كتب ميشال نصر في “الديار”:
عادت لعبة الانتظار وحرق الاعصاب تتصدر المشهد في اطار ما بات يعرف باسم الصبر الاستراتيجي، وما يواكبه من حرب نفسية، واجواء عسكرية، توحي بقرب يوم القيامة، على ضفتي الجبهة، رغم اقرار الجميع بان الامور هذه المرة مختلفة بالكامل مع “وصول الموس”، الى قيادات الصف الاول، وما حمله ذلك من تغيير اسرائيلي كبير لقواعد اللعبة، ولتوازنات قد تكون لمصلحته، في حرب الاغتيالات والجولات الامنية، التي نكون معها قد دخلنا المرحلة الثالثة من حرب غزة.
وسط هذا المشهد الضبابي المائل الى السواد، يبدو جليا ان “اسرائيل” قد نجحت جزئيا في نقل المعركة الى خارج فلسطين، في وقت يسعى فيه المحور الى اعادتها للداخل، حيث ترى مصادر سياسية مخضرمة انه لن يكون من مصلحة المحور ضرب اي مصالح اميركية او اسرائيلية، خارج الساحة الفلسطينية، رغم ان الوقائع قد تشير الى العكس، في ظل التلميحات الى “المدرسة القتالية” التي يعتمدها من خلف القائد في حزب الله فؤاد شكر، والتلميحات المبطنة لاعادة احياء العمليات الاستشهادية، حيث مئات المتطوعين في الانتظار، داعية الى مراجعة ما واكب جنازة شكر من شعارات واناشيد.
في كل الاحوال، فيما تبقى النقطة السابقة موضع اخذ ورد في اطار التحليل، فان الاكيد ان محور الممانعة والمقاومة اتخذ قرار الرد، ووضع الخطط واوامر العمليات، في انتظار ساعة الصفر، بعد ساعات من وقوع الاغتيالين، وبمباركة من مرشد الجمهورية الاسلامية السيد علي خامنئي، والتي وزعت بموجبها المهام والجهود على قوى المحور وفصائله، خصوصا ان المواجهة لن تكون سهلة مع دخول واشنطن وتحالفها الدولي-العربي غير المعلن على الخط.
من هنا تكشف المصادر، عن جزء من النقاشات التي شهدها اجتماع فصائل المحور والحرس الثوري الايراني، وابرز ما اتفق عليه من توزيع للمهام، وفقا للاتي:
-اصرار الحرس الثوري الايراني على ان يكون الرد على اغتيال هنية، ايرانيا بامتياز ومن الاراضي الايرانية، ذلك ان “اسرائيل” وجهة ضربة قوية للجمهورية الاسلامية بتنفيذها العملية خلال زيارته لطهران، في وقت بامكان الموساد اغتياله في اي مكان آخر، وهذا الامر هو تعرض للهيبة الايرانية، لا يمكن السكوت عنه، لذلك جاء تاكيد المرشد الاعلى للجمهورية السيد على خامنئي ليصب في هذا الاتجاه، عندما قال “الرد آت وسيكون مباشرا”.
من هنا فان المتوقع استهداف اسرائيل بصليات من الصواريخ الباليستية والمجنحة واسراب من المسيرات الانقضاضية، من انواع وعيارات مختلفة عن المرات السابقة، تستهدف قواعد ومقرات استراتيجية، قد يكون منها الكنيست او مقرات حكومية، مع تحييد للاهداف المدنية.
وقد تحدثت بعض التقارير عن امكان مشاركة السفن الحربية الايرانية المنتشرة في العملية.
-تأكيد حزب الله على ان رده ينقسم الى قسمين، انطلاقا من ان عملية اغتيال القائد الجهادي قد تمت في الضاحية الجنوبية، حيث المعادلة واضحة الضاحية مقابل تل ابيب، اما المعادلة الثانية فهي مدنيون مقابل مدنيين، ذلك ان الغارة التي جاءت اعتداء على السيادة اللبنانية، ادت الى سقوط شهداء وجرحى مدنيين والى اضرار مادية في ممتلكات مدنية.
عليه فان رد حزب الله يختلف بطبيعته واهدافه، استنادا الى ما سبق من تصريحات ادلى بها امين عامه السيد حسن نصر الله، كما ان الاستراتيجية الاساس خلف اي رد هي عدم السماح “لاسرائيل” بارساء قواعد اشتباك جديدة لن يكون على الحزب موازنتها لاحقا.
لذلك يمكن تفسير كلام السيد نصرالله وقراره بالانتقال من مرحلة الاسناد الى مرحلة جديدة، عنوانها توسيع رقعة المعركة، جغرافيا، مع ما يعنيه ذلك من ادخال اسلحة جديدة.
-فصائل المقاومة المختلفة، المنتشرة في العراق وسوريا، واليمن والتي تعرضت بدورها لضربات جوية، فقد اوكل اليها الاستمرار في تأدية دورها كجبهات اسناد، وتفعيل عملياتها ورفع نسبتها، الا ان مهمتها الابرز تبقى في توجيه الضربات للقواعد العسكرية الاميركية في سوريا والعراق، ولسفن واشنطن في البحر الاحمر، خصوصا ان ثمة تسليما لدى اطراف المحور بان الولايات المتحدة الاميركية شريك اساسي في تلك العمليات، من خلال تقديمها كل انواع الدعم “لاسرائيل”، فضلا عن تشكيلها تحالفا دوليا هدفه الدفاع عنها.
مع الاشارة هنا الى ان كلا من السيد الخامنئي والسيد نصرالله قد المحا الى ان الرد سيطال اميركا، دون تسميتها، انما بالوكالة عبر الحلفاء نظرا لمقتضيات المعركة في اللحظة الحالية، ولعدم الرغبة في كسر كل قواعد الاشتباك واخذ المنطقة الى مواجهة مباشرة مع واشنطن خارج التوقيت الملائم.
هنا يبقى السؤال الابرز، ماذا عن دور سوريا وحصتها في المعركة، خصوصا بعد زيارة الرئيس الاسد المفاجئة الى موسكو ولقائه نظيره الروسي، وما ادلى به الاخير من تصريحات استكملها شريكه ميدفيديف، بان الحرب الشاملة هي الحل الوحيد؟
وفقا للمعلن، على لسان الرئيس السوري، بعد لقائه وزير الخارجية الايرانية السابق، امير حسين عبد اللهيان، في زيارته الاخيرة الى سوريا، بان دمشق ستدخل الحرب ما ان تدخلها طهران.