نبيه بري لن ينحني!
صدرت في الآونة الأخيرة تهديدات لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري من أحد أعضاء الكنيست الإسرائيلي تبعتها توقعات يُمكن تصنيفها في خانة “التهديدات” له، بالتماهي مع مناخ الاغتيالات المحمومة التي نفذتها إسرائيل ضد قادة المقاومة ولا سيما سماحة الشهيد الكبير السيد حسن نصرالله.
واللافت للانتباه أنه غداة التهديدات الموجهة إلى رئيس المجلس، إنبرى الإعلام العبري (القناة 13) إلى إطلاق تسريبات موازية بلسان وزيرة المواصلات الإسرائيلية ميري ريغيف تقترح بموجبها “اغتيال رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي”، وذلك في سياق النقاشات التي شهدتها الحكومة الإسرائيلية بشأن كيفية الرد على استهداف نافذة غرفة نوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيسارية بإحدى ضواحي تل أبيب. بالطبع لا تهدف هذه “التهديدات” إلى نصح لا الرئيس بري ولا الرئيس ميقاتي بالحفاظ على سلامة كل منهما، ولا هي تأتي من جهات حليفة وصادقة بل من جهات معادية وأخرى تحوم حولها علامات استفهام. وفيما يخص رئيس المجلس، وتحديداً ربطاً ببعض الضربات الإسرائيلية المنتقاة في الجنوب وضاحية بيروت الجنوبية، فإن هدف هذه التوقعات -التهديدات هو الضغط على رئيس المجلس لتغيير مواقفه من المشاريع المطروحة لتسوية الأزمة. كان الرئيس بري وما يزال مصراً على تطبيق قرار مجلس الأمن الرقم ١٧٠١ بحذافيره.
أي بما يضمن احترام سيادة لبنان وعدم خرق أجوائه ومياهه الإقليمية وعودة النازحين فوراً إلى مدنهم وقراهم وانسحاب إسرائيل إلى الحدود المعترف بها دولياً وفقاً لاتفاقية الهدنة للعام ١٩٤٩ (من هنا موقفه الرافض لترسيم الحدود البرية باعتبارها مرسمة في العام ١٩٤٨ وما على إسرائيل إلا احترام خط الحدود والانسحاب إلى جنوبه). ويترافق ذلك مع تطبيق البند المتعلق بإنشاء منطقة بين الخط الأزرق الحدودي ونهر الليطاني تكون خالية من السلاح والمسلحين، وهذه البنود هي كل واحد متكامل وغير قابلة للتجزئة. أما ما يرمي إليه المتوقعون – المُهدّدون من احتمال الضغط عليه لتعديل القرار ١٧٠١ أو إضافة بنود أمنية اخضاعية، فهو لن ينفعهم لأنهم أمام شخصية تتمسك بموقفها ولا تحيد عن الحق وقبل كل شي لا ترضخ للتهديد. نتذكر منذ نحو ٤٠ عاماً، وتحديداً في ٦ شباط /فبراير١٩٨٤ عندما انتفض الرئيس بري وإخوانه في حركة أمل والأحزاب الوطنية اللبنانية ضد سلطة لبنانية ظالمة.
يتولى الرئيس بري دعم الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي في خضم إدارة أصعب أزمة خطيرة غير مسبوقة يواجهها لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية في مطلع تسعينيات القرن الماضي. هي ليست بأزمة. الأصح القول في مواجهة حرب إبادة يخوضها نتنياهو وعسكره وطائراته لأجل تدمير القرى والبلدات في الجنوب والبقاع وتدمير الضاحية الجنوبية تحت عنوان “ضرب مخازن حزب الله”، في الوقت الذي تخرج فيه يومياً مئات الصواريخ من عمق الجنوب وقرى الحافة الأمامية لتصيب الداخل الاسرائيلي، وهذا يثبت أن الهدف من ضرب الضاحية هو استهداف المدنيين بعنف ووحشية لتأليب الرأي العام على المقاومة وإخضاع الدولة اللبنانية والشعب اللبناني لشروط نتنياهو المذلة. في هذا السياق، لا بد من القول للبنانيين: ساعدوا الرئيس بري وأنصفوه وضعوا ثقتكم بمن وضعت المقاومة ثقتها به فهو ليس من الصنف الذي يرضخ للأساطيل والجيوش ولا للألاعيب والخدع السياسية والدبلوماسية.