كتب شربل البيسري في “الجمهورية”:
يستمرّ العدوان الإسرائيلي باستهداف القيادات في «حزب الله»، وكان آخر فصوله عدوان جديد على الضاحية الجنوبية لبيروت، بعد هجومَين منسّقَين لفرق الاستخبارات على أجهزة الـ»بايجرز» والـ»توكي ووكي» تسبّب بإصابة الآلاف.
بحسب ما كشفت معظم وسائل الإعلام المحلية والأجنبية إلى جانب التحقيقات في لبنان، فإنّ هجومَي أجهزة الاتصال في 17 و18 أيلول الجاري كانا عملاً استخباراتياً عالي الدقة والتنسيق، ولا شكّ في أنّهما تزامنا مع مراقبة قصوى عبر الوحدة 8200 الإسرائيلية وجهاز الاستخبارات العسكرية («أمان») لمختلف وسائل التكنولوجيا والاتصال اللبنانية في أثناء الهجومَين وخلال الساعات التي تلتهما.
في درجة أولى، كان الإسرائيليّون يعتمدون كما في السابق على اختراق كاميرات المراقبة في الشوارع والمحال والمنازل في الضاحية والجنوب والبقاع، بدليل تسرّب الفيديوهات عن تفجيرات الـ«بايجر» سريعاً، ووسط حال الهلع والفوضى، وهو وقت لا يَسع لأحد للدخول إلى الكاميرات ونشر ما حدث.
بكلامٍ آخر، كان الإسرائيليّون يراقبون عبر برامج اختراق الكاميرات نتائج عمليّتَيهما والشخصيات الحاملة لأجهزة الاتصال المخترقة المستهدفة، للتأكّد من تحقيق أكبر مقدار من الإصابات البشرية إن كان في صفوف مقاتلي «حزب الله» أو حتى المدنيِّين.
وكما ثَبُت مذ بدأت المواجهات في الجنوب في 8 تشرين الأول الماضي، أنّ الاستخبارات الإسرائيلية تراقب شبكة الاتصالات اللبنانية، أي أنّها اخترقت وحدّدت مواقع جميع المتصلين لطلب المساعدة والنجدة عند وقوع هجومَي الثلاثاء والأربعاء الماضيَين. وبذلك، تحدّدت مواقع المصابين والشخصيات المدنية أو الأمنية أو من بين أعضاء «حزب الله»، الموجودة إلى جانب المصابين ولم تتأذَّ، ما يشير إلى جمع معلومات وتفاصيل إضافية حول هوية الأشخاص ومراقبة تحرّكاتهم لمحاولة شبكها بمعلومات سابقة كانت لدى الأجهزة الاسرائيلية.
وإلى ذلك، عمد الإسرائيليّون في هاتَين الهجمتَين إلى خلق فوضى ميدانية، خصوصاً بين عناصر «حزب الله»، آملين في وقوع بعض القادة والمسؤولين في أخطاء تؤدّي إلى تسرّب معلومات حول أماكنهم أو تحرّكاتهم أو حتى الكشف عن أفراد آخرين، ليصبحوا أهدافاً جديدة، لدى محاولتهم إعادة رصّ الصفوف وشبك العناصر إن انقطع الاتصال في ما بينهم وسط الفوضى.
ويمكن أن تكون مثل هذه الأخطاء قد مكّنت اسرائيل من الحصول على معلومات أدّت إلى الهجوم الجوي الذي استهدف القائد العسكري في الحزب ابراهيم عقيل في محلة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، في انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات. علماً أنّ صحيفة «هآرتس» العبرية تحدّثت عن أنّ عقيل كان قد خرج من المستشفى صباح أمس، بعد إصابته في مجزرة الـ«بايجر».
حتى أنّ خلق الارتياب بين عناصر «حزب الله» لدى استخدامهم أي وسائل أخرى للتواصل في ما بينهم، قد تكون وراء سبب استشهاد عنصرَين من الحزب الخميس برصاص الجيش الإسرائيلي عند الشريط الحدودي، اللذَين احتجز الاسرائيليّون جثتَيهما.
وبدرجة أعلى، كانت الكاميرات المزروعة في المستشفيات ومواقع الإسعاف الأخرى خارج نطاق المناطق التي تُعتبَر بيئة حاضنة لـ«حزب الله»، أهدافاً للهجمات السيبرانية الإسرائيليِّة.
على أنّ كل هذه المعلومات التي جُمِعَت من «داتا» الاتصالات المخترقة أثناء الهجمتَين الكبريَين على وسائل الاتصال الخاصة بالحزب وبعدهما، أدّتا إلى استبعاد أو إضافة شخصيات كانت على لائحة الأهداف الإسرائيلية، نتيجة الإصابات التي لحقت بها.