كتبت جريدة “الأخبار”:
فور إعلان الرئيس الأميركي، جو بايدن، انسحابه من السباق الرئاسي، سارعت نائبته، كامالا هاريس، التي كانت، طبقاً لمصادر مقرّبة منها، على دراية بأنّ قراره آتٍ، إلى إجراء أكثر من 100 اتصال في أقل من عشر ساعات، مع مشرّعين وحكّام ولايات وقادة مجموعات مدنية وغيرها، وفقاً لما أفاد به مصدر مطلع، شبكة «سي أن أن» الأميركية. وعليه، بدأ الحكام الديموقراطيون وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب وممثلو الولايات يعبرون، واحداً تلو الآخر، وبشكل «منسّق»، عن دعمهم لهاريس، على أمل أن تحصل الأخيرة، بحلول الأربعاء (اليوم)، على دعم غالبية المندوبين، واللازم لضمان ترشيحها للسباق الرئاسي. إلا أنّ هاريس استطاعت بلوغ هذا الهدف قبل الجدول الزمني المحدد، إذ جمعت الغالبية المشار إليها الإثنين، معلنةً أنّها «فخورة بحصولها على الدعم الواسع واللازم لتُصبح مرشّحة الحزب الديموقراطي»، وأنّها تتطلع إلى قبول ترشيحها رسمياً. وبالفعل، أظهر استطلاع غير رسمي للمندوبين، أجرته وكالة «أسوشيتد برس»، أن هاريس حصلت على دعم أكثر من 2500 مندوب حتى الآن، أي أكثر بكثير من عدد 1976 مندوباً، الضروري للفوز بترشيح الحزب في الأسابيع المقبلة.ومن بين العدد الكبير من المسؤولين الذين أيدوا هاريس، كانت لافتة تزكية رئيسة مجلس النواب السابقة، نانسي بيلوسي، لها، لتحلّ محل بايدن على رأس قائمة الحزب الديموقراطي، ووصفها إياها بـ«الذكية والبارعة»، وبـ«بالشخص الأفضل لهزيمة ترامب في الخريف»، بعدما كانت بيلوسي، قد أعلنت، في وقت سابق، أنها تفضل إجراء «عملية تنافسية»، بدلاً من اختيار هاريس بشكل مباشر. وانضمّ إلى بيلوسي، مساء أمس، زعيم الأغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، تأييدهما ترشيح هاريس للرئاسة، بعدما كانا يفضّلان «كسبها» الترشيح عبر «عملية مفتوحة وتنافسية». ولكن الرئيس الأسبق، باراك وباما، لا يزال عند موقفه المحايد لجهة دعم نائبة الرئيس. ومع تعبير معظم خصوم هاريس المحتملين حتى عن دعمهم لها، ورغبة الحزب الديموقراطي في التوحّد حول مرشح قبل انعقاد «المؤتمر الوطني» للحزب الشهر المقبل، لم يظهر أيّ منافس جدّي لمواجهتها بعد، علماً أنّه على أي شخص يفكر في منافستها أن «يتحرك» بسرعة، بعدما قال مسؤولون ديموقراطيون، مساء الإثنين، إن «اللجنة الوطنية» للحزب الديموقراطي تمضي قدماً في عملية ستحدد مرشح الحزب للرئاسة، بحلول 7 آب، أي قبل انعقاد «المؤتمر الوطني» المقرر أن يبدأ في 19 آب.
تتركز الأنظار على اللقاء الذي سيجمع هاريس بنتنياهو هذا الأسبوع في واشنطن
على الضفة نفسها، نجحت هاريس في جمع تبرّعات «هائلة» لحملتها، بلغت 81 مليون دولار، منذ تنحّي بايدن الأحد، وهو رقم قريب من مبلغ الـ95 مليون دولار الذي جمعته حملة الرئيس في شهر حزيران بأكمله. وفي أول خطاب لها في إطار حملتها الانتخابية، هاجمت المسؤولة الديموقراطية، من ديلاوير، ترامب بـ«شراسة»، واصفةً إياه بـ«المحتال»، ومؤكدة أنّه «على مدى الأيام الـ106 المقبلة، سنعرض برنامجنا على الشعب الأميركي، وسنفوز»، مضيفة: «لقد حدثت تقلّبات، وتختلجنا جميعاً الكثير من المشاعر المختلطة حول هذا الأمر. أود فقط أن أقول إنني أحب جو بايدن». كما وعدت هاريس بجعل الحق في الإجهاض في «صلب حملتها الانتخابية». وأخيراً، وفي أعقاب مغادرة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى واشنطن، الإثنين، وإعلان مكتب هاريس أنّ الأخيرة ستلتقي به «هذا الأسبوع»، أصبح مستقبل السياسة الأميركية إزاء الحرب في غزة، في حال فازت هاريس في الانتخابات الرئاسية المقبلة، محط أنظار عدد من المراقبين. وفي حين يرى البعض أنّ عدداً من التغييرات قد تطرأ في حال وصول هاريس إلى البيت الأبيض، باعتبارها مدافعة «أشرس» عن وقف إطلاق النار من بايدن، وبادرت، قبل مسؤولين أميركيين آخرين في الإدارة الأميركية، إلى انتقاد المجازر المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين، يجادل آخرون، في المقابل، بأنه ما من تغييرات فعلية ستطرأ على سياسة هاريس إزاء حليفة واشنطن الأقرب في الشرق الأوسط.
وفي السياق، تنقل صحيفة «وول ستريت جورنال» عن إيفو دالدر، الذي شغل منصب سفير «الناتو» خلال إدارة أوباما، قوله إن نائبة الرئيس ستكون «أكثر ميلاً إلى إيجاد طرق أخرى للضغط على إسرائيل، إذا لم يتحسن الوضع في غزة بشكل كبير». وفي المقابل، قال محلّلون إنّ هاريس، التي تركز على كسب الدعم لترشّحها، سترغب «في الابتعاد عن أي مواجهة مع نتنياهو»، لأسباب ليس أقلها تجنب تعريض نفسها لأي انتقادات بـ«الضعف تجاه إسرائيل»، على غرار تلك التي عانى منها بايدن في الأشهر الماضية. ورغم التغيير الذي طرأ على لهجة هاريس، منذ السابع من أكتوبر، من وصف «حماس» بـ«المنظمة الإرهابية البربرية»، والتعبير عن دعم واشنطن الراسخ لحليفتها، وقتذاك، إلى انتقاد ما وصفته بـ«الكارثة الإنسانية»، والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، لاحقاً، لا يلتمس عدد من المراقبين أي تغيرات «فعلية» في الأفق تجاه إسرائيل.
وفي مكالمة مع الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، في كانون الثاني الماضي، قالت هاريس إن الولايات المتحدة تريد «رؤية شرق أوسط أكثر تكاملاً وترابطاً وازدهاراً»، مكررة مواقف الإدارة الأميركية المعتادة، بما يشمل ضرورة أن «تكون إسرائيل آمنة»، «وألا يكون هناك نزوح قسري للفلسطينيين من غزة»، وتأمين أفق سياسي «مفعم بالأمل» لهم. وفي هذا الإطار، تقول هيلا سويفر، مستشارة الأمن القومي السابقة لهاريس عندما كانت عضوة في مجلس الشيوخ، لوكالة «رويترز»، إنّه لا يوجد أي فرق بين هاريس وبايدن إزاء إسرائيل، فيما اتهم حاتم أبو دية، الرئيس الوطني لـ«شبكة الجالية الفلسطينية – الأميركية»، في حديث إلى مجلة «نيوزويك» الأميركية، هاريس وبايدن، بـ«دعم الإبادة الجماعية» بشكل لا لبس فيه، معتبراً أنّ لا فرق بين الإثنين أو أي مرشح آخر محتمل، لأنّ جميعهم «متواطئون» في العدوان الذي يتعرض له الفلسطينيون.
ومن جهة أخرى، بادرت مديرة جهاز الخدمة السرية الأميركي، كيمبرلي تشيتل، إلى الاستقالة، بعد يوم من إقرارها بأن الجهاز فشل في مهمّته لمنع محاولة اغتيال ترامب. وكانت تشيتل، مديرة الجهاز المسؤول عن حماية كبار الشخصيات الأميركية، تواجه دعوات من الحزبَين الجمهوري والديموقراطي للتنحي، بعدما أصاب مسلح يبلغ 20 عاماً المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية في أذنه اليمنى، خلال تجمع انتخابي في الـ13 من الجاري، في بنسيلفانيا. ورحّب رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، بالاستقالة، معتبراً أنها «تأخَّرَت، كان عليها أن تقوم بذلك قبل أسبوع على الأقلّ. أنا سعيد لرؤية أنها استجابت لدعوة كل من الجمهوريين والديموقراطيين».