كتب ميشال نصر في “الديار”:
لا يختلف اثنان على ان تعقيدات تشكيل الحكومة باتت واضحة، لا شيء مخفي فيها وحولها داخليا وخارجيا، في ظل “اللعب عالمكشوف” الذي يمارسه المعنيون بشكل غير معهود، ما يطيح كل الاجواء الايجابية، التي يحاول البعض التسويق لها خلافا للوقائع الفعلية المحلية الصنع، وعقدها الناتجة من المعايير المتفاوتة المعتمدة، والقواعد غير المنصوص عليها في الدستور.
زاد من طين هذا الداخل بلّة الخارج ورسائله، تحديدا الاميركية منها، حيث الدعوات لحكومة غير تقليدية، يفرضها مسار الاحداث الاقليمية والدولية، وتحدياتها.
وسط هذا المشهد، الحزم “القواتي” مستمر على حاله، في ظل تململ القواعد الشعبية المسيحية بكل اوجهها، واعتراض سني غير مسبوق. اما على الضفة الاخرى، فيرمي الثنائي “امل” – حزب الله كرة التعطيل في ملعب غيره، رغم ان المشهد اوسع من ذلك، اذ وفقا لمصادر ديبلوماسية، يجب ان تكون الصورة قد باتت واضحة لدى الرئيسين، عدّة الشغل القديمة لن تقدّم صورة جديدة ولن تفي بالغرض، وتجربة حسان دياب لن تتكرر، لذلك الموضوع ليس وقفا على حزب الله وحده، بل كل الطبقة التي شاركت لسنوات في ارتكابات اوصلت الامور الى ما اوصلت اليه، مشيرة الى ان الكرة في ملعب العهد.
وسط هذا المشهد، تتضارب المعلومات لدرجة التناقض، تحديدا حول موعد صدور مراسيم تشكيلها. فواشنطن ترغب بصدورها قبل اجتماع ترامب – نتانياهو الثلاثاء بعد الظهر بتوقيت بيروت في واشنطن، ليبنى على الشيء مقتضاه في ما خص ملف جنوب لبنان، في ظل تأكيد المستوى العسكري “الاسرائيلي” مدعوما من اليمين ومستوطنو الشمال، البقاء في نقاط حساسة واستراتيجية داخل الاراضي اللبنانية، كضمانة وحيدة لعودة المستوطنين، التي تشكل تحديا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا لـ “اسرائيل”، خصوصا ان البيان الوزاري لن يكون مهما من وجهة نظر اميركية، في حال لم تلب التركيبة الحكومية المطلوب.
اما النقطة الثانية، فهي تقاطع اميركي – لبناني لاستباق زيارة الموفد السعودي الامير يزيد بن مرحان الى بيروت، والضغوط التي قد يمارسها، في ظل الاختلاف الآخذ في الاتساع بين واشنطن والرياض حول ملفات المنطقة ومنها لبنان، وكذلك على خط واشنطن – باريس في ما خص الجزء المتعلق بالقرار ١٧٠١ وآلية تنفيذه، واتهامات الام الحنون للعم سام، بتهميشها داخل خماسية مراقبة اتفاق وقف النار، نزولا عند رغبة “اسرائيل”.
هذا الاختلاف في وجهات النظر حول توقيت الولادة، يبقى في كل الاحوال عالقا عند عقد التأليف من جهة ثانية، التي ما ان تحل واحدة حتى “تفرخ” اخرى، اذ ان الحل على الخط الشيعي، ورط لبنان بمواجهة لن تعرف نتائجها، مع اعتبار واشنطن ان تجاهل الرسائل التي نقلتها كل من السفيرة الاميركية في بيروت، ونائبة المبعوث الاميركي الى المنطقة، فضلا عن تصريحات مستشار الرئيس ترامب للشؤون الشرق اوسطية والعربية للمرة الثانية، يشكل تحديا واضحا للادارة الجمهورية، كان سبق وحذرت منه، ما قد يدفع الامور الداخلية بكل مستوياتها الى مرحلة من التصعيد، قد يكون اقله رفع القوى المسيحية غطاءها عن العهد.
وهنا ترى مصادر سياسية لبنانية نقلا عن اوساط نيابية “تغييرية” و”ثورية”، ان المشكلة المسيحية تحولت الى تضارب في المطالب بين رئيس الجمهورية و “القوات اللبنانية”، ذلك ان ما تطالب به معراب من حق “منطقي” بحقيبة سيادية، حله في بعبدا المصرة منذ البداية على حصر الحقائب السيادية المسيحية بحصتها.
يضاف الى كل ذلك ان الاشكالية السنية انتقلت من سياسية الى مناطقية بيروتية – شمالية، وسط خشية متزايدة لدى اكثر من تكتل سني من عدم وفاء الرئيس المكلف بتعهداته لهم، وسط رغبة الجميع، بان يكون لهم حصص بالتساوي في وزير الداخلية.