الاخبار الرئيسيةمقالات

موسم الإنتخابات البلدية في لبنان.. محاصصات عصبيات بين العائلي والحزبي

موسم الإنتخابات البلدية في لبنان.. محاصصات عصبيات بين العائلي والحزبي

كتب شوقي سري الدين:

إنها المرة الأولى في حياتي حيث تثنى لي ان اكون متواجد في لبنان لاشارك واعيش تجربة الإنتخابات البلدية في قريتي الواقعة في قلب جبل لبنان بعد غربة طويلة ولكن متقطعة لأني كنت أزور من حين إلى آخر ولكن لم يكن لي الحظ أن اتواجد في وقت الإنتخابات البلدية.

كنت اسمع من الاهل والأصدقاء عن المناكفات والخلافات والعداوات التي تحصل خلال هذه المناسبة ولكن لم أكن قادر على فهم أسباب وتفسير سر هذه الظاهرة لأني لم اجربها واعيشها بنفسي وكنت استغرب لأن البلدية هي شأن انماءي يعني خدمة عامة لجميع مكونات المجتمع فعلى ماذا الخلافات والعداوات ؟

هذه السنة وبعد التطورات والمتغيرات السريعة التي حدثت والتي على اثرها تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وكذلك رئيس وزراء وتشكيل حكومة جديدة قررت الدولة أن الانتخابات البلدية سوف تكون في موعدها بعد أن كانت مؤجلة لأجل غير مسمى. بدأت تتحرك معها التحضيرات والاجتماعات بين الفئات المتخاصمة والمتنافسين على الرئاسة والمقاعد البلدية في جميع البلدات والقرى اللبنانية وبدأت التحالفات تأخذ أشكالها المختلفة بحسب المكونات السكانية لكل منها وجميعها مبني على عصبيات وهمية وليس على شأن انماءي يعني خدمة المجتمع.

هناك قرى ذات تنوع طائفي مع تنوع عاءلي وأخرى ربما تنوع مذهبي أيضأ وبعضها ذات تنوع عاءلي فقط.

في قريتي هناك تنوع طائفي وعاءلي، فيبدأ البازار بطرح المحاصصة الطائفية وهي ام العصبيات في لبنان وبعدها تنتقل إلى العصبيات العاءلية داخل كل طائفة ومن ثم تتفرع مرة أخرى الى الجب داخل العاءلة الواحدة ومن ثم داخل الجب الواحد صراع بين أبناء العموم “ليش انت مش انا” وهكذا.

التقاتل ليس على مكاسب مادية لأن قريتنا لا تمتلك مداخيل كبيرة والتمويل الحكومي شبه معدوم هذه الأيام فبالتالي إمكانية الانتفاع المادي ضئيل فأصبح العمل البلدي خدمة عامة شبه مجانية.

المحرك الأساسي للانتخابات البلدية في لبنان هي العصبيات الوهمية التي تكون على حساب المصلحة العامة التي يمثلها العمل البلدي كنشاط تنموي يخدم المجتمع.

كما أن هناك ظاهرة أخرى مرطبة ارطبات وثيق بهذه المناسبة وهي العلاقات الفردية. ينتظر بعض الناس موسم الإنتخابات البلدية كمناسبة لتفريغ غيظهم وغضبهم على بعضهم البعض وهذا أمر غريب لآ أستطيع فهمه.

بالعودة إلى موضوع المحاصصات والعصبيات هذا ليعطينا فكرة عن مستوى ثقافة المواطنة في لبنان ومستوى الوعي للمصلحة العامة فبدلا ان يكون الاهتمام والغاية بأن تأتي بأشخاص كفوءين وقادرين على العطاء والخدمة العامة بغض النظر عن انتماءاتهم يكفي فقط أن يكونوا من أبناء القرية تاني بأشخاص لترضي الفرقاء المتخاصمين قد يكونوا كفوءين وقد لا يكونوا .
قريتي مصغر عن لبنان وثقافتها مصغر عن ثقافة لبنان هذا يعيدنا إلى المثل اللبناني القديم ” الثلم الأعوج من الثور الكبير ” والثور الكبير هنا النظام السياسي اللبناني القائم والمشجع على العصبية والمحاصصة الطائفية والمسؤؤلة عن ثقافة المواطنة في لبنان.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى