نتنياهو يسعى من توسعة الحرب لوضع معادلة الجنوب مقابل الشمال لتطمين المستوطنين
هوكشتاين جاء إلى تل أبيب لهندسة التصعيد بعد الفشل الأميركي في منع الحرب الواسعة
كتب حسين زلغوط في “اللواء”:
وضع مسرح المواجهات في الجنوب بين «حزب الله» والعدو الإسرائيلي تحت المجهر الداخلي والدولي في ضوء ارتفاع منسوب التهديدات التي يطلقها بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني بتوسعة الحرب مع لبنان ظناً منه ان ذلك سيعطي تطمينات لسكان مستوطنات الشمال ويشجعهم على العودة، حيث يقال ان الزيارة التي قام بها المبعوث الأميركي اموس هوكشتاين الى تل أبيب لم تنجح في تحقيق الغاية المرجوة منها وهي لجم اندفاعة إسرائيل نحو توسيع حربها على حزب الله، فعلى الرغم من نصائح المبعوث الأميركي بعدم تصعيد المواجهات، أصرّ نتنياهو على أن إسرائيل لن تعيد السكان إلى «الشمال» من دون تغيير الوقائع العسكرية، أما وزير الأمن يوآف غالانت فقد اعتبر أن خيارات الحل الديبلوماسي تلاشت ولم يبقَ إلّا خيار القوة العسكرية، وهذه المواقف ان دلّت على شيء فانها تدلّ على ان هوكشتاين فشل في مهمة «اللجم» وهو نبّه الى ان نتائج هذه المواجهة ستكون كارثية على لبنان وإسرائيل والمنطقة، وقد سبق هوكشتاين الى هذا التحذير المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي الذي حثّ إسرائيل على عدم التوسع في الحرب لأن نتائجها ستكون كارثية على الجميع.
من هنا يبدو اننا سنكون أمام شهرين عصيبين وخطيرين، حيث يتوقع أن يقدم نتنياهو في المدة الفاصلة عن الخامس من تشرين الثاني المقبل موعد حصول الانتخابات الأميركية الى تصعيد الوضع الميداني في الجنوب وهو ربما يلجأ وفق المعلومات الى تصعيد عسكري متدرج يأخذ شكلا أفقيا، بحيث يخلق منطقة محروقة ومدمرة بشكل شبه كامل، محاولا وضع معادلة الجنوب مقابل الشمال، بمعنى ان النازحين من قرى الجنوب يعودون الى مناطقهم بالتزامن مع عدوة المستوطنين الى مستوطناتهم، وهو يعتقد انه من خلال هذا العمل المتهور سيؤمّن الأمن والآمان للمستوطنين، متجاهلا ان أعداد هؤلاء سيزداد أضعافاً مضاعفة، كون ان خطوته هذه لن تكون نزهة وان المقاومة متيقظة لكل السيناريوهات التي يمكن أن تخطر ببال نتنياهو ومعه المؤسسة العسكرية التي تحاول الهروب من هذا الخيار لاعتبارت تدركها هي جيدا ومنها ان غالية الجيش أنهكته حرب غزة وهو متعب الى أبعد الحدود، ناهيك عن قدرة المقاومة في مواجهة أي هجوم مهما كان نوعه وحجمه.
ويبدو ان هوكشتاين حوّل مهمته التي كانت قائمة على ثني إسرائيل عن مجرد التفكير بتوسعة الحرب مع لبنان، الى مهمة هندسة التصعيد الذي يلوّح به نتنياهو بحيث تبقى المواجهات في دائرة قواعد الاشتباك مع إدراكه بأنه يمكن معرفة كيف تبدأ الحرب لكن ما من أحد يستطيع معرفة الى ما ستنتهي إليه، ولا سيما أن «حزب الله» الذي يمتلك ترسانة صاروخية غير معهودة لن يترك إسرائيل تسرح وتمرح في أي بقعة في الجنوب مهما كان حجمها، وهو لن يتواني في تغيير قواعد الاشتباك في ما لو فرض الواقع الميداني ذلك.
ان إسرائيل قد تلجأ الى عمل عسكري على مساحة واسعة في الجنوب، غير انه مهما حصل لن يحقق ذلك أي من أهداف نتنياهو، وان التكلفة ستكون باهظة على المستوى الإسرائيلي في ظل التخبط السياسي الموجود، والاهتراء العسكري، والانهيار الاقتصادي الذي بلغ الذروة، كما ان جيش العدو الإسرائيلي الذي خبر معنى الغرق في رمال غزة، سيحسب ألف حساب قبل الإقدام على اجتياح بري لقرى جنوبية، ولا سيما ان تضاريس الجبال والأودية والمغاور الموجودة الى جانب الترسانة الصاروخية والقدرة القتالية لعناصر المقاومة، ستمنعه من تحقيق هدفه الذي سبقى مجرد أضغاث أحلام.
وفي هذا السياق، يرى مصدر وزاري ان نتنياهو المحشور في الزاوية من غير المستبعد أن يقدم على مغامرة الحرب الواسعة التي ستكون بالنسبة الى إسرائيل مكلفة جدا على كل المستويات، وان العمق الإسرائيلي لن يبقى في منأى عن مسيّرات المقاومة وصواريخها، فالصاروخ اليمني الذي وصل الى محاذاة مطار بن غوريون يوجد منه الكثير إضافة الى صواريخ أخرى ستفاجئ ليس تل أبيب وحسب بل العالم بأسره.