص المضي قدماً بالخيار العسكري.
– يدير محور المقاومة معادلة نصرة غزة بذكاء واقتدار، والمعادلة محكومة بثنائية، لن نترك غزة وحدها، ونراقب التطورات ونبني على الشيء مقتضاه. فالخاتمة واضحة، وهي أن تخرج المقاومة في غزة مرفوعة الرأس قادرة على المراكمة فوق إنجازها الكبير في عملية طوفان الأقصى، أما كيف ومتى فتقرّرها التطورات. وفي هذا السياق تأتي التحذيرات التي يطلقها وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان، وتأتي عملية التوسع التدريجي لمداخلة المقاومة في الجبهة اللبنانية، بصورة تتيح المضي قدماً إلى ما هو أكبر وأوسع، وفقا لما تقتضيه التطورات في غزة، وبات واضحاً أن رهانات الردع الأميركية باستحضار الحاملات لم تؤت ثمارها، وحلّت مكانها معادلة إذا كنتم تسعون للتهدئة وتتحدثون عن عدم وجود مصلحة لأحد بالتصعيد، فإن التهدئة والتصعيد يبدآن من غزة، وليس من جنوب لبنان.
– في قلب هذه التطورات تأتي المواقف التي أعلنها أبو عبيدة الناطق بلسان قوات القسام، وفيها ما يوحي بمفاوضات غير معلنة وغير مباشرة تجري بصورة حثيثة، وموضوعها الأسرى، فيكشف أبو عبيدة عن رقم الأسرى الإجمالي بـ 250 أسير، وبعدد لدى القسام هو 200، وهذه معلومات لم تجر العادة أن تقدّم مجاناً، بل تعلن كجزء من صفقة تفاوضية يكون الثمن الأول فيها هو إعلان العدد. وفي مواقف أبو عبيدة أن الإفراج عن حملة الجنسيات الأجنبية دون مقابل عندما يسمح الوضع الميداني، أي عندما يتوقف العدوان على غزة، ومعلوم أن أكثر من عشر دول منها أميركا وفرنسا لها من رعاياها أعداد غير قليلة بين هؤلاء. وهذه إشارات تأتي في ختام جولة بلينكن في المنطقة وبالتزامن مع إعلان واشنطن عن تسمية الدبلوماسي ديفيد ساترفيلد كمبعوث خاص للشؤون الإنسانية في غزة.
– الإشارات التي يتيحها المشهد، تقول وبعدما صار كيان الاحتلال ولاية أميركية، من حيث ارتباط بقائه بالحماية والتمويل الأميركيين، إن زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للكيان بعد غدٍ ستحمل معها إشارة بدء الحرب او انطلاق التفاوض.

مقالات ذات صلة
زر الذهاب إلى الأعلى