كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
هل من جديد يمكن التعويل عليه في الملف الرئاسي ام اننا أمام ملهاة إضافية لمواصلة لعبة تقطيع الوقت التي تحتاج إلى “تشريج” من حين الى آخر؟
تحركت المياه الرئاسية الراكدة اخيرا بفعل بعض الحصى المتفرقة التي رميت فيها، بعد فترة طويلة من الجمود الكلي في محاولات تجفيف مستنقع العقد المتراكمة.
ولكن هذه الحصى لا تزال أضعف وأصغر من ان تنتج دينامية حقيقية قادرة على فرز رئيس جديد، وبالتالي فإن تأثيرها الفعلي لن يتعدى على الارجح، وحتى إشعار آخر، حدود تحريك المياه من دون اكتساب القدرة على توليد طاقة سياسية منها.
ولعل خطابي رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في الأيام الماضية، عكسا بوضوح استمرار المراوحة في المأزق الرئاسي، وسط تمسك عين التينة بمبادرتها المستندة الى الحوار أو التشاور يليه انعقاد جلسات الانتخاب المتتالية، واصرار معراب والمعارضة على رفض هذه الآلية بحجة انها تكرس عرفا غير دستوري.
ومع استمرار الخلاف الداخلي حول ايهما قبل، البيضة ام الدجاجة، (الرئيس ام الحوار)، تستعد اللجنة الخماسية لاعادة تفعيل دورها العائد من إجازة الصيف، في مسعى متكرر لتدوير الزوايا واكتشاف الشيفرة الكفيلة بفك لغز “البيضة والدجاجة” في المزرعة اللبنانية.
وأولى إشارات عودة الحيوية الدبلوماسية الى جسم الخماسية تتمثل في الاجتماع المرتقب بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان والمستشار السعودي المكلف ملف لبنان نزار العلولا وسفير الرياض في بيروت وليد البخاري، لاستكمال البحث في تعقيدات الاستحقاق الرئاسي ومستلزمات فكفكتها.
وبهذا المعنى، فان شهر أيلول سيوقظ مجددا هذا الملف الذي كان يغط في سبات عميق، لكن من دون أن يكون طرفه مبلولا برئيس لم تنضج بعد لحظة ولادته.
ويُنقل عن مصادر مطلعة تواكب محاولات استنهاض الاستحقاق الرئاسي ان المطلوب حاليا من المعنيين هو البقاء في حالة “تأهب” لملاقاة “الخماسية” في اي خطوة محتملة نحو تفعيل وساطتها، لافتة إلى ان مبادرتي الرئيس بري وتكتل الاعتدال الوطني لا تزالان في “الخدمة”، حتى لو ظهرت عليهما أحيانا عوارض الضمور والانكماش.
وتشير المصادر إلى أن الفجوة بين طرحي بري والمعارضة قابلة للردم، معتبرة ان الخماسية قد تستطيع إيجاد فتوى، لتقريب المسافات والتوفيق بين مبدأي الحوار والانتخاب اذا صدقت النيات واذا كانت المشكلة الحقيقية تكمن فقط في هذا النطاق.
وتلفت المصادر إلى أنه وابعد من حدود الدائرة المحلية، يجب رصد ما ستؤول اليه “الدبلوماسية المرقطة” على خط واشنطن – طهران، معتبرة ان قرع طبول التصعيد والحرب يندرج احيانا في إطار محاولة تحسين شروط التفاوض و”الديل”، ولا يكون بالضرورة مؤشرا إلى أن الأسوأ هو الآتي.
وتشدد المصادر على أن اي ارتفاع قد يُسجل في اسهم التسوية الخارجية سينعكس على نحو تلقائي تسهيلا لعملية انتخاب رئيس الجمهورية.
وضمن سياق متصل، يُنسب الى احد اعضاء تكتل الاعتدال الوطني قوله في مجلس خاص، مازجا المزاح بالجد: لقد رتبنا الهندام و”زبطنا حالنا” حتى نكون جاهزين للتعامل مع كل الاحتمالات ولاستئناف مسعى الخير إذا طلبت منا الخماسية او اي جهة المساعدة.
ويضيف: هناك إشارات إيجابية بدأت تلوح من بعيد وتشجع على التفاؤل الحذر ولكن من المبكر الجزم الآن بالمسار النهائي الذي ستتخذه الأمور.