في حال عُقدت جلسة لمجلس الوزراء اليوم، سيكون على جدول أعمالها رفع سعر تعرفة الاتصالات والإنترنت لـ«إنقاذ القطاع». إذ يفترض أن يُقدّم وزير الاتصالات جوني قرم نموذجين يؤدي كلاهما إلى النتيجة نفسها: زيادة قيمة الفاتورة الشهرية بنحو 5 أضعافبات ثابتاً أن هيئة «أوجيرو» في صدد رفع أسعار خدمات الإنترنت، وقد اعتمدت في هذا الصدد معادلة لرفع السعر 2.65 ضعف السعر الحالي. بالتوازي، يجري العمل على «معادلة» لتطبيقها على القطاع الخلوي الذي يعاني مشتركوه، منذ أشهر، من خدمات رديئة سواء في الاتصالات العادية أو عبر الإنترنت، بحجة تراجع الإيرادات وعدم توافر الدولار الفريش لشراء المازوت وصيانة المعدات. لذلك، بات الجميع مقتنعاً، بمن فيهم وزير الاتصالات جوني قرم، بحتمية زيادة التعرفة للاستمرار في تقديم الخدمات. «فالقطاع الخلوي ينزف: لا مصاريف استثمارية منذ عامين وديون المورّدين على الشركتين المشغّلتين («ألفا» و«تاتش») ترتفع، فيما الإيرادات زادت كثيراً بالليرة اللبنانية إلا أنها مقارنة بسعر صرفها على الدولار قبيل الأزمة انخفضت بشكل كبير»، وفق مصادر في وزارة الاتصالات.
وعلمت «الأخبار» أن وزير الاتصالات جوني قرم سيعرض في جلسة مجلس الوزراء المفترضة اليوم (قد تؤجل بسبب الإضرابات أو في حال تمديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي زيارته لتركيا) دراستين «أوليتين» حول رفع سعر التعرفة في القطاع الخلوي. تستند الأولى إلى استمرار احتساب الدولار على أساس 1500 ليرة، مع رفع الفاتورة 5 أضعاف. أي أن من تبلغ فاتورته الشهرية اليوم 100 دولار يدفعها بالليرة وفق سعر الصرف الرسمي (150 ألف ليرة)، يتعيّن، عليه بعد التعديل أن يدفع 500 دولار (750 ألف ليرة). فيما تحافظ البطاقات المدفوعة سلفاً على قيمتها، مع خفض دقائق الكلام ورزمة الإنترنت بنسبة 80%.
هذا الخيار، وفق ما يقول قرم لـ«الأخبار» «سهل لناحية تعديله ببرنامج»، مشدداً على أن الأرقام «تقريبية وقد تخضع للتعديل». إلا أن المشكلة الرئيسية في هذا الطرح هو الاستمرار في اعتماد سعر 1500 ليرة للدولار، «ما سيؤدي إلى أزمة مماثلة في حال طرأ تعديل في سعر صرف الدولار نزولاً أو صعوداً. أما الطرح الثاني الذي يدعمه قرم، فهو خفض قيمة الفاتورة بنحو 70% مقابل احتساب الدولارات على أساس سعر دولار صيرفة. على سبيل المثال، في حال كانت قيمة الفاتورة اليوم 100 دولار، ستنخفض تلقائياً إلى نحو 33 دولاراً، والنتيجة أن الـ 33 دولاراً وفق سعر «صيرفة» (22100 ليرة للدولار) تساوي 750 ألف ليرة. وفي ما يتعلق بالبطاقات المدفوعة سلفاً، يقترح هذا الطرح رفع سعر الدقيقة وخفض عدد الدقائق والرزمة التي ينالها المشترك بالإنترنت. وبحسب خبير اقتصادي، فإن «هذا الحلّ أفضل لشركتيّ الخلوي اللتين تحولّت كل مصاريفهما إلى الدولار باستثناء رواتب الموظفين المدفوعة باللولار والإيجارات التي تُدفع بالليرة، وهو يضمن معالجة المشكلات المستجدة في الشركتين لفترة لا تقل عن سنتين».
ووفق دراسة أجرتها شركة «تاتش»، باتت الرواتب تشكل 10% فقط من نفقاتها بعد أن كانت تساوي 34% قبيل عامين، فيما تشكّل الإيجارات 3% بعدما كانت 15%. فيما القسم الأكبر من النفقات يُدفع ثمناً للمازوت والصيانة وقطع الغيار بالدولار.
ورغم أن الطرحين، عملياً، يوصلان إلى النتيجة نفسها بالنسبة للمشترك، غير أن الطرح الثاني، وفق الخبير نفسه، «أكثر ملاءمة لخطة الإصلاح وما يريده صندوق النقد لناحية اعتماد سعر صرف منصة صيرفة لا خلق سعر إضافي مواز للدولار يضاف إلى تلك التي ابتدعها مصرف لبنان».
ولضمان توفر الانترنت للجميع، أشار قرم إلى أنه «تجري دراسة بالتشاور مع الشركتين، لاصدار بطاقة قيمتها أقل من 100 ألف ليرة. ويمكن في بطاقة كهذه، أو كإجراء عام، منح دقائق مجانية للمشتركين لأنها لا تكبّد القطاع نفقات بالدولار». أما عدم رفع التعرفة، بحسب الوزير، فسيؤدي خلال أشهر قليلة الى اطفاء المحطات تدريجياً نتيجة عدم توفر قطع الغيار وارتفاع سعر المازوت. «قد لا يتوقف القطاع كلياً، لكن كما في الكهرباء، سنشهد تقنيناً في الاتصالات، بمعنى تشغيل منطقة واطفاء أخرى». وعلى المدى الطويل، «سيؤدي ذلك الى الافلاس، وسنصبح كما مؤسسة كهرياء لبنان، نطالب بسلفة مالية من الدولة بدل رفدها بالايرادات التي تصل حالياً الى نحو 70 مليار ليرة شهرياً».
رفع الفاتورة الحالية 5 مرات أو خفضها واعتماد دولار «صيرفة»
رئيس لجنة الاتصالات النيابية النائب حسين الحاج حسن اعتبر أن «أي رفع للتعرفة يجب أن يكون مرتبطاً بالقدرة الشرائية للمواطن. وأي إجراء خارج تعزيز هذه القدرة، هو زيادة للأعباء على الناس وتحميلهم ما لا يمكن أن يحملوه». وسأل: «كيف يمكن للمشترك أن يدفع خمسة أضعاف ما كان يدفعه من دون اتباع هذا التصحيح في التعرفة بخطة وزارية شاملة أولويتها زيادة الإنتاج وإدخال الأموال إلى البلاد». بالتالي، «وضع سياسة عامة لا يتحمل وزره وزير الاتصالات بل مجلس الوزراء مجتمعاً قبيل ذهابه إلى إجراءات تزيد من الانكماش ومن إفقار الناس عبر رفع فاتورة المياه والكهرباء والخلوي وإصدار قانون الدولار الجمركي ورفع أسعار السلع وغيرها». المطلوب اليوم، وفق الحاج حسن، «إيجاد حلول للناس وليس تكبيدهم المزيد من الأعباء عبر الإمعان في اعتماد السياسات نفسها».
200 شخص يخزّنون 40 مليون دولار من الدقائق
منذ أشهر، مع تزايد الحديث عن رفع سعر الاتّصالات، بادر كثيرون من المشتركين إلى «حشو» هواتفهم بالدولارات، ووصلت قيمة البطاقات المدفوعة سلفاً المتداولة في السوق، بحسب وزير الاتصالات جوني قرم، إلى «رقم خيالي يصل إلى 450 مليون دولار»، ليس معروفاً ما إذا كانت مخزّنة لدى التجار أو لدى المشتركين. وهذه المشكلة، يقول الوزير، «لم نجد لها علاجاً بعد ولا تصوراً لكيفية تطبيق التعديلات عليها».
وتشير إحصاءات إحدى شركتَي الخلوي إلى أن 200 مشترك يخزّن كل منهم في هاتفه الخاص أكثر من 200 ألف دولار، أي أن 200 شخص يحوزون 10% من البطاقات الموجودة في السوق. ثمّة من يرى في هذا الأمر احتكاراً، وثمّة من يبرّره بأنه «إجراء طبيعي نتيجة الخشية من رفع التعرفة». يشير قرم إلى أنه «في حال تطبيق تسعيرة جديدة، يفترض مساواة القديم بالجديد أو إيجاد صيغة ما منصفة وعادلة بين من خزّن دولارات ومن لم يقم بذلك».