قالت صحيفة The New York Times، في تقرير نشرته يوم الإثنين 4 ديسمبر/كانون الأول 2023، إن صاروخاً- يُرجح أن مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية حماس هم من أطلقوه خلال عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023- ضرب قاعدة عسكرية إسرائيلية، حيث يقول الخبراء إن العديد من الصواريخ ذات القدرات النووية التي تمتلكها إسرائيل تتركز هناك، وذلك وفقاً لتحليل بصري لآثار الهجوم أجرته الصحيفة الأمريكية.
صحيحٌ أن الصواريخ النووية ذاتها لم تصب، لكن أثر الصاروخ، الذي أصاب قاعدة سدوت ميخا وسط إسرائيل، تسبب في حريق اقترب من منشآت تخزين الصواريخ النووية والأسلحة الحساسة الأخرى.
في المقابل وحسب “نيويورك تايمز”، لم تعترف إسرائيل قط بوجود هذه الترسانة النووية، لكن المبلغين عن المخالفات الإسرائيليين والمسؤولين الأمريكيين ومحللي صور الأقمار الصناعية يتفقون جميعاً على أن البلاد تملك على أقل تقدير عدداً صغيراً من الأسلحة النووية.
من جانبه أبلغ هانز كريستنسن، مدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، صحيفة The New York Times أنه يقدر أن هناك في هذه القاعدة على الأرجح ما بين 25 و50 قاذفة صواريخ أريحا ذات القدرات النووية. وبحسب الخبراء والوثائق الأمريكية السرية، تحمل صواريخ أريحا الإسرائيلية رؤوساً نووية.
وأوضح كريستنسن، الذي درس القاعدة العسكرية الإسرائيلية، أن هذه الرؤوس النووية يُحتفظ بها على الأرجح في موقع منفصل بعيداً عن القاعدة، ومن ثم لم تخضع لتهديدات خلال الهجوم.
ويعد هذا الهجوم على قاعدة سدوت ميخا، الذي لم يُبلغ عنه من قبل، أول مثال معروف لشن المقاومة الفلسطينية هجوماً على موقع يشتبه في أنه يضم أسلحة نووية إسرائيلية. ولم يتضح ما إذا كان عناصر المقاومة يعرفون على وجه التحديد ما الذي كانوا يستهدفونه سوى أنها ببساطةٍ قاعدة عسكرية، لم ترد حركة حماس، التي أطلقت غالبية الصواريخ التي أطلقت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على طلب للتعليق أرسلته صحيفة The New York Times.
لكن استهداف أحد المواقع العسكرية الأشد حساسية في إسرائيل، يبرهن على أن نطاق هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان أكبر مما عُرف من قبل، وأن صواريخ المقاومة قادرة على اختراق المجال الجوي حول إسرائيل، الذي تحميه حمايةً وثيقةً أسلحة استراتيجية متطورة.
بحسب بيانات الإنذارات التحذيرية، تضمن الهجوم على المنطقة المحيطة بقاعدة سدوت ميخا، سلسلة من الصواريخ التي أُطلقت، على مدى عدة ساعات. ولم يتضح عدد الصواريخ الذي اعترضته منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي، أو عددها الذي نجح في اختراق القبة الحديدية وضرب الموقع، مثلما نجح الصاروخ الذي اكتشفته صحيفة The New York Times.
من جانبه رفض متحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية التعليق على النتائج التي توصلت إليها الصحيفة. لكن إسرائيل يبدو أنها اعترفت بالهجوم واستجابت لتهديد الهجمات الصاروخية على موقع سدوت ميخا. إذ تكشف صور الأقمار الصناعية الحديثة عن سواتر وحواجز ترابية بُنيت حول المواقع العسكرية بالقرب من موقع تأثير الصاروخ، وهي على الأرجح من أجل الدفاع عن الموقع من الشظايا أو حطام الانفجار في حال حدوث هجمات مستقبلية.
في حين استطاعت الصحيفة تحديد النيران التي سببها الهجوم على قاعدة سدوت ميخا باستخدام صور الأقمار الصناعية الخاصة بوكالة ناسا، التي تستهدف اكتشاف حرائق الغابات. لم يكن هناك أي حريق -لأي سبب- بمثل هذا الحجم في القاعدة منذ عام 2004 على أقل تقدير.
سقط الصاروخ في منطقة داخل حدود القاعدة العسكرية، التي تقع على بعد 25 ميلاً شمال شرقي غزة و15 ميلاً غرب القدس، في نحو العاشرة صباحاً. وقد سقط في وادٍ متاخم لمنشأة صواريخ أريحا، ومنظومة رادار كبيرة، وبطارية صواريخ دفاع جوي. وسرعان ما أطلق الانفجار حريقاً في المنطقة النباتية الكثيفة الجافة.
وفي حين أن الصحيفة لم تستطع التأكد مما إذا كانت هناك صواريخ أخرى ضربت القاعدة، فإن صور الأقمار الصناعية المُلتقطة في الساعة الـ10:30 صباحاً، توضح أن الحريق المندلع بالقرب من صواريخ أريحا كان هو الحريق الوحيد في القاعدة.
فيما أظهرت المزيد من صور الأقمار الصناعية الأخرى، التي التُقطت في الساعات اللاحقة للهجوم، الانتشار السريع للنيران وجهود رجال الإطفاء الإسرائيليين لاحتوائها. فقد ظهر ما لا يقل عن طائرتي مكافحة حرائق وخطوط من الطلاء الأحمر المقاوم للحريق بالقرب من الحريق. وفي اليوم التالي، كشفت صورةٌ من صور الأقمار الصناعية أنه جرى شق طرق جديدة وحواجز نيران في الغابة لاحتواء الحريق، الذي أُطفئ على ما يبدو.
بحسب إحدى قواعد البيانات التابعة لجامعة ميريلاند الأمريكية، التي تتعقب الهجمات على المنشآت النووية، فلم يقع في الماضي إلا نحو 5 هجمات معروفة في جميع أنحاء العالم على القواعد التي تحتوي على أسلحة نووية. ولكن بسبب السرية المتأصلة فيما يتعلق بالأسلحة النووية، فربما لن يُعرف أبداً العدد الحقيقي. لكن غاري أكرمان، أحد الباحثين الذين أسسوا قاعدة البيانات، قال إن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول كان فريداً. وأوضح: “هذا شيء لا يحدث كل يوم”.
وبرغم أن الصواريخ التي تطلقها المقاومة من قطاع غزة قد تكون غير دقيقة، فإنه من غير المرجح أن يكون الصاروخ استهدف قاعدة سدوت ميخا بالصدفة. فليست هناك تقريباً أهداف أخرى -باستثناء المنشآت العسكرية الحساسة- في محيط ميلين فقط من موقع تأثير الصاروخ.
ورغم أن الحريق تسبب في حرق نحو 40 فداناً من مساحة القاعدة، فإن الأسلحة والمعدات كانت آمنة. فقد توقف الحريق على بعد نحو 1000 قدم من أقرب منشأة “صواريخ أريحا” محتملة، لكنه اقترب لنحو 400 قدم من منظومة رادار كبيرة مبنية على تل في القاعدة، وذلك بحسب تحليل صور الأقمار الصناعية للصحيفة.
من جانبه نبّه كريستنسن إلى أنه حتى لو وصل الحريق إلى الصواريخ، فإن منشآت تخزينها تحت الأرض كانت مبنية لتحمّل الضرر. لكنه أشار أيضاً إلى أن المخاطر تكمن في وقوع حريق بهذا الحجم بالقرب من وقود متطاير أو مستودعات ذخيرة. وأوضح أن “كل أنواع الأشياء قد تسير على نحو خاطئ”.