أخبار خاصةالاخبار الرئيسية

نجيب ميقاتي: مدرسة في فنّ إدارة الأزمات

كتب المحرر السياسي - خاص

كتب المحرر السياسي – خاص

إنّ ما تعرّض له لبنان من أزمة اقتصادية وماليّة صُنّفت ضمن ثلاث أسوأ الأزمات عالميًا منذ منتصف القرن التاسع عشر، كانت كفيلة بتفكك الدولة اللبنانية من جذورها وتلاشي كل مؤسساتها وإداراتها ولأصبح لبنان في زمن مضى، لولا وجود رجل دولة على رأس الهرم في السلطة التنفيذية يُدعى نجيب ميقاتي. اتّهامات عديدة سيقت في وجهه أبرزها أنّه يتّبع سياسة تمرير الوقت وتقطيع المراحل ونقل الأزمة وعبئها لمن يليه في الحكم، ولكنّ في الحقيقة هي سياسة المرور في حقول ألغام شديدة الانفجار واقتحام بركان من النّار المتفجّر عبر إطفاء بعض الممرات الآمنة عند العجز عن إطفاء وإخماد الحريق بأكمله. ما استطاع نجيب ميقاتي من فعله كرجل دولة بعقلية رجل مال وأعمال في فترة الأزمة يعجز الآخرون عن فعل أقل من ذلك بكثير، ويمكن رؤية ذلك من خلال بعض المؤشرات، منها:

  • لجم الناتج المحلي عن التراجع الكبير: يعتبر الناتج المحلي الإجمالي لأي دولة من اهم المؤشرات على قوّة الاقتصاد وفعاليته. وقد تدهور الناتج المحلي مع بداية الأزمة بشكل مخيف جدّا، وبالعودة إلى آخر تقرير لصندوق النقد الدولي في حزيران المنصرم، فقد ازداد إجمالي الناتج المحلّي الإسمي من 20.5 مليار دولار في العام 2021 إلى 21.8 مليار دولار في العام 2022. وبلغت نسبة التغيّر في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في العام 2019 ما قبل الأزمة – 6.9% ليزداد هذا الانكماش في العام 2020 إلى 25.9% أي تقلّص أكثر من ربع حجم الاقتصاد، ويصل هذا الانكماش إلى 10%، أي في عامين خسر الاقتصاد حوالي 36% من قيمته. ولكن في العام 2022 وصلت نسبة الانخفاض إلى صفر% أي نسبة أفضل مما كان عليه قبل الأزمة، وهذا دليل على تحسّن إيجابي في أهم مؤشر اقتصادي وهو الناتج المحلي الحقيقي. وتشير تقديرات صندوق النقد للعام 2024 إلى انكماش بنسبة 0.5% بمعنى استقرار نسبيّ للناتج المحلي. وقد أكّد على ذلك أيضّا تقرير البنك الدولي في تقريره الصادر في أيار الماضي حيث قال التقرير بالحرف: “تباطأت وتيرة التراجع الاقتصادي في لبنان في عام 2022”.
  • لجم التدهور النقدي: منذ نهاية آذار الماضي ويشهد سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار استقرارًا نسبيًّا يتراوح بين 91,000 إلى 94,000 ليرة للدولار بعد أن تخطّى حدود 145,000، وبالتالي التخفيف من تداعيات الانهيار النقدي على المستوى المعيشي والاجتماعي.
  • حماية موظفي القطاع العام من الانهيار التّام: بعد أن فقد موظفو القطاع العام بكلّ مسمّياتهم المدنيّة والعسكريّة أكثر من 98% من قدرتهم الشرائيّة، وفي ظل غياب أيّ إمكانيات عن تنفيذ سلسلة رتب ورواتب جديدة وما تنتجه من تضخّم بسبب اللجوء إلى طبع أكثر لليرة، تم تقديم بعض المساعدات والمنافع الاجتماعيّة إلى هؤلاء بحيث تدعم ولو بشكل جزئي من قدرتهم الشرائيّة، بل وتم الدفع بالدولار وفق سعر صيرفة معيّن.
  • التحسّن في استهلاك الشعب اللبناني: وهذا ما نلمسه واقعًا مُعاشًا يُرى بالعين المجرّدة لا يحتاج إلى تقارير من منظّمات دولية لاحتسابه، بل نلاحظ ازديادًا في مستوى الترفيه عند فئات عديدة من الشعب، وبالتالي إسقاط نظرية الجوع والمجاعة التي سيتعرّض لها الشعب اللبناني.

يكفي نجيب ميقاتي أنه رجل دولة مقدام، يواجه الأزمات باجتراح الحلول التي تتناسب مع مقدّرات الدولة وظروف الأزمة وحيثياتها وبذلك إن أصاب فله أجر وإن أخطأ فله أجران، وهو لا يتهرّب من مسؤولياته كما تفعل بعض القوى السياسيّة والتي هي في موقع الحُكُم أيضًا.

زر الذهاب إلى الأعلى