هذه هي المعطيات التي على لبنان الاستفادة منها.. لإنجاز “اتفاق الحدود البريّة” خلال الأشهر المقبلة
كتبت دوللي بشعلاني في “الديار”:
لا يزال الوضع على الحدود الجنوبية يحتلّ أهمية كبرى بالنسبة الى الدول المعنية بالملف اللبناني، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية التي يزورها رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو. ويُفترض أن يلتقي هذا الأخير الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم الأربعاء، في حال تماثل نهائياً من إصابته بفيروس “كورونا”، وأن يُلقي بالتالي كلمة أمام الكونغرس. ويرتبط الوضع الأمني عند الجبهة الجنوبية بحرب غزّة، التي سيتحدّث عنها نتنياهو بشكل مفصّل خلال خطابه، وسط اتهامات داخلية له بإعطاء الأولوية لمستقبله السياسي، وليس تحرير الرهائن “الإسرائيليين” الذين تحتجزهم حركة حماس.
وبغض النظر عن تعنّت نتنياهو وعدم موافقته على صفقة الهدنة وتبادل الأسرى حتى الآن، كونه يودّ مواصلة الحرب في قطاع غزّة، بعد أي هدنة محتملة وإن طالت لستّة أسابيع أو أكثر، تقول مصادر سياسية مطّلعة انّ الولايات المتحدة الأميركية تدعم وقف الحرب في غزّة، وهي تعمل من أجل تحقيق هذا الهدف، وإن كان نتنياهو لا يزال يصرّ على استمراره في الحرب تحت ذرائع تحقيق الأهداف. ولكي يبدأ الحلّ أو الاتفاق غير المباشر بين حزب الله و “الإسرائيليين” على وقف الأعمال العسكرية على الحدود الجنوبية، لا بدّ من وقف الحرب في غزّة.
ومن هنا، على اللبنانيين ملاقاة كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين في منتصف الطريق، على ما أضافت المصادر، لكي يتمكّن من إخراج الحلّ المناسب لإعادة الحدود الجنوبية الى ما كانت عليه من هدوء أمني مقبول، منذ صدور قرار مجلس الأمن 1701 في 11 آب 2006 وحتى 7 تشرين الأول الفائت. وصحيح أنّه “لا اتفاق جاهز للحدود البريّة” حتى الساعة، على ما أعلن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله في كلمته الأخيرة، غير أنّ “الأرضية جاهزة لإنجازه خلال الأشهر المقبلة وقبل انتهاء ولاية بايدن”، في حال توقّفت الحرب في غزّة، وانعكس هذا الأمر على الجبهة الجنوبية.
أمّا المعطيات القائمة التي تتحدّث عنها المصادر فهي على النحو الآتي:
1- إنّ إيران أكّدت لكبار المسؤولين الدوليين أنّها لا تريد التصعيد في المنطقة، وهي لا تزال تعلن رفضها لأي تصعيد أو حرب موسّعة في المنطقة.
2- يتحدّث حزب الله أيضاً عن رفضه توسيع الحرب، إلّا في حال قامت “إسرائيل” بذلك، ما يجعله مضطرّاً الى الردّ وإيصال صواريخه الى مناطق لم تصلها بعد.
3- تؤيّد الحكومة “الإسرائيلية” رغم كلّ التهويل والتهديدات، الحلّ الديبلوماسي لوقف
المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية. ومن المتوقّع أن توقف إطلاق النار جنوباً، تزامناً مع وقف الحرب في قطاع غزّة.
4- تسعى الإدارة الأميركية في ما تبقّى من أشهر من ولاية بايدن، الى إنهاء الحرب في غزّة، والى إحلال السلام في الشرق الأوسط بكلّ الوسائل الممكنة.
وأشارت المصادر نفسها الى أنّه على لبنان الاستفادة من الفرصة السانحة حالياً في ظلّ وجود هذه المعطيات، من أجل إنجاز اتفاق الحدود البريّة انطلاقاً من تنفيذ القرار 1701، وإن على مراحل. فالوسيط الأميركي يقترح خطّة من خمس مراحل، وهي مطروحة للنقاش أو التعديل لتسلك طريقها الى التنفيذ. ومن المؤكّد أنّه سيعود الى لبنان والمنطقة لمواصلة التفاوض غير المباشر حول خطّته شرط وقف إطلاق النار في غزّة، وعند الجبهة الجنوبية أيضاً. فالقرار 1701 ينصّ على وقف الأعمال العدائية بين حزب الله والعدو الاسرائيلي توصّلاً الى “وقف شامل لإطلاق النار بين الجانبين”. ولهذا يرى هوكشتاين أنّه بعد خرق هذا البند، والعودة الى تبادل إطلاق النار، لا بدّ من إنجاز اتفاق يوقف الأعمال العدائية، ويجعل الطرفين يتفقان على وقف شامل لإطلاق النار، من أجل إحلال الأمن والسلم الدوليين.
وتقول المصادر السياسية إنّ “إسرائيل” التي تُصرّ على إعادة نحو 60 ألف مستوطن الى المستوطنات الشمالية، وما يُقارب 70 ألفا الى غلاف غزّة، عليها الموافقة أولاً على الهدنة المقترحة حالياً، مع ضمان عدم العودة الى الحرب خلافاً لما يعلن نتنياهو. كذلك فإنّ عودة الهدوء الى الجبهة الحدودية، من شأنها إعادة نحو 100 ألف جنوبي غادروا قراهم وبلداتهم بفعل المواجهات العسكرية. ويطرح هوكشتاين هنا تعزيز قدرات الجيش اللبناني بنحو 6 آلاف عنصر إضافي، فضلاً عن الوعد بإعادة إعمار القرى الجنوبية.
من هنا، يمكن للبنان الموافقة على الاتفاق الحدودي، على ما عقّبت المصادر عينها، بهدف إعادة الأمن والسلم الى المنطقة الجنوبية، مع إصراره على عدم التخلّي عن أي قسم من أراضيه أو التنازل عنها، على ما تنصّ عليه المادة 2 من الدستور اللبناني، وفرض مطالبه وشروطه. فضلاً عن فصل موضوع الحدود عن الملف الرئاسي، الذي يبدو أنّه لا يزال متأخّراً. فلا أحد يدري من سيخلف هوكشتاين في مهمّة الوساطة الأميركية، في حال فاز الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية المرتقبة. والمعلوم أنّ هذا الأخير قد لا يعطي موضوع الحدود الجنوبية الأهمية نفسها التي تحظى بها اليوم في عهد بايدن.