نفيان لا ينتخبان رئيسا

كتب البير خوري:
عندما أطلق الصحافي الكبير الراحل ألفرد نقاش عبارته الشهيرة”نفيان لا يبنيان وطناً”، وكان لبنان يدبدب نحو الاستقلال، لم يكن يظن أن هذين النبيين سوف يحولا ،أجلاً أم عاجلاً دون انتخاب رئيس للجمهورية كما يحصل اليوم.
لم تأت عبارة النقاش عبثاً، إنما بعد أن تأكد ان وطناً كما حال لبنان، متعدد الطوائف والأحزاب والتوجهات، عصيٌ على الجمع، منفتح على القسمة،شفافاً وهشاً،ما لم يبادر المسؤولون، الى أي طائفة او حزب انتموا، الى توجيه اهتماماتهم اولاً لبناء مواطن صالح ومسؤول د،متحرراً من العصبية الطائفية والمناطقية والقبلية،كما من المصالح الشخصية والأنانيات الضيقة.. يلتزم الدستور نصاً وروحاً،فلا يجعل من هذا الدستور ورقة بالية،يطويها النسيان حيناً،وفي الغالب يطوّعها بما يخدم مصالحه السياسية والمالية والأمنية.
تتعدّد وتتنوّع في لبنان المتربّع فوق بركان الأزمات والتحديات”لاءات”
النفي لدرجة أن بعضها تكاد تلغي الأخر من الوجود!..
كان أولى بهذه “اللاءات” أن تنهي عن الكذب والرياء والاحتيال والباطل والتلاعب على السياسة والطوائف وتطويع القوانين،اٍن لم يكن الدستور من الصالح العام الى مصالح سياسية وحزبية ومذهبية هي”لاءات” نافية قاطعة تتجلى بأحلى صورها في معركة انتخاب رئيس للجمهورية،يفترض ان تكون وطنية وديمقراطية بامتياز،فاٍذا بها تتحول وللأسف، الى معركة”كسر عضم” بين احزاب طائفية حول الشخص وليس برنامجه الاِنتخابي.صحيح ان جميع القوى تدّعي المطالبة برئيس حيادي،لا يشكّل تهديداً لأي من الأطراف المتنازعة،لكن الواقع المتأزم بالخطابات والمواقف المتشنجة، يؤشّر الى عملية اِقصاء بالنسبة للبعض وتحدّ للبعض الاَخر.
منذ بدء المعركة الرئاسية،ومع تعدّد الأسماء المارونية المطروحة في العلن والسر،تعرّت الأحزاب والطوائف من كل أدبيات الخطاب السياسي،
الهادف والموضوعي.انتهت التصفيات التمهيدية على مرشحين:سليمان فرنجية ابن العائلة السياسية العريقة المدعوم بالمطلق من الثنائي الشيعي،والوزير السابق جهاد ازعور،الخبير المالي والاقتصادي مرشّخ “التيار”و”القوات”
“والكتائب”، ما يعيدنا الى مقولة نقاش”نفيان لا يبنيان وطناً”..فكيف لهذين النفيين ان ينتخبا رئيس جمهورية محايد لوطن يصرّ قادته على”أنا أو لا أحد”؟!
المعركة الرئاسية باتت على بعد أيام قليلة من جلسة الحسم،لكن أيا من الطرفين المتنافسين لم يطرح على مرشحه،ولو مرة واحدة،عن برنامجه القصير والمتوسط والطويل المدى لمعالجة أزمات مستعصية، وقد تزداد استفحالاً في حال فشل البرلمان في اِداء واجبه الوطني الأكثر حساسية،وبالتالي اِخراج بعبدا من الفراغ والمؤسسات من الشلل.
أغلب الظن أن أيا من المرشحين فرنجية وأزعور لا يملك حلولاً، أو أنه سيجلس على كرسي محشوة بالأشواك والقنابل الموقوتة، بحيث يبقى دوره إدارة الأزمة وليس حلّها،او تأجيلها الى ان يقضي الله امراً كان مفعولاً.

Exit mobile version