الجمهورية – عماد مرمل
إنطوى الاجتماع بين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية برعاية الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله على «علامات فارقة» عدة، من حيث توقيته ورمزيته ودلالاته ومفاعيله.
غالب الظن، انّ لقاء «الخبز والملح» سيبقى حتى إشعار آخر عرضة لتفسيرات شتى، تلاحقه منذ لحظة الإعلان عنه، بعضها قد يكون قريباً من الواقع ولكن بعضها الآخر يبدو مفرطاً في الاتكال على المخيلة، كما يجزم المطلعون.
وتفيد المعلومات، أنّ «حزب الله» حاول على امتداد نحو عام ان يجمع حليفيه من دون ان يُوفَّق، إلى ان نضجت الظروف الآن بعد جهد شخصي بذله الأمين العام الذي القى بثقله في هذا الملف.
ويكشف المطلعون، انّ السيد نصرالله اجتمع قبل فترة قصيرة بباسيل وفرنجية، كلٌ على حدة، ودام كل لقاء نحو ثلاث ساعات، في ما بدا انّه تمهيد للمّ الشمل، فلما سُئل الرجلان لاحقاً عن رأيهما في التلاقي بدعوة منه لم يمانعا.
ومن الواضح انّ مفاعيل هذا اللقاء، الذي فاجأ معسكر الأصدقاء كما المعسكر المضاد، هي من النوع الطويل الأمد، والذي يُفترض ان يغطي بشكل أساسي مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية، سعياً الى تأمين الأرضية المناسبة والبيئة الملائمة للتعامل مع الاستحقاقات المقبلة.
اما النتيجة الفورية التي ترتبت على جلسة الإفطار، فتمثلت في إنجاز المصالحة بين فرنجية وباسيل بعد نزاع حاد، لطالما شكّل خاصرة رخوة في جسم الفريق الذي يضمّ «حزب الله» وحلفاءه، ما تسبب احياناً عدة في «صداع» سياسي للحزب.
وقد تُرجمت المصالحة من خلال إعادة فتح الخطوط المباشرة بين التيارين ووقف الحملات الإعلامية، ومن غير المستبعد كذلك ان يتبادل فرنجية وباسيل التهاني في عيد الفصح. وبالتالي، فإنّ الهدف المباشر للاجتماع تحقق، وهو استئناف «العلاقات الديبلوماسية» بين بنشعي والبياضة.
وبالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي المرتقب في تشرين الأول المقبل، فلم يتمّ الخوض فيه، وإن كانت ملائكته حضرت تلقائياً بحكم انّ الإفطار ضمّ اثنين من أبرز المرشحين، والأكيد انّ النجاح في تذويب الجليد بينهما سيسهّل على الحزب مقاربة ملف رئاسة الجمهورية عندما يحين الأوان.
ويؤكّد العارفون انّه لم يتمّ التطرّق خلال إفطار الضاحية الى انتخابات رئاسة الجمهورية للأسباب الآتية:
– انّ الرئيس ميشال عون لا يزال في قصر بعبدا.
– انّ الانتخابات النيابية لم تحصل بعد وليس معروفاً من سيربح الأكثرية، وما إذا كان الحزب وحلفاؤه سيستعيدونها.
– من غير الممكن اصلاً مناقشة هذا الاستحقاق مع فرنجية وباسيل سوياً في الوقت نفسه وفي المكان نفسه.
ويوضح العارفون، انّه جرت أثناء اللقاء جولة شاملة امتدت من مفاوضات فيينا الى المفاوضات الإيرانية- السعودية مروراً بالأوضاع الداخلية ومرحلة ما بعد الانتخابات وعلاقة «التيار الحر» و«المردة» .
ولئن إفطار المصالحة أتى عقب إقفال اللوائح الانتخابية، الّا انّ ذلك لم يمنع «السيد» من التشديد على أهمية ان يحصل تعاون في مواجهة الخصم المشترك، حتى لو كان «التيار» و«المردة» يتواجدان على لوائح منفصلة، لافتاً الى انّ «أي ربح هو فوز لنا جميعاً كفريق واحد على المستوى الاستراتيجي».
ويعتبر قريبون من الحزب، انّ وضع إفطار الضاحية في خانة «الاستدعاءات» هو تشويه للحقيقة. مشيرين الى انّ «من يوجّه اتهاماً كهذا يجهل او يتجاهل طبيعة العلاقة بين الحزب وحلفائه، والمرتكزة على الاحترام المتبادل». ويضيف هؤلاء: «لو كانت المسألة مسألة استدعاءات»، فلماذا لم يتمّ لقاء فرنجية- باسيل من قبل، كما كان يتمنى «السيد»؟ ولماذا واجه باسيل الحزب في جبيل وبعلبك الهرمل في انتخابات 2018، وغيرها من القضايا الخلافية التي تعكس خصوصية كل طرف وتمايزه؟
اما أهم الاستنتاجات التي يمكن الخروج بها من اللقاء، فهي وفق المواكبين له، الآتية:
– انّ «حزب الله» كان ولا يزال صمام أمان للفريق السياسي الذي ينتمي اليه.
– انّ هذا الفريق سيذهب الى الانتخابات النيابية متماسكاً الى حدّ كبير خلافاً للتشتت في ساحات منافسيه.
– انّ الحزب يكاد يكون صاحب اكبر مروحة من التحالفات العابرة للطوائف والجغرافيا، من البيئة الشيعية الى البيئات السنّية والمسيحية والدرزية، خلافاً لما كان يروجه خصومه من أنّه معزول ومحاصر.